مقالات

Author

ضرورة تحديد منهج البحث في موضوعات (الفلك والأهلَّة)

|
من أهم أسس أي حوار أو بحثٍ ناجح ـ إضافة إلى تحرير محل النزاع ـ تحديد المنهج الذي يتَّبعه الباحثون أو المتحاورون؛ فذلك يضمن وضوح الطريق الذي يسيرون فيه، والأسس التي يحتكمون إليها عند الخلاف، وعدم التناقض في الموضوع الواحد بالتَّنقُّل بين عدة مناهج. لذا فقد اهتم سلفنا الصالح بهذهِ القاعدة اهتمامًا عظيمًا، لا سيما في مجالِ المناظرات والمناقشات. والبحث في موضوع (الفلك والأهلَّة) مما ينبغي ضبط منهج البحث والحوار فيه، ويمكن الحديث عنه في هذه المقال من خلال المسألتين التاليتين: المسألة الأولى: حساب فلكي أم رؤية؟ على الرغم من بدهية الإجابة عن هذا التساؤل عند الكثيرين، إلا أنَّ الإشكالية تظهر في التطبيق العملي، وسأكتفي في هذا المقال بالإشارة إلى نقطتين: النقطة الأولى: من المعلوم أنَّ لتحديد بدايات الشهور القمرية طريقتين: إثباتها عن طريق (رؤية الهلال)، وإثباتها عن طريق (الحسابات الفلكية)، وقد أخذت غالبية الهيئات الشرعية في العالم الإسلامي (برؤية الهلال) طريقًا لإثبات أول الشهر، عملاً برأي جمهور أهل العلم في هذه المسألة. أما علماء الفلك: فقد جَرَت عادتهم على توضيح البيانات الخاصة بحركة القمر، وولادته، وإمكانية الرؤية، وغير ذلك، ثم النصّ على أنَّ من كان يأخذ بالرؤية فستكون بداية الشهر بالنسبة له يوم كذا، ومن يأخذ بالحساب فستكون بداية الشهر يوم كذا، دون تدخلٍ في إثبات دخول الشهر شرعًا، وترك ذلك للجهات المُخوَّلة بها. فالموقف من الرؤية أو الحساب محسومٌ لدى الجميع قبل الترائي، لكن هل يستمر الأمر كذلك في أثناء المناقشات والردود؟ بالعودة إلى هلال شهر شوال لهذا العام 1432هـ: فقد أبدى علماء الفلك اعتراضهم على شهادة الشهود برؤية هلال شهر شوال في مناطق يحكم علم الفلك بعدم إمكانية الرؤية فيها نظريًا، ولم تتمكن الأجهزة العلمية من رؤيته فيها تطبيقيًا. ثم كان من أبرز الرُّدود على علماء الفلك مقولة من قال: ''كان الهلالُ في مساء يوم الثلاثاء 2/10 مرتفعًا في السماء، وكبيرًا، مما يدل على أنَّه ابن ليلتين، وفي المنزلة الثانية من منازله، مما يدعم أقوال الشهود بأنَّهم رأوه، ويردُّ مزاعم الفلكيين بالتشكيك في صحة شهادة الشهود''، وقيل مثل ذلك ليلة (إبدار القمر). والحقيقة: أنَّ هذه العبارة التي تكرَّرت مرارًا فيها انتقالٌ من (منهج الرؤية) إلى (منهج الحساب) دون أن يدري أصحابها، وبيان ذلك كما يلي: قرَّر علماء الفلك في كثيرٍ من المناسبات والتصريحات أنَّ هلال شهر شوال موجودٌ في سماء الدول العربية يوم الإثنين 29 رمضان 1432هـ، لكنَّ ظروف وجوده: من قربٍ من سطحِ الأرض في الأفق، وقربٍ من الشمس، وغروبٍ مع الشمس في بعض البلدان، وغيرها، تمنع من رؤيته، لكنه موجود بالفعل. كما قرَّروا أنَّ الأجهزة الفلكية تمكنت من رصد مكان الهلال وتحديده، دون التمكُّن من رؤيته، إذ القمر موجود، لكن لا يمكن رؤيته، فعلماء الفلك لم ينفوا (وجود القمر) بل نفوا (إمكانية رؤيته)، وشتان بين الأمرين، فليس كل موجودٍ مرئيا. وعليه: فإنَّ القول إنَّ القمر كان في مساء الثلاثاء في المنزلة الثانية من منازله: ليس دليلاً على وقوع الرؤية، بل دليلٌ على صحة حسابات الفلكيين بأنَّ القمر كان موجودًا مساء الإثنين، وقد يصلح دليلاً لمن يقول بالأخذ بالحساب الفلكي، وإن لم يكن هناك رؤية! النقطة الثانية: استدلَّ بعض من ردَّ على تشكيك الفلكيين في شهادة الشهود بأنَّ الفلكيين متناقضون في أقوالهم وأفعالهم، إذ إنَّهم يُعلنون عن عدم إمكانية رؤية هلال شهر شوال يوم الإثنين 29 رمضان، وإنَّ الأول من شوال ينبغي أن يكون يوم الأربعاء 31 آب (أغسطس)، بينما يجعلون الأول من شوال في تقويم أم القرى هو يوم الثلاثاء 30 آب (أغسطس)، فأيُّ تناقضٍ هذا؟ وبأي أقوال الفلكيين نُصدِّق؟ وللإجابة عن هذا الاعتراض: ينبغي التوقف عند معرفة الأسس التي أقيم تقويم أم القرى على أساسها: عندما بدأ التفكير في وضع تقويمٍ ثابت يعتمد عليه الناس في معاشهم، وفي تأريخ ما يحتاجون إليه من أمور حياتهم الماضية أو الحاضرة أو المستقبلية: قامت لجنة التقويم (ومن أعضائها فلكيون من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية) بوضع العديد من الضوابط، ومن أهمها: أنَّ تقويم أم القرى هو تقويمٌ حياتي (مدنيٌ) يعتمد على حسابات فلكية مُعينة يُراعى فيها وجود القمر، بغض النظر عن إثبات رؤيته شرعًا؛ وذلك لضرورة وجود تقويم ثابت مستقر معروف للناس يستطيعون تحديد أعمالهم بناءً عليه؛ لذا فإنَّ جميع القرارات في السعودية وفي العديد من الدول الإسلامية تصدر بالتأريخ بتقويم أم القرى، ويكون الالتزام فيها بالتواريخ المُحدَّدة في التقويم، وإن اختلفت حقيقةً في بعض الشهور بسبب إثباتها عن طريق المحكمة الشرعية، كشهر رمضان، وذي الحجة. فتقويم أم القرى لا يعتمد على (رؤية الهلال) بل على (وجود القمر) وفق ضوابط محددة. أما بداية الشهور الشرعية: فالمرجع فيها إلى الجهات الشرعية كالمحكمة العليا. فقول علماء الفلك إنَّ يوم الأربعاء هو الأول من شهر شوال: مبنيٌ على أنَّ الهيئات الشرعية لا تأخذ بالحساب بل بالرؤية، لذا فإنَّ تصريحاتهم وبياناتهم كانت توضِّح هذين المنهجين المختلفين، كتصريحات فلكيي (مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية) و(المشروع الإسلامي لرصد الأهلَّة) والتي تنص على أنَّ: (الأربعاء 31 آب ''أغسطس'' أول أيام عيد الفطر المبارك حسب الرؤية، والثلاثاء 30 آب ''أغسطس'' للحسابات الفلكية). فلا تعارض في بيانات الفلكيين؛ وإنما هما منهجان مختلفان، ولكل منهجٍ منهما أدواته ووسائله المختلفة. المسألة الثانية: شهرٌ محلي أم عالمي؟ لأهل العلم في اتفاق البلدان أو اختلافها في بدايات الشهور القمرية ثلاثة أقوال: 1_ تحديد كل بلد لأشهره على حدة، بغضِّ النظر عن البلدان الأخرى. 2_ اتفاق كل مجموعة من البلدان المُتقاربة في بدايات الشهور. 3_ اتفاق جميع بلدان العالم واتحادها في دخول الشهور القمرية. ويتناول أهل العلم هذه الأمور بالبحث تحت عناوين (البلدان التي تتفق في جزءٍ من الليل)، و(اختلاف المطالع)، ولكلِّ قول تفصيلاته وأدلته التي يطول الحديث عنها. وتنتهجُ غالبية البلدان الإسلامية - ومنها السعودية - منهج إثبات شهري رمضان وشوال في بلدها محليًا بغض النظر عن إثباتها في البلدان الأخرى، وقد تخضع تلك المسألة في بعض السنوات لاعتبارات معينة فتتفق بلدان مع بعضها، وقد تختلف. والمهم في هذه المسألة: أنَّ من يأخذ بقولٍ من أقوال أهل العلم السابقة ينبغي أن يقتصر عليه، ويلتزم به، لا أن يتنقَّل بين هذه الأقوال لدعم ما يذهب إليه: فبالعودة إلى إثبات شهر شوال لعام 1432هـ، وما حصل فيه من تساؤل علماء الفلك عن دقة شهادة الشهود: ردَّ عليهم البعض بأنَّ هناك تناقضًا بين الفلكيين: ففريق يزعم أنَّ الهلال لا يُمكن أن يُرى، وفريقٌ يزعم أنَّ الهلال يمكن أن يُرى في عددٍ من البُلدان، وهذا _ برأيهم _ دليلٌ على تناقض الفلكيين، وعدم دقة حساباتهم، وبالتالي صحة شهادة الشهود. والحقيقة: أنَّ هذا الأمر غير صحيح: فبالرجوع إلى بيانات ترائي الهلال ليلة التَّحري يمكن ملاحظة أنَّ الهلال يمكن أن يُرى في بُلدانٍ مُعينة من العالم، بينما لا يُمكن أن يُرى في بلدانٍ أخرى، حسب البيانات التالية: 1_ رؤية الهلال مستحيلة في غالب مناطق (أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا) بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس أو بسبب حصول الاقتران السطحي بعد غروب الشمس. 2_ رؤية الهلال ممكنة باستخدام التلسكوب فقط في بعض مناطق (أمريكا اللاتينية، وجنوب إفريقيا). 3_ رؤية الهلال ممكنة باستخدام التلسكوب في بعض مناطق (أمريكا الجنوبية)، ومن الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة في حالة صفاء الغلاف الجوي التام والرصد من قبل راصد متمرس. 4_ رؤية الهلال ممكنة بالعين المجردة في (جنوب أمريكا الجنوبية). 5_ رؤية الهلال غير ممكنة بالعين المجردة أو بالتلسكوب في المنطقة الممتدة من (وسط أمريكا الشمالية، إلى معظم شمال ووسط إفريقيا، والشرق الأوسط، وأواسط آسيا وجنوبها) على الرغم من غروب القمر بعد غروب الشمس ومن حصول الاقتران السطحي قبل غروب الشمس، وذلك بسبب قلة إضاءة الهلال أو بسبب قربه من الأفق، وذلك كما هو موضح في الخريطة. سبب اختلاف الرؤية بين البلدان يعود اختلاف إمكانية رؤية الهلال بين بلدان العالم إلى عوامل فلكية بحتة، منها: طبيعة شكل الأرض، وكيفية دورانها، وميل محورها، وكيفية حركة القمر حول الأرض، وشروقه عليها، وغيرها، وهي أمور في غاية الأهمية والدقة، وليس هذا مجال بسطها. وعليه: فإمكانية رؤيةُ الهلال في بلدٍ أو مكانٍ ما لا يستلزم إمكانية رؤيته في مكان آخر بإطلاق، وليسَ لأحد أن يؤكد إمكانية رؤية الهلال أو عدمها قياسًا على إمكانية رؤيته في بلدٍ آخر، إلا بمعرفة الاتفاق أو الاختلاف بين هذه البلدان في ذلك. وأخيرا فإنَّ العديد من الخلافات والأخطاء التي تحدث أثناء مناقشة موضوعات (الفلك والأهلَّة) يمكن القضاء عليها أو التخفيف منها بدرجةٍ كبيرة بالتزامٍ منهجيةٍ واضحةٍ مُحددة في تناولها، لا تناقض فيها ولا اختلاف.
إنشرها
Author

سياسة الاحتكار .. من المسؤول؟

|
لوقت طويل يحاول التجار تعظيم ثرواتهم عن طريق الدخول إلى هياكل سوقية مختلفة، حيث يتصرفون تماما وفقا للحاجات والتحديات التي تواجه السوق. الاحتكارية في السوق واحدة من هذه الهياكل السوقية التي تعمد فيها الشركة المحتكرة إلى إنتاج سلعة أو خدمة لا يوجد لها بديل قريب وتكون هذه الشركة أيضا محمية بحاجز يمنع الشركات الأخرى من بيع تلك السلعة أو الخدمة. ولعل أهم العوامل التي تدعم الاحتكار هي عدم وجود البديل المناسب الذي يلغي الاحتكار أو وجود حواجز مختلفة تمنع الشركات الأخرى من دخول سوق الشركة المحتكرة، وأيا كانت الأسباب فإن النتيجة هي خسارة للطرفين المنتج والمستهلك. ولعلك أخي القارئ تتساءل: كيف للمنتج أن يخسر وهو من يتحكم في السعر؟ الجواب يكمن في أن المنتج خسر شريحة كبيرة من السوق، حيث إنه تعمد عدم الوصول إلى نقطة التعادل بين العرض والطلب، حيث السعر العادل لأي سلعة. وفي الآونة الأخيرة كثر طرح موضوع احتكار الأراضي وضرورة الإسراع لحل هذه المشكلة، ولعل أغلبية المتابعين لهذا الموضوع شاهدوا فيلم مونوبولي الأخير الذي ينادي بسرعة سن الرسوم على الأراضي البيضاء، وهذا واحد من الحلول المقترحة لكسر الاحتكار ويندرج تحت موضوع سن القوانين التي تحمي (المجتمع) من التصرفات الاقتصادية الضارة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك طرقا وحلولا أخرى تخفف من موجة الاحتكار، هذه الحلول تتركز عند أصحاب القرار الوطني الاقتصادي في أي دولة، بل أيضا من عند التجار أنفسهم، حيث إنهم أكثر الأشخاص المعنيين بهذه المشكلة، وهم أيضا أكثر من يهمه استقرار السوق والمجتمع على المديين المتوسط والبعيد، وأيضا يهمهم رضا المستهلك عن الخدمة والسعر، وبالتالي يكونون شراكة حقيقية. إن المسؤولية الوطنية الاقتصادية تحتم على الجميع الوقوف بصف واحد لمواجهة المشكلات الاستراتيجية مثل (سياسة الاحتكار) وليس محاولة إلقاء اللوم على طرف أو آخر. أخيرا أقول إن ثقافة المجتمع تزداد يوما بعد يوم، وهذا سيسهم كثيرا في حل مشكلة احتكار القلة من الناس لمنافع مجتمعية استراتيجية سواء كانت أراضي بيضاء أم مواد استهلاكية أو غذائية وهذا الوعي المجتمعي الشامل هو الدافع الرئيس لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
إنشرها
Author

أين الباحثون والمختصون عن حضور المؤتمر الوطني لتقنية المعلومات؟

|
خلال الأيام الماضية نظمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية فعاليات المؤتمر السعودي الدولي لتقنية المعلومات 2011م في مقرها في مدينة الرياض والذي استضافت فيه عددا كبيرا من الباحثين والخبراء في عدد من المحاور ذات الأهمية بمستجدات تقنية المعلومات مثل الشبكات الاجتماعية، أمن المعلومات، الحاسبات فائقة السرعة والشبكات اللاسلكية، وتم تسليط الضوء من خلال جلسات المؤتمر على عدد من المواضيع المهمة مثل الحوسبة الصديقة للبيئة والحوسبة السحابية، وبلا شك فإن تنظيم مثل هذه المؤتمرات يعكس الدعم الكبير الذي تقدمه حكومتنا الرشيدة لقطاع تقنية المعلومات وتعمل على تعزيز دور المملكة الريادي في مجال توطين التقنية ونقلها. وعلى الرغم من أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قد عملت على إعداد وتنظيم المؤتمر بكفاءة واحترافية عالية إلا أن الملاحظ واللافت للنظر ضعف الحضور للمؤتمر، مع أن جلسات المؤتمر كانت فرصة ذهبية لا يمكن تعويضها وبالأخص للباحثين وطلبة الدكتورة للاستفادة من الخبرات البحثية في هذه المجالات الحيوية، فكم كنت أتمنى أن أرى كافة الباحثين السعوديين والطلبة المختصين في المجالات الهندسية والحاسوبية متواجدين لإثراء الجوانب البحثية والتقنية لديهم والاستفادة من خبرات الأسماء المميزة التي تواجدت خلال هذا المؤتمر، فغياب العديد من الجامعات السعودية عن حضور المؤتمر كان أمرا مستغربا خاصة ونحن نعيش العصر الذهبي للتعليم العالي والدراسات البحثية. ولا أبالغ إذا ذكرت أن حضور الباحثين والمختصين السعوديين لبعض المؤتمرات خارج المملكة يفوق عدد حضور المؤتمر السعودي لتقنية المعلومات! إن الاستفادة المثلى من هذه المؤتمرات لا تكتمل إلا بالحضور والمشاركة الفعالة وتبادل وجهات النظر مع الخبراء،، وأتمنى أن نرى حضورا أكبر في المرات القادمة وأن تعمل مراكز الأبحاث في جامعاتنا على تحفيز الباحثين والطلبة على حضور مثل هذه الفعاليات وبالأخص الجانب النسائي والذي كان تواجده محدودا خصوصا في ثاني أيام المؤتمر، مرة أخرى الشكر والتقدير لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على التنظيم المميز وحرصها على استقطاب خبراء مميزين في مجالاتهم البحثية. متخصص في أمن المعلومات والتعاملات الإلكترونية
إنشرها
Author

شبيحة الأسد.. القرامطة الجدد

|
بعيداً عن القراءة السياسية متعددة المنطلقات، وبكل بساطة ووضوح فإن ما يجري في سورية اليوم هو حرب طائفية من طرف واحد هو نظام الأسد والمتحالفون معه في الداخل والخارج. هي حرب موجهة ضد الشعب السوري العظيم بكل أطيافه ومكوناته، في هذه الحرب المكشوفة سقطت أقنعة كثيرة لم يفاجأ بها العرب والصادقون مع أنفسهم وقضاياهم، لقد أثبتت هذه الأحداث في سورية ما يكنه النظام الحاكم من عداء شديد للشعب العربي السوري ومن ورائه الشعوب العربية كما أثبتت هذه الأحداث أن حلفاء الأمس هم حلفاء اليوم، فالنظام في طهران وجيوبه وأبواقه في العراق وفي لبنان هم الحلفاء الحقيقيون لكل عدو للعرب والمسلمين. إن ما يسميهم الإعلام اليوم (الشبيحة) ما هم إلا امتداد للقرامطة القدماء الذين سفكوا الدماء وانتهكوا الحرمات في كل بلد وطئتها أقدامهم، فهم طوائف همجية ليس لهم وازع من دين ولا من خلق، يستمدون تعاليمهم من مذاهب هدامة وأفكار إلحادية هي في حقيقتها حرب على القرآن الكريم وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإن زعم أهلها أنهم مسلمون فالعبرة بالحقائق وليست بالدعاوى، وما تأليه بشار الأسد وهدم المساجد وقتل المصلين في عهد والده ثم في عهده إلا دليل على ما يعرفه أهل العلم والإيمان عن حقيقة هذه الطوائف التي تغذيها اليوم الحكومة في إيران التي انكشف حقدها على كل ما هو عربي ومسلم. كما أن هذه الأحداث كشفت أكذوبة المقاومة والممانعة التي يزعمها النظام في سورية ضد إسرائيل فها هو وأزلامه يستنجدون بالصهاينة كما استنجد بهم أخوه القذافي من قبل. يخطئ من يقفون مع هذا النظام من الدول الكبرى محاولين الاستفادة من بقاء الأمور كما هي، لكن الشعب السوري العظيم قال كلمته، وأيام هذا الطاغية ونظامه معدودة، وعندما ينتهي العمل يتبعه الحساب. إن المواقف المخزية لما يُسمّى أمين عام حزب الله اللبناني وتدخله السافر في الشؤون الداخلية السورية مدفوعاً من ولي نعمته في طهران ليكشف عن العلاقة التاريخية بين معتنقي المذاهب الملحدة في كل ما من شأنه إلحاق الأذى بالعرب والمسلمين. فهذا هو بشار الأسد لم يؤيده إلا اليهود وبعض النصارى وورثة الفكر الإلحادي. لقد وقف العرب مع كافة اللبنانيين في حرب 2006 التي كان سببها حماقات أطفال الخميني في لبنان، لابد من المصارحة والمكاشفة ليعلم أتباع ومعتنقو الفكر الباطني بكافة فروعه ومسمياته أنهم أقلية إلى جانب السواد الأعظم من العرب والمسلمين حتى داخل البلاد الإيرانية نفسها، وليعلموا أن القتل والإرهاب لم يجعل الباطل حقاً في يوم من الأيام، وأن العاقبة للمتقين، وليعلموا أن الخير لهم هو كف أذاهم عن المسلمين وحجز سفهائهم ومنعهم من إشعال فتنة هم أول ضحاياها وقد تودي بهم جميعاً. إن على حزب الله اللبناني وحركة أمل ودهاقنة الفكر المجوسي في طهران وقم أن يعلموا أن لدى العرب والمسلمين ما يدفعون به عدوان المعتدي جزاء وفاقاً متى ما استبان الأمر واتضح، معتمدين في ذلك على الحقائق والوقائع المشاهدة وهو أمر تؤيده الفطرة السوية والأنظمة العادلة المرعية. إن القتل والإرهاب وهتك الحرمات لم يكن يوماً شعاراً لأهل الإسلام، إنما هو شعار الفرق التي ديدنها الفتك والغدر والخيانة وموالاة كل عدو للأمة، لقد أشاع النظام السوري في بداية هذه الثورة العامة ضده، إن من يقف وراء هذه الأحداث هم جماعات سلفية تريد تكوين إمارات إسلامية في الشام لكن سرعان ما تراجع عن هذا الزعم بعد ما افتضح أمره وبان كذبه للعالم قاطبة ونسي هذا النظام أنه أصبح صنيعة لإيران تحركه كيف تشاء. لقد أصبح الإفساد الإيراني في العالم العربي أمراً لا يحتمل ولابد من اتخاذ خطوات سياسية وشعبية لكشف حقيقة ما تقوم به إيران من زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة العربية بأسرها ووضع النقاط على الحروف في مستقبل العلاقات مع هذه الدول المؤذية. أستاذ مساعد في كلية الملك خالد العسكرية
إنشرها
Author

خطر قلادة العنق على المجتمع

|
التلوث الأخلاقي والسلوكي أشد وأنكل من خطر التلوث والتجرثم البيئي والصحي؛ إذ إن الأول أثره في دين الفرد ودنياه وأخراه، أم الآخر فمحدود أثره في صحته وحياته، والمجتمع مطالب بالحفاظ على هويته وثوابته وعاداته التي قد تتعرض للاختراق والإفساد وفق السبل المشروعة شرعا وقانونا. وكما أن الإسلام أتى لطمس ملامح الشرك، وإبطال شذرات البدع، وإنهاء الأعراف الفاسدة، والعادات الظالمة منذ مطلع شروق الدعوة، فكذلك مسلمو اليوم مطالبون بالمحافظة على ما سنه وحدده الشرع الحنيف من حماية الفرد المسلم من كل ما قد يكون سببا ومسلكا في انحدار وانحطاط القيم والأخلاق والسجايا الخيرة في أهله وأتباعه وأمته. المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام تحكم بشرع الله تعالى ودستورها القرآن وسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في (المادة 1) من النظام الأساسي للحكم، وهي منفتحة على أقاليم العالم ودوله ومؤسساته فيما يخدم البلدان ويرتقي برفاهية الشعوب والأفراد؛ لهذا أصدرت قرارا ملكيا يقضي بإنشاء (هيئة عامة للاستثمار الأجنبي)؛ لتبادل المنافع التجارية والمكاسب الاقتصادية، وهو نعم القرار إن تم تقيده بعدد من الضوابط والتعليمات. إن الوافد الأجنبي أو العربي، سواء كان مستثمرا أو زائرا، كما أن له حقوقا تفرضها قيم الإسلام السمح العادل والقوانين الدولية، فكذلك عليه حقوق وواجبات ينبغي تذكيره بها من أجل التقيد والالتزام الكامل والشامل بما حوته، كما جاء في (المادة 41) من النظام الأساسي للحكم، حيث جاء فيه: يلتزم المقيمون في المملكة العربية السعودية بأنظمتها، وعليهم مراعاة قيم المجتمع السعودي واحترام تقاليده ومشاعره) أهـ. فقد فشت في الآونة الأخيرة ظاهرة (قلادة العنق) بين بعض المقيمين والزوار، وأصبح الأمر بالنسبة إلى البعض منهم كأنه حق له يخصه وحده، وهو في الحقيقة حق له إن كان في بلده أو بلد آخر يسمح بذلك وهي كثيرة، أما هنا فلا أرى أن له الصلاحية الاجتماعية التي تجيزه ذلك؛ لمبررات عدة، منها: 1- مخالفته لمنهج البلاد القائم على التوحيد الصافي والنقي. 2- معارضته للأعراف والتقاليد الأخلاقية للمواطن العربي الأصيل. 3- خطورته على جيل النشء من استمراء الظاهرة في الغد. 4- تحويل ملامح المظهر العام للشعب السعودي المسلم. 5- ما قد يؤدي إليه من تمادٍ وتهاون للتجاوز في أمور أخرى. 6- محاولته لتفتيت وتشتيت هوية وثوابت وتراث المملكة. 7- تجاوز الظاهرة، إلى أن أصبحت تشاهد في المساجد بين بعض المصلين العرب، وخاصة الشباب منهم. وقد يكون هناك أبعاد ومخاطر ذات تأثير أكبر مما عرضت وتحدثت عنه، لكن هذا ما بان لي الآن وحتى اللحظة التي كتبت فيها المقال؛ لهذا سأعرض مجموعة من الأساليب المقترحة للحد من الظاهرة ومنع تفشيها: 1- التأكيد الضروري على السفارات والقنصليات كافة بأهمية احترام أعراف وتقاليد وقيم الشعب السعودي الإسلامية منها والأخلاقية، كما جاء في المادة (41) مما سبق. 2- قيام وسائل الإعلام المتنوعة بإبراز خطورة الظاهرة والتحذير من أثرها على الفرد والأسرة والمجتمع، من خلال استضافة العلماء والدعاة والمفكرين ورواد الثقافة، بالإضافة إلى الدور الكبير الواجب على الكتّاب. 3- تفعيل قنوات التوجيه والإرشاد من خلال خطب الجمعة، والكلمات التوجيهية في المدارس والجامعات ومحاضن التربية. 4- مشاركة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في توجيه المقيمين والأجانب بالسبل الحسنة التي غايتها تذكيرهم بخصوصية المجتمع وأعرافه، لا كونها محرمة شرعا فقط؛ من خلال الأعضاء الذين يتحدثون باللغة الإنجليزية؛ إذ إن ذلك من واجبها الذي أسست وأنشئت من أجله؛ كما جاء في النظام الأساسي للحكم ففي (المادة 23) تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله تعالى. قبل أن أقفل مقالي أنهيه بعدد من الكلمات المهمة جدا، وهي: إنه كما يجب علينا في حال حدوث مصيبة أو فتنة حربية - لا سمح الله تعالى - الذود عن الوطن والأعراض بالأرواح والدماء وما نملكه من قوة وقدرة، ففي المقابل نحن مطالبون بالتصدي لكل خلق رزيل أو عادة دخيلة تمس عقيدة المسلم ومنهجه وعلاقته بربه عز وجل، كما جاء في أعلى هرم الضروريات الخمس (حفظ الدين).
إنشرها
Author

مراعاة حقوق الآخرين في الطريق

|
تعمدت مرة أن أقف في موقف سيارة بجوار الرصيف، لكنني استبقيت مسافة كبيرة بيني وبين الرصيف، كنت أقصد منها ألا أترك مجالا لأحد أن يقف خلف سيارتي وقوفا مخالفا، أو ما جرى عليه تعارفا "صف ثان". كان وقوفي ملحوظا بارزا يشعر أي مار بالطريق بصعوبة الوقوف خلف سيارتي بسبب أن حركة السير في الشارع ستتأثر أو ربما تتعطل. طبعا وقفت هكذا بسبب معاناتي من الذين يقفون خلف السيارات الواقفة بطريقة نظامية كي يكونوا قريبين من المحال التي يريدونها دون أن يكلفوا أنفسهم إيقاف سياراتهم في أماكن أبعد لكنها نظامية والترجل على أقدامهم إلى هذه المحال. إنها أصبحت ظاهرة يلاحظها كل واحد منا في الشوارع العامة، وهي تعود في الأساس إلى ثقافة مجتمع والشعور بالآخر. فعندما يقف أحدنا في صف ثان سادا على آخر إمكانية خروجه فهو إنما يصادر عليه حقه في استخدام سيارته، بل يعلي الأنا في نفسه فوق الآخرين فلا يرى أن في الطريق لهم حقوقا، وينسى أن حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، ناسيا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ولا أعتقد من يغلق على الآخرين يحب أن يغلق أحد عليه مطلقاً. أعود إلى موقف سيارتي البارز، فلقد قضيت حاجتي من المحال المقابلة وخرجت، لكنني فوجئت بشخص يقف خلف سيارتي. لن أكون مبالغا لو قلت لكم إن سيارته الآن أصبحت في الصف الثالث إن جاز لي التسمية. كانت السيارات تسير بصعوبة في الشارع وانتظرت مدة عشر دقائق إلى أن جاء صاحب السيارة وحاول أن يتخفى إلى أن يصل إلى سيارته، إلا أنني انتظرته عند سيارته، وطبعا تكون الإجابة "أنا آسف .. كنت مستعجلا"، كأن الذي يسد على الآخرين هو المستعجل الوحيد في المدينة وعلى الآخرين مراعاة عجلته .. فمتى نعرف أن للآخرين حقوقا أيضا مثل ما لنا من حقوق؟!
إنشرها
Author

السنة التحضيرية وأنظمة تعليمنا .. أين موقعها من الأنظمة العالمية؟!

|
كثرت الكتابة حول نظام السنة التحضيرية، فشدني ذلك إلى التعرف عليها وعلى نظامها، فدخلت أحد مبانيها وعددا من مواقعها الإلكترونية بجامعاتنا الوطنية، واستطلعت آراء وملاحظات بعض طلابها. فرغم أن فكرتها ليست جديدة، فالتحضيري هو مثل الإعدادي موجود في العلوم الصحية من أكثر من ربع قرن إلا أنني أعجبت بل سررت بمبانيها "الذكية" المميزة ولكن بالدخول في أعماق نظامها ومقارنته بتعليمنا العام وبثورة التربية والتعليم الجامعي العالمية، وجدت عجائب وغرائب كثيرة يصعب حصرها. الاستغراب والاستفهام العجيب الأول أن لدينا "تحضيري بعد 16 عاما إعدادا وتحضيرا بالتعليم العام... لماذا؟!"، الجواب في تفسيرين لا ثالث لهما، الأول يفسر الفجوة بين أنظمتنا التعليمية "العام والجامعي" ولهذا قصة طويلة في الماضي، والحاضر، وللمستقبل أيضا. والثاني قد يفسر بل فسرته التحضيرية والقدرات بأنه قصور في نظام التربية والتعليم العام الوطني، وهذا التفسير مردود عليها مقارنة بفلسفات وطبيعة وأهداف النظامين؛ ففي حين يتجه التعليم الابتدائي نحو الحداثة من خلال التقييم المستمر وإعطاء المعلم والطالب دورا أكبر في التعلم تتجه السنة التحضيرية نحو الدكتاتورية والبيروقراطية؛ حيث يقوم عضو هيئة التدريس بالتدريس ويقوم القسم بوضع الأسئلة واختبار الطلاب وتصحيح الاختبارات... سبحان الله هذا دور البروفسور أو الأستاذ الجامعي!!. وقبل كشف المزيد من الحقائق دعونا نستعرض باختصار شديد أنظمة التربية والتعليم الأساسية والجامعية العالمية، وصنفوا مكانة نظام التحضيري وأنظمتنا التعليمية الوطنية بها. بعد دراسة وتدقيق في أنظمة التربية والتعليم العالمية خلال دراساتي العليا Johali1995، لخصت هذه الأنظمة في أربع مجموعات "أنظمة أو فلسفات" مع نظريات فوكس الأربع الشهيرة Fox 1985. المجموعة الأولى المعرفية أو نخبة المعرفة لنخبة القوم المنسوبة للفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون، وتعرف بعبارتها الشهير الأكاديمية Academic وتعرف أيضا بالتعليم المعتمد على المحتوى – المقررات..، ونظرتها أو نظريتها التربوية والتعليمية من نظريات فوكس هي نظرية "نقل تلقين معرفي Transferring Theory المجموعة الثانية هي فلسفات ونظريات التعليم والتدريب الحرفي أو المهني Technocratic وتعرف أيضا بالتعليم بالأهداف السلوكية من نظريتها الشهير التعليم بالأهداف السلوكيةُBehavioral Educational Objective-Bloom Taxonomy. المجموعة الثالثة في فلسفة التعليم التقدميProgressivism Education ولها نظريات عديدة أول نظرتها أو نظريتها التعليم بالرحلات أو الزيارات Traveling Theory أي التعلم بالاكتشاف والممارسة... وتعرف أيضا هذه المجموعة بالتعلم النافع مدى الحياة Lifelong Learning عند تبنيها مفهوم التربية والتعليم بالتعلم المعتمد على الطالب Andragogy Student Centred. أما المجموعة الأخيرة فتعرف بمجموعة إعادة البناء Reconstructions مرتبطة بفيلسوف التعليم الأمريكي الشهير جون ديوي التي بها وبسابقتها تقدمت أمريكا على الاتحاد السوفيتي، بل وصفت بفلسفة أو نظام التعليم الشامل. فيا ترى أين موقع أنظمتنا الوطنية للتربية والتعليم بل أين موقع نظام السنة التحضيرية من هذه الأنظمة أو فلسفات ونظريات تعليم وتعلم؟!!. استكشاف وكشف حقائق بالبراهين سيفصل بعد تفاعل القراء مع هذا المقال، بإذن الله.
إنشرها
Author

كيف نحدّ من اختراقات البريد الإلكتروني؟

|
خلال هذا الأسبوع وصلني أكثر من إيميل من أحد الأصدقاء ممن احتفظ ببريدهم الإلكتروني في قائمة التواصل ضمن بريدي الإلكتروني، والغريب وعلى غير العادة كان فحوى الرسالة مثيرا للشك، حيث احتوت على عدد من العروض التجارية لبعض المنتجات الإلكترونية، وبالتأكيد فإن هذه الرسالة ما هي إلا وسيلة اصطياد واحتيال يمارسها بعض ضعاف النفوس وعديمي الضمير ممن تمكنوا من قرصنة البريد الإلكتروني للشخص المرسل، ومع الأسف فإن مثل هذه الوسائل تزداد يوما بعد يوم، وتلاقي نجاحا في تحقيق أغراض الجهات المتبنية لها بالرغم من كثرة التحذيرات والإرشادات التي تبثها لنا عدد من الجهات مثل البنوك السعودية وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات. هذه المشكلة ليست مقتصرة على مجتمعنا فقط بل هي قضية عالمية، أصبحت تشكل هاجسا لمزودي خدمة البريد الإلكتروني ومستخدميه. ومما يوضح حجم المعاناة وتضخمها عالميا، التوجه الذي تبنته كبريات شركات الحماية على الإنترنت مثل "تريند مايكرو" التي طالبت مستخدمي الإنترنت الذين يشتبهون في أنهم عرضة لعملية احتيال إلكتروني بالتحقق من الرسالة المشكوك فيها والتأكد من مرسلها في حال كان معروفا لديهم قبل فتح الرسالة، وعملية التحقق هنا قد تكون بدائية نوعا ما كإجراء اتصال هاتفي أو إرسال تكست للتأكد عما إذا كان المرسل على علم بهذه الرسالة، وفي الوقت نفسه قد يحمل اتصالك تنبيها لهذا الشخص عما لو كان بريده الإلكتروني مخترقا، فمن المهم اتخاذ كافة التدابير والحذر من أي رسالة إلكترونية من مصدر غير معروف أو تلك التي تقدم لك وعودا وعروضا غير متوقعة، فحذف مثل هذه الرسالة مباشرة ودون قراءة هي النصيحة الأولى التي اتفق عليها خبراء أمن المعلومات. فالأمر يستحق ذلك فحجم الخسائر قد يكون جسيما ومن الصعب تعويضه، وبالنظر إلى تقرير شركة الحماية "مكافي" لعام 2011 فإن رسائل الاحتيال الإلكتروني سجلت رقما قياسيا جديدا وصل إلى قرابة 12 مليون حالة اختراق.
إنشرها
Author

التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد

|
كنت مع أحد الأصدقاء فقال منكرا أو متعجبا: "لماذا تأخر تطبيق وتفعيل التعليم الإلكتروني في مجتمعنا إلى هذا الحد بينما بدأ قبل أكثر من 100 سنة في أوروبا وأمريكا؟". الأمر ليس كذلك، فهناك خلط كبير عند كثير من الناس بين التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد، فالعديد من الناس، بل حتى من المتخصصين ومتخذي القرار لا يجد حرجا في استخدام أي من المصطلحين مكان الآخر، وربما يعود الخلط بين التعليم عن بُعد والتعليم الإلكتروني إلى عدم فهم دور التقنية بشكل واضح في التعليم، أو إلى المبالغة في التوقعات من مستقبل استخدام التقنية في التعليم. رغم قدم استخدام "التعليم عن بُعد إلا أن التعليم الإلكتروني يعد ظاهرة حديثة، ارتبط باستخدام تقنية المعلومات من حواسب آلية ووسائط متعددة في التعليم. وسنوضح الفرق بين التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني - إن شاء الله - إذ إن وضوح هذين المصطلحين ومعرفة الفرق بينهما ضروري للجهات التعليمية والتدريبية، وتطبيق أي من هذه الطرق ومعرفة مفاهيمها يضمن المصداقية والفاعلية بين الملقي والمتلقي، كما يعد أحد العوامل الجوهرية للوصول إلى المواصفات الكافية الملائمة وتقييم البدائل المتاحة، وكذلك اختيار الحلول المثلى والممارسة الفاعلة للنظام المختار. التعليم عن بُعد من المصطلحات التي اشتهرت وبرزت أخيرا بشكل ملحوظ، ويلاحظ القارئ أنها تتكون من عبارتين (التعليم) و(عن بُعد). ويتم تطبيق التعليم عن بُعد بطرق منها الكتب والمذكرات المطبوعة - وهو الأشهر والأقدم - ومنها الأشرطة السمعية ومواد الفيديو المرئية، وأيضا عن طريق البث من خلال الإذاعة والبث التلفزيوني وكذلك استخدام الحاسب الآلي والإنترنت، والمعيار هنا "عن بُعد"؛ وهو التباعد الجغرافي والزماني. ونشير هنا إلى أن التعليم عن بُعد مطبق ومعتمد في المملكة منذ زمن، وهو ما عُرِف بمصطلح "الانتساب". الانتساب نظام تقليدي معمول به في مؤسسات التعليم الأساسي وكذلك التعليم العالي، واشتهر تطبيقه في التخصصات النظرية لعدد من جامعات المملكة، حيث يقوم المنتسب بالدراسة الذاتية ويعتمد على نفسه في الدراسة ويحضر في آخر العام لأداء الاختبار. وبدأ نظام الانتساب أو "التعليم عن بُعد" منذ أكثر من 150 عاما، فالباحث الإنجليزي إسحاق بتمان، الذي يعد من رواد التعليم عن بُعد، قام بتدريس الاختزال بالمراسلة في منطقة بيرث عام 1840 في المملكة المتحدة، وكذلك بدأت الجامعة الأمريكية التعليم عن بُعد عام 1874 وأصبح التعليم بالمراسلة عام 1900 في كل من التعليم المهني والأكاديمي سائغا مألوفا وشائعا. ومع تطور التعليم عن بُعد ظهرت مشكلات لم تكن معروفة في التعليم التقليدي وكان معظمها يتعلق بالجودة والمصداقية وأخلاقيات التعليم. ولهذا الغرض تم تأسيس المجلس الوطني للتعليم المنزلي في عام 1926 لحل هذه المشكلات ومعالجتها. وأخذ التعليم عن بُعد في عام 1920 أسلوبا جديدا عندما بدأ استخدام البث الإذاعي (الراديو) في التعليم عن بُعد. ثم بعد ذلك في عام 1940 استخدم البث التلفزيوني في التعليم عن بُعد؛ وكانت خطوة متطورة حيث استخدمت الصورة والصوت في التعليم. ثم بعد ذلك تطور التعليم عن بعد وأصبح أكثر تفاعلية Interactivity في بدايات 1900 الميلادية حين استخدم الهاتف في التعليم عن بُعد؛ عندئذ تمكن المعلمون من الوصول إلى شريحة جديدة وبعيدة من الطلاب. واستمر التعليم عن بُعد في التطور؛ فخلال الفترة من 1980 حتى 1990 نشأت أنظمة المؤتمرات عن بُعد Teleconferences؛ التي مكنت المعلم من التحدث إلى الطالب والاستماع إليه ورؤيته بشكل مباشر حتى مع التباعد الجغرافي بينهما. ومع انتشار شبكات الحاسب الآلي في الفترة بين 1980 و1990 امتلك عدد كبير من الناس أجهزة حاسب آلي وربطوها من خلال خطوط الهاتف بشبكات حاسوبية، وكان أول طرح لمصطلح التعليم الإلكتروني كان عام 1999 في لوس أنجلوس بعد أن تغلغل استخدام تقنية المعلومات في التعليم. أما التعليم الإلكتروني فنشأ منذ أن تعاضدت تقنيات المعلومات والاتصالات مع التعليم، ويتكون المصطلح من كلمتي (تعليم) و(إلكتروني) ولا يشترط هنا أن يقوم الحاسب الآلي بالدور الوحيد المنفرد أو الرئيس في العملية التعليمية. استخدِمَ التعليم الإلكتروني في المراحل الدراسية كافة، من مراحل الروضة حتى الدكتوراه، إذ يوفر بيئة جذابة وماتعة وتلبي احتياجات عدة وتتفق مع مختلف الأذواق، فالمتعلمون الصغار يستمتعون بالوسائط المتعددة (الملتيميديا) والألعاب والأنشطة المرحة أثناء التعلم، والأكبر سنا - كذلك - يستخدمون التقنية للوصول إلى مصادر لا حصر لها لأداء واجباتهم والتحضير لامتحاناتهم وزيادة معارفهم. وهذا النوع من التعليم له إيجابياته وسلبياته؛ فمن إيجابياته: - يمكن للأنشطة التدريسية أن تكون أكثر احترافية. - يقلل وقت وتكاليف التنقل إلى مقر الدراسة. - يستطيع الدارسون اختيار المواد التعليمية التي تناسب مستوياتهم واهتماماتهم وأنماطهم. - يستطيع الدارسون التعلم في أي مكان مزود بحاسوب وإنترنت. - يستطيع الدارسون التعلم كل حسب قدرته وجهده. - المرونة في المشاركة في النقاش عن بُعد وفي الوقت المناسب سواء كان مع الزملاء الدارسين أو مع المدرب أو المعلم. - التعامل مع مختلف أنماط التعلم من خلال أنشطة الدرس المختلفة. - تنمية مهارات التعامل مع الحاسب الآلي والإنترنت وهي وحدها مهارات حيوية مهمة. - عندما ينهي الدارس الدورة أو المقرر الإلكتروني بنجاح فإن ذلك لا ينمي المعرفة فحسب، بل يزيد من مكتسبات عدة أخرى ضرورية للمتعلم مثل زيادة الثقة بالنفس والحماس لدراسة المزيد والشعور بالنجاح، وأهم من هذا كله تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس. وللتعليم الإلكتروني سلبيات أيضا، منها: - ربما يتأخر الدارسون ذوو الدافعية والحماس المنخفضَيِن عن أقرانهم. - ربما تتطلب وقتا بسبب عدم الدراية بطريقة الدراسة. - ربما يشعر الدارسون بالعزلة، وبالتالي فقدان التعايش الاجتماعي. - ربما لا يوجد المعلم بشكل دائم عند الحاجة. - وجود عوامل تقنية قد تعوق العملية الدراسية مثل بطء أو تعطل الإنترنت أو حتى عطل في جهاز الحاسب. - قد تحتاج البرامج المستخدمة لتسهيل التعلم نفسها إلى تعلم. - صعوبة التمثيل الإلكتروني لجميع أنواع النشاطات الدراسية. ومن الباحثين مثل (بيت، جاريسون، نيبر، بيترز) من ينظر إلى التعليم الإلكتروني على أنه امتداد طبيعي للتعليم عن بُعد. ويقسم نيبير التعليم إلى ثلاثة أقسام: الدراسة بالمراسلة، استخدام الملتيميديا والبرمجيات، ثم استخدام الحاسب الآلي المرتبط بالشبكة بشكل تفاعلي. ينظر عدد من الباحثين إلى المصطلحين كمرادفين يحل أحدهما محل الآخر. ويرى بعض الباحثين أن التقنيات الحديثة تتحدى الحضور الحقيقي للحرم الجامعي؛ فعلى سبيل المثال يرى الباحث آرنولد أن التعلم باستخدام نظم المعلومات سيحل محل الدراسة الحضورية "وجها لوجه". ويقول الباحث هينك فانديمولن في "كتابه الجامعة الافتراضية في الجامعات الأوروبية": "لن يكون هناك خيار أمام الجامعات سوى استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات ليس فقط في المجال البحثي لكن في الإداري والتعليمي أيضا". أثر استخدام التقنية بشكل ملحوظ في توجه الجامعات، ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على مستوى العالم، وهذا التأثير مستمر، على كل المجالات والممارسات الجامعية؛ مثل: الأبحاث، والتعليم والتعلم، والتنظيم والشؤون المالية. بل حتى القوانين والتشريعات التنظيمية الحكومية تتأثر كذلك بشكل واضح باستخدام التقنية الحديثة. ربما يتفق معي الكثيرون على أن الحضور إلى الجامعة؛ الدراسة وجها لوجه، هو الأمثل، لكن ننظر إلى هذين النظامين كحلين للتغلب على المسافات وعلى أعداد الطلبة الكبيرة التي لا تستوعبها القاعات الدراسية. لا شك أن التقنيات الحديثة وفرت إمكانات وأتاحت المجال أمام التطوير ورفعت مستوى الجودة في التعلم وطريقة عرض المعلومة، سواء كان ذلك عن بُعد أو في الحرم الجامعي. سيسهم التعليم الإلكتروني - بمشيئة الله - في جعل التعليم التقليدي والتعليم عن بُعد أكثر فاعلية وأسهل وصولا وأيسر على المتعلمين. ووجود تقنية المعلومات في القاعات الدراسية سيثريها ويساعد المدرس والمدرب على الإنجاز بشكل أفضل وأسرع. وختاما أخي القارئ لك أن تفكر في تطبيق التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد ليس في مؤسسات التعليم فحسب، بل في الشركات التجارية وفي الإدارات الحكومية، ستتاح فرص التعلم وسيرتقي المجتمع وسينمو الاقتصاد.
إنشرها
Author

عيد الرياض الآن

|
لا أحد ينسى كيف كان العيد قبل نحو 15 عاماً في الرياض ونواحيها، إذ كانت الأفراح مقتصرة على مواقع محددة، يهفو إليها الأطفال وأسرهم كالحدائق والملاهي والمتنزهات المغلقة، التي قلما انتفعت بها بقية فئات المجتمع كالشباب ومن في حكمهم، وكانت الأنظار تترقب مساء العيد لتنتقل الأقدام إلى ساحة قصر الحكم لتسمع الأهازيج المتعلقة بالعرضة السعودية، وتشاهد العروض المختصرة، ومن ثم تستمتع بالعشاء الدسم الذي تعده هيئة تطوير مدينة الرياض، الذي يحوي صحونا كبيرة مملوءة بلحم الحاشي والغنم. وما نراه اليوم يعد نقلة كبيرة وسريعة ومنظمة لم يشابهها ويحاكيها في منطقة العالم الإسلامي سوى القليل، وخاصة إذا تذكرنا خصوصية البلد وأعرافه وطبيعة ما يجب أن يكون عليه أثناء التطوير والتغيير من ضرورة تخصيص المواقع وعدم دمجها وبقاء الجنسين كلاً على حدة، ليس انحيازاً، إنما الواقع الذي يشهد لها بذلك، فالمواقع الاحتفالية باتت منوعة ومنتشرة ومنظمة، حيث بلغ عددها هذا العام، ما يقارب 180 فعالية ونشاطا ترفيهيا موزعة على نحو 40 موقعاً، فهل يعد هذا الرقم يسيرا وهينا مقارنة بالماضي، حيث لم تكن هناك سوى واحدة أو اثنتين؟ إذ تراها شمالي الرياض وجنوبيه وغربيه وشرقيه بتكافؤ وتناسب وتناغم، فالألعاب النارية لم تعد مخصصة في ناحية دون أخرى أو حي دون آخر، بل أصبحت مفرقة وموزعة ليلتذ الجميع بالعيد وجماله وفرحته وبهجته وسروره، الفقرات والبرامج اشتملت على إمتاع وإرضاء وإبهاج الكل شباباً وشيباً وأطفالاً ونساءً كلاً بحسبه. الجاليات الإسلامية والعربية لها فرحتها ومتعتها هنا في أرض الرياض الحانية، فلم تُنسَ وتُهمل وتُغفل، فملعب الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله تعالى - يضم كل عام أمسيات وألعابا وبرامج معدة ومجدولة ومنظمة وممتعة، وعروضا وعرضات تخص كل جالية مقيمة على أرض الوطن، بل أصبحوا يألفون ذلك المكان والزمان ويتوافدون إليه عصر كل عيد استعداداً للأهازيج والعروض واستعراضاً لتقاليد وعادات بلدانهم، وليس الأمر يقف عند هذا الحد الإنساني بل يتبعه بعد وجانب أمني مهم، إذ تقضي على وقت فراغ هذا المقيم خلال فترة راحته؛ لهذا كانت المبادرة تعد من روائع ما قدمته إمارة منطقة الرياض وملحقاتها كالأمانة والهيئة العليا لتطوير الرياض. غالب هذه المراكز والمواقع الترفيهية والساحات الاستعراضية، تلج إليها العائلات بطاقم أفرادها بشكل عفوي، وبمبالغ رمزية - إن وجد - مع ما يقابل ذاك من بقاء لفترات طويلة وقل لحد الساعات، وهذا ما يندر أن نراه ونلتذ به خارج المملكة، إذ لا ترفيه هناك إلا بنقود. الجهود المبذولة لتطوير احتفالات الرياض باتت وأضحت مشاهدة للعيان، إذ إن التوافد المكرر من قرى ومحافظات ومدن المملكة كل عيد ومناسبة للرياض أصبح مألوفا، أضف إلى ذلك أن الفقرات والبرامج اشتملت على فئة المراهقين والشباب وذلك بتخصيص بطولات ومسابقات للراغبين في لعبة البلاي ستيشن وحددت لها جوائز ثمينة تتناسب مع مقدار اللعبة تحفز الشباب للالتحاق بها، وهذا بالطبع سيحفظ وقتهم ويحميهم من تسلط وهجوم الأفكار الخطيرة عليهم أثناء ليالي العيد وفتراته، إذ لم نعد أو لنقل قلَّ سماعنا لعبارة الشباب ليس لديهم مكان يذهبون إليه فالخيارات الآن متنوعة، ومنها السماح للمراكز الترفيهية الخاصة والمطاعم ومحال الكوفي شوب بفتح أبوابها طوال ليالي العيد لتقديم الخدمة لروادها. إن الرياض التي نشاهدها اليوم هي ثمرة ونتيجة لجهد الأمس، وحين يذكر الرياض لا بد من ذكر وإبراز دور بانيها ورمزها وأميرها الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي استطاع بتوفيق الله أولاً ثم بصفاء تفكيره وعزيمته وقوة إرادته أن يقفز بها من حي واسع محدود الأطر إلى مدينة عادية ثم أخيراً إلى عاصمة كبرى ضخمة مهمة، فقد عاصر نهضتها ومراحل تطورها ونموها ورعى مناسبات التنمية بها، وأشرف على وضع لبنات التأسيس لمشاريعها، ليصنع لنا منطقة عمرانية هندسية تجمع الآثار القديمة والعمران الحديث على أرض مدينة واحدة. الأمير سلمان والرياض قصة لها تاريخ، بدأت ونشأت وتطورت عبر حقب زمنية متباينة ومختلفة، قصة لم تكن حلماً، بل ماض وحاضر ومستقبل، انطلقت من فكره وعقله في مرحلة الشباب ثم تألقت ونمت بعد ذلك لتصبح الآن كما رآها ورسم لها، افتتح أول حديقة ومتنزه ليعلن عملاً لا قولاً وتنفيذا لا قراراً، أن لكل حي حديقة تقع في وسطه ليهنأ أهل وسكان الحي بها. حبه للرياض وإخلاصه لترابها وأهلها قاده ليسهم ويؤسس هيئة عليا لتطويرها ونقلها وفق رؤى وخطط ونماذج ودراسات جغرافية متخصصة تتناسب مع طبيعتها، ليراها في أحلى المناظر، وليرقى بها لقمة العواصم والمدن، فنتج عن ذلك مشروع وادي حنيفة الهائل، ثم مشروع تطوير وتأهيل طريق الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم شق الطرق المتنوعة الموزعة على نواحي الرياض لتخفيف وطأة الازدحام ومتاعبه، فتطوير مدينة الدرعية، وما في الغد سيكون أكثر وأكبر. لم يكن أهالي الرياض الأمناء المخلصون، يجهلون الدور الكبير والمتراكم والمهم الذي أداه سموه طيلة فترة تسلمه مقاليد إمارة منطقة الرياض، لذا فحين بادروا بمقترح تكريمه كانوا على يقين باستحقاق الأمير سلمان بالحفاوة والتكريم لما يقدمه وقدمه طوال 50 عاماً من العطاء والبذل المتواصل المتدفق حيوية وإخلاصا وهمة وتفانيا، وهو مع ذلك يرى تحويلها إلى مشروع خيري نافع يخدم الوطن والمواطن، ليقدم صورة ونموذجا عمليا لهضم الذات وإنكارها في سبيل الوطن وأرضه وشعبه.
إنشرها
Author

الاستثمار الأجنبي المباشر وتوطين التكنولوجيا في المملكة

|
قبل قيام المفكر الاقتصادي روبرت سولو R. Solow، بإدخال عامل التقدم التكنولوجي على النظرية الكلاسيكية الجديدة للنمو الاقتصادي في بحثه المنشور عام 1956، كانت العملية الإنتاجية تعتمد على ثلاثة عوامل رئيسة، هي العمل ورأس المال والأرض (الموارد الطبيعية). في نموذج سولو للنمو يعد التقدم التكنولوجي (إضافة إلى رأس المال والعمل) المصدر الأساس للنمو الاقتصادي في الأجل الطويل. فمن خلال التقدم التكنولوجي، يمكن للاقتصاد أن ينمو بشكل مطرد ومستمر حتى وإن لم يحدث أي تغيير في كميات عناصر الإنتاج الأخرى، وذلك عن طريق رفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية لعوامل الإنتاج. وعليه لم يعد النمو الاقتصادي مرتبطاً فقط بعوامل الإنتاج التقليدية، بل أصبح مرتبطاً بالتقدم التقني والمعرفي في البلد. في المقابل كان يعاب على هذه النظرية أنها لم تقدم تفسيرات منطقية لمصادر التقدم التقني والتكنولوجي، حيث افترضت هذه النظرية أن التقدم التقني يأتي من مصادر خارج نطاق النموذج؛ لذلك كان يطلق عليها "نظرية النمو الخارجية"Exogenous Growth Theory. هذا الأمر جعل بعض الاقتصاديين وفي مقدمتهم بول رومر P. Romer يطرح نظرية جديدة تربط النمو الاقتصادي بالتقدم التكنولوجي مباشرة وبصفة داخلية، سميت بـ "نظرية النمو الداخلية" Endogenous Growth theory. ففي هذه النظرية افترض رومر أن التقدم التكنولوجي يمكن الحصول عليه من خلال البحث والتطوير، ووجود عنصر بشري متعلم قادر على توظيف وسائل الإنتاج التوظيف الأمثل. بالرجوع للأدبيات الاقتصادية المتعلقة بتأثير الاستثمار الأجنبي المباشر على اقتصاديات الدول المضيفة لهذه الاستثمارات نجد أن إحدى المزايا التي يحققها هذا النوع من الاستثمار للبلد المضيف هي تقديم المعرفة والتقنية الإدارية والصناعية المطلوبة التي تساعد على زيادة الكفاءة الإنتاجية لعوامل الإنتاج. بمعنى آخر، يرى المؤيدون للاستثمار الأجنبي المباشر عن طريق الشركات متعددة الجنسية أن إحدى أهم الفوائد الإيجابية المتوقعة من هذا النوع من الاستثمارات هي نقل المعرفة والخبرات الإدارية know-how وتوطين التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، إضافة إلى دعم عمليات الأبحاث والتطوير، خصوصاً في الدول النامية. على الرغم من مقدرة الدول النامية في الحصول على التقنية الحديثة من خلال قنوات عدة، يعد الاستثمار الأجنبي المباشر عن طريق الشركات متعددة الجنسية من أفضل الطرق للحصول على التقنية الحديثة؛ وذلك لأن هذا النوع من الشركات يمتلك من الوسائل والإمكانيات المالية الضخمة التي تسمح لها بالإنفاق الكبيرة على مشاريع البحث والتطوير، فضلاً عن مقدرتها على التنقل بيسر وسهولة عبر الحدود الدولية. فعلى سبيل المثال وصل عدد الشركات متعددة الجنسية في عام 2009 نحو 82 ألف شركة. وكانت قيمة أصول هذا الشركات تقدر بنحو 77.1 تريليون دولار، وبلغ الناتج المحلي للشركات ما يقارب 5.8 تريليون دولار في الفترة نفسها. من أحد الأهداف الأساسية من استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار داخل المملكة هو نقل التقنية وتوطين التكنولوجيا. بالرجوع إلى نظام الاستثمار الأجنبي الصادر عام 1979، نجده أنه لكي يحصل المستثمر الأجنبي على ترخيص من وزير التجارة والصناعة، لا بد له أن يستثمر في مشروعات التنمية، وأن يكون مصحوباً بخبرات فنية وأجنبية. أيضاً نصت المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لتنظيم الهيئة العامة للاستثمار (الصادرة عام 2000) على أن تختص الهيئة بالعناية بشؤون الاستثمار في المملكة، وتقوم بإعداد سياسات الدولة في مجال تنمية وزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي ورفعها للمجلس، على أن تتناول هذه السياسات بعض العناصر من ضمنها "نقل التقنية وتوطينها". مما لا شك فيه أن جهود الهيئة العامة للاستثمار خلال السنوات العشر الماضية أدت إلى زيادة مقدرة الاقتصاد السعودي على جذب رؤوس أموال أجنبية كبيرة من خلال تحسين بيئة العمل. حيث تشير البيانات الصادرة عن الهيئة عام 2010، إلى أن المملكة قد استقطبت ما قيمته نحو 35.5 مليار دولار في عام 2009 جعلها تحتل المركز الثامن عالميا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. هنا يمكن أن نطرح السؤال التالي: هل استفاد الاقتصاد السعودي من هذه الاستثمارات فيما يتعلق بنقل وتوطين التكنولوجيا؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب علينا أولاً معرفة مصدر هذه الاستثمارات، فلا يعقل أن كل استثمار يحمل في طياته أحدث ما توصل إليه التقنية الحديثة. بالرجوع إلى البيانات المشار إليها نفسها نجد أن نحو 33 في المائة من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عام 2009 قادمة من الدول العربية. جاءت الإمارات (بعد الولايات المتحدة) كثاني أكبر مستثمر في المملكة بنحو 3.8 مليار دولار بعد أن كانت المستثمر الأول عام 2008. هنا نواجه السؤال التالي: هل هذه الاستثمارات تحمل في طياتها المعرفة والتكنولوجيا المطلوبة التي سعت الحكومة في نقلها وتوطينها من خلال سن نظام الاستثمار الأجنبي المباشر؟ ماذا تمتلك الدول العربية من معرفة وتكنولوجيا وأساليب إدارية وتنظيمية لا تمتلكها المملكة؟ لا أحد يشك في أن الاقتصاد السعودي قطع شوطاً كبيراً من ناحية استخدام التقنية الحديثة في العملية الإنتاجية تضاهي ما هو مستخدم في الدول المجاورة، وعليه فإن الفائدة المرجوة (الحصول على المعرفة والمخبرات الإدارية وتوطين التكنولوجيا الحديثة والمتطورة) من هذه الاستثمارات لرفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية لعوامل الإنتاج لم تتحقق، بل ربما كان هناك هدر للموارد الاقتصادية والمالية بسبب المزايا والحوافز التي تعطي للمستثمر الأجنبي. في اعتقادي الشخصي أنه حان الوقت للهيئة العامة للاستثمار في التركيز على نوعية وجودة الاستثمار الأجنبي المباشر من حيث القيمة الاقتصادية المضافة التي ستضيفها للاقتصاد السعودي.
إنشرها
Author

مجلس التعاون وتعزيز الأنظمة التنموية المشتركة

|
تحتفل دول الخليج هذه السنة على مرور 30 عاما على إنشاء هذه المنظمة الإقليمية التي لعبت ولا تزال تلعب دورا مهما في التنمية المحلية والإقليمية لهذه الدول، إضافة إلى المحاولات المستديمة إلى توحيد النظم الخليجية؛ سعيا إلى الوصول التنسيق والتكامل والترابط والذي من خلاله سيحقق استقرارا تنمويا اقتصاديا وتعليميا وتنظيميا. ولا شك أن تلك التحديات التي دفعت بإنشاء منظمة مجلس دول التعاون الخليجي آنذاك تختلف كما ونوعا عن التحديات التي تواجهها الدول كأعضاء في المنظمة والمنظمة كهيئة من شأنها تحقيق تطلعات وآمال حكام وشعوب المنطقة. لا تزال دول الخليج تواجه من تحديات التنمية والتطور الاقتصادي ما يلزمها بالأخذ بالاعتبار تنويع اقتصادياتها وعدم اعتماد اقتصاديات هذه الدول على ثروة النفط كالمصدر الرئيس لاقتصادياتها. يشير موقع منظمة دول التعاون الخليجي إلى أن معدل سكان دول الخليج يبلغ 38.6 مليون نسمة، فيما ترتفع نسبة سكان الخليج الذين هم دون 15 عاما إلى 30 في المائة، هذه المؤشرات التنموية العالية ستحتم على الدول تنويع اقتصادياتها لتضمن عدم اعتمادها على قوى اقتصادية أخرى، بل السعي إلى تشكيل تكتلات سياسية استراتيجية واقتصادية ستنهض بدورها إقليميا. وقد سعت دول الخليج إلى تأطير ذلك بشكل تشريعي عن طريق إقرار الاتحاد الجمركي، فقد قرر المجلس الأعلى لمجلس دول التعاون الخليجي في دورته الـ23 التي عقدت في دولة قطر يومي 21 و22 كانون الأول (ديسمبر) 2002م، مباركة قيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس في الأول من كانون الثاني (يناير) 2003م، وأقر الإجراءات والخطوات التي اتفقت عليها لجنة التعاون المالي والاقتصادي (وزراء المالية والاقتصاد في دول المجلس) لقيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس. ومع الأحداث الحاصلة دوليا والتغير في موازين القوى الاقتصادية، كما نلحظ الآن بوضع الولايات المتحدة بالتصنيف الائتماني، والذي فقدت الولايات المتحدة قدرتها الائتمانية من الصنف العالي، فقد خفضت وكالة "ستاندرد آند بروز" للتصنيف الائتماني، تصنيف الولايات المتحدة الائتماني المتعلق بالقروض الطويلة الأمد درجة واحدة من AAA إلى +AA، إضافة إلى خطط الإنقاذ الأوروبية التي ما فتئت أن تستنجد بها الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى. كل هذه الإشارات توحي بأن موازين القوى الاقتصادية وبالتالي موازين العلاقات الدولي في مرحلة انتقالية من قطب إلى قطب آخر أو من قطب إلى عدة أقطاب متنافرة أو متجاذبة سياسيا واقتصاديا وتنمويا، وقد تتجه الأنظار في الوهلة الأولى إلى الصين وإلى الدول النامية الأخرى مثل الهند والبرازيل؛ وللحفاظ على قوى دول الخليج الاقتصادية وقوة المنظمة لتأسيس هيكلية مؤسسات وحدوية تنظيمية تدخل إلى حياة الفرد الخليجي والمؤسسات المشتركة بعد النجاح الذي حققته دول الخليج في توحيد بعض الأنظمة، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر: • النظام العام لحماية البيئة، الذي أقر عام 1995 والذي شكل مرجعية لأنظمة البيئة في دول الخليج. • السوق الخليجية المشتركة، الذي تم الإعلان عنها عام 2007. ومقابل التغيرات السريعة في المنطقة سيتحتم بعد هذه الأحداث إذا أرادات دول الخليج الوقوف أمام التحديات الآنية، كما دعا إليها الدكتور عبد الله النفيسي باتخاذ تدابير ستبني موقفا سياسيا موحدا قادرا على مواجهة التحديات الخارجية وهو متمثل بضم وتوحيد الوزارات التالية: • توحيد وزارة البترول • توحيد وزارة الدفاع • توحيد وزارة الخارجية ويمكن ضرب مثل لذلك في توحيد المزيد من الأنظمة المشتركة وإنشاء هيئات مشتركة، ونذكر مثالا لذلك: المحكمة الخليجية العليا في الجانب العدلي، ونطرح كذلك مثالا آخر يتعلق بالعمل متمثلا في تفعيل شغل الوظائف الشاغرة في دول الخليج للخليجيين كأولوية عن طريق استحداث قاعدة بيانات للخريجين والعاطلين عن العمل مما يضمن انتقال الأيدي العاملة والكفاءات الخليجية للتنمية في الدول الأعضاء، بالإضافة إلى توحيد الوزارات الآنف ذكرها. كل هذا سيسهم في تعزيز الإطار التنموي الوحدوي المشترك لدول الخليج وللدول التي ستنضم إليها في المستقبل.
إنشرها
Author

التوقيع الإلكتروني.. حلول فعالة للمصادقة والتوثيق

|
مع الانتشار الواسع للتعاملات الإلكترونية، أصبح التحول من المعاملات الورقية إلى التعاملات الإلكترونية أكثر سهولة وأقل تعقيدا ولكن التحدي يكمن في تنفيذ هذه التعاملات من حيث المصادقة والتأمين، ويمكن النظر إلى تقنية التوقيع الرقمي كآلية للمحافظة على سلامة ونسبة الأمان في التعاملات الإلكترونية. وحيث إن الاعتماد على الإنترنت لتبادل المعلومات والتواصل في تزايد مستمر، فإن المخاوف الأمنية أصبحت أكثر أهمية، فالحاجة ماسة إلى الهوية الرقمية أو التوقيع الرقمي والذي سيعمل على تفعيل تعاملاتنا واتصالاتنا بطريقة أكثر جودة وبنسبة أمان عالية. فمن الملاحظ أنه عند إجراء المعاملات إلكترونيا، لا يوجد طريقة يمكن من خلالها تأكيد هوية من قام بإرسال أو تسلم المعاملة، ومن هنا تأتي إمكانية استخدام التواقيع الرقمية للمصادقة الإلكترونية على مصدر الرسائل أو المعاملات، فالتوقيع الإلكتروني يؤكد الهوية الحقيقية للمرسل والأهم من ذلك يمكن استخدامه للحفاظ على سلامة البيانات، حيث إن تعديل الرسائل أو المعاملات بعد التوقيع أمر غير وارد مما يشكل أحد مصادر قوة وتميز التواقيع الإلكترونية كحل فعال للمصادقة والتوثيق. وبالنظر لأهمية أمن وسلامة التعاملات الإلكترونية ومدى الضرر والحرج الذي قد تقع فيه العديد من القطاعات الحكومية والخاصة عند تعرض معاملاتها ووثائقها للقرصنة أو الاستخدام غير المسؤول فإن توافر التواقيع الرقمية بأسعار في متناول الجميع وبطريقة مناسبة للتطبيقات والأعمال كافة أصبح ضرورة، حيث إن هناك ضغطا مستمرا لحماية قطاع الأعمال بشكل عام من الأنشطة الوهمية وسوء الاستخدام، خاصة أن مستوى المخاطر هو نفسه بالنسبة لقطاعات الأعمال كافة بغض النظر عن حجم القطاع، وهذا الأمر يحتم ضرورة تطوير سلامة إجراءات التعاملات الإلكترونية لجميع القطاعات وتنفيذها بفعالية لتحقق مردودا اقتصاديا أعلى. فمثلاً، الخدمات المصرفية الإلكترونية تتطلب نسبة أمان عالية حتى تتمكن من بناء ثقة العملاء عند استخدامهم الخدمات الإلكترونية ولكن مع الأسف فإن حالات الاحتيال المصرفي في تزايد مستمر رغم أن العديد من البنوك قام بتطوير آلية الدخول للخدمات البنكية كتأكيد إدخال رقم سري يتم إرساله عبر الأجهزة المحمولة أو غيرها من الأجهزة، ولذلك فإن عددا كبيرا من البنوك العالمية توجه نحو تبني الآليات القائمة على التوقيع الإلكتروني أو الخواص البيومترية لزيادة نسبة الأمان في الوصول للتعاملات البنكية الإلكترونية. كما أن استخدام التواقيع الإلكترونية سيساعد على الحد من الاعتماد على استخدام الورق في تعاملاتنا كافة وسيعمل في السياق نفسه نحو الجهود الرامية إلى تعزيز مفهوم البيئة الخضراء، فاستخدام التواقيع الإلكترونية له فوائد أخرى ستسهم - إن شاء الله - في تحمل المسؤولية المشتركة تجاه البيئة والمجتمع.
إنشرها
Author

العناية بالحرمين الشريفين من صميم رسالة ملوك المملكة

|
لا أحد يزايد مطلقاً على أن العناية ببيت الله الحرام والمشاعر المقدسة، في مكة المكرمة التي كرمها الله إذ جعل بيته الحرام فيها، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة التي هي من أحب البقاع إلى الله، والاهتمام ببيوت الله داخل البلاد وخارجها، والحرص على تشييدها وتوسعتها وصيانتها وإعمارها وتهيئتها للعبادة .. لا شك أن ذلك كله يعد من صميم رسالة ملوك المملكة العربية السعودية، بداية من عهد المؤسس، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ـ طيب الله ثراه. وسيبقى التاريخ دائماً خير شاهد عدل وصدق على ما كان يؤكده المؤسس يرحمه الله. فالكل يدرك أن الملك عبد العزيز آل سعود قد بذل كل ما كان يملك من جهد في سبيل تيسير الحج على المسلمين وتأمين سبله حتى أصبح الناس من أهل بلاده وضيوفها من حجاج وعمار وزوار، يتنقلون عبرها من أقصاها إلى أدناها، لا يخشون إلا الله والذئب على أغنامهم. فكأن تحقيق الأمن والاستقرار وتأمين سلامة الحجاج والمعتمرين وزوار الحرمين الشريفين وتيسير سبل الوصول إليها من كل فج عميق، هو أهم إنجاز حققه الملك عبدالعزيزـ يرحمه الله ـ، إذ كانت رحلة الحج قبل عهده الميمون محفوفة بالمخاطر ومليئة بالرعب، ولم يكن الحاج يأمن فيها على ماله أو حتى نفسه. أما على صعيد توسعة الحرمين الشريفين، فقد اهتم ملوك الدولة السعودية منذ عهد المؤسس بخدمتها والقيام على رعايتها وتوسعتها، إذ بدأها الملك عبد العزيز عام 1344هـ (1925م) بتوطين مصنع كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. وبدأت مشاريع التوسعة السعودية للحرمين الشريفين بعد تأسيس المملكة مباشرة. ففي عام 1354هــ (1935م)، أمر الملك عبد العزيزـ طيب الله ثراه ـ بعمل ترميمات وتحسينات شاملة في المسجد الحرام. وفي عام 1368هـ (1948م) أعلن عن عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف، بعد أن ضاق على المصلين، فأضاف إليه مساحة إضافية لتزداد مساحته الكلية. ثم تواصلت جهود ملوك هذه البلاد الطاهرة في العناية بالحرمين الشريفين، فأضيفت للحرم المكي ساحة أخرى في عهد الملك سعود، وكانت تلك عمارة عظيمة لم يشهد الحرم المكي مثلها من قبل. وفي عهد الملك فيصل ـ يرحمه الله ـ، أضيفت التوسعة الجديدة، كما أضيفت توسعة أخرى في عهد الملك خالد ـ يرحمه الله. وفي عهد الملك فهد ـ يرحمه الله ـ شهد الحرمان الشريفان أكبر توسعة حتى الآن، يساعده ولي عهده الأمين، وعضده القوي المتين آنئذ الأمير عبد الله بن عبد العزيز، والتي أنفقت القيادة الرشيدة عليها مبالغ مالية طائلة لنزع الملكيات وتطوير المناطق المحيطة بالحرمين وتنفيذ شبكات الطرق والجسور وغيرها من الخدمات الأساسية. وقادة هذه البلاد الطاهرة دائماً يسعون ويحرصون على خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ويتضح ذلك جلياً من خلال تغيير لقب (صاحب الجلالة إلى لقب خادم الحرمين الشريفين) الذي يتشرف به حكام هذه البلاد المباركة. واليوم، يأتي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سائراً على الدرب ذاته، فيأمر بتثبيت لقب (خادم الحرمين الشريفين) مناشداً شعبه ومواطني بلاده كافة في حضرة طلبة العلم، ألا ينادوه بـ ( ملك الإنسانية) أو (ملك القلوب) بل بـ (خادم الحرمين الشريفين) اللذين يتشرف الملك عبد الله بن عبد العزيز بخدمتهما. وكلنا ندرك أن الحرمين الشريفين والمدينتين المقدستين كانتا في أول سلم أولوياته، ولا سيما المشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة، فأسس هيئتين مستقلتين لتطويرهما. وها هو اليوم ـ يحفظه الله ـ يضع حجر الأساس لمشروع أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام على مساحة تقدر بأربعمائة ألف متر مربع وعمق ثلاثمائة وثمانين متراً تستوعب أكثر من مليون ومائتي ألف مصل، وقد دفعت الدولة مليارات الريالات للعقارات التي تم نزع ملكيتها لصالح هذه التوسعة النوعية التي تعد علامة بارزة في عمارة المسجد الحرام. وهكذا نجد أن ملوك المملكة العربية السعودية يضطلعون بهذا التكليف والتشريف من منطلق شرف المسؤولية في خدمة الحرمين الشريفين والأراضي المقدسة... وسوف تستمر مسيرة الخير القاصدة سائرة على طريق الصلاح والنماء إن شاء الله، تنشر نور الإيمان من هذه البقاع الطاهرة في سائر أرجاء المعمورة.
إنشرها
Author

الأمير سلمان والريادة في العمل الخيري

|
دائما يقال الشيء بالشيء يذكر، وهذا يدل على مناسبة هذا المقال الذي بني على مقال سابق لي عن الجمعيات الخيرية، ومع ما أعلن عنه الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود عن توجيه الاحتفال بمرور 50 عاما على تقلده إمارة الرياض إلى صرح اجتماعي خيري يخدم المنطقة. وحقيقة أشكر وزارة الشؤون الاجتماعية على التجاوب وإيضاح بعض الغموض للرأي العام حول عمل بعض الجمعيات الخيرية، وإيضاح الأدلة الإرشادية للعمل في الجمعيات، ولكن ما كان يهدف له المقال السابق هو شيء من المتابعة والرقابة على بعض الجمعيات والقرب منها وتسهيل عملها وإرشادهم للطريق الصحيح، وعدم التركيز على الرقابة المالية وعدم العناية بالجوانب الأخرى، ورغم وجود بعض الأجانب في بعض الجمعيات الخيرية - وهذا أمر واضح للجميع أينما اتجهت في هذا الوطن المعطاء - ورغم وجود بعض المخالفات في بعض الجمعيات سواء إدارية أو مالية، إلا أن هذا لا ينتقص من الدور الذي يقوم به كثير من الجمعيات الرائدة في هذا الوطن. ومن أمثلة الجمعيات الرائدة في العمل الخيري وفي رعاية كثير من الأسر الفقيرة، جمعية البر الخيرية، وجمعية إنسان وغيرهما من الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وكذلك بعض رجال الأعمال الذين لهم دور ريادي في فعل الخير المؤسسي المنظم؛ مثل أوقاف صالح الراجحي الخيرية. وفي هذا المجتمع الذي فطر على حب الخير الذي ينبع من عقيدته الإسلامية، وقيادته الحكيمة، التي جعلت التنمية الاجتماعية هدفا رئيسيا لها لتحقيق الرفاه لأبناء هذا الوطن المعطاء. فجمعية البر الخيرية ترعى عددا كبيرا من الأسر في مختلف أنحاء هذا الوطن المعطاء ولها كيان مؤسسي عريق من النموذج المثالي للعمل الخيري. وكذلك جمعية إنسان التي تهتم بشريحة مهمة في المجتمع من الأيتام والأرامل، وترعى عددا كبيرا من الأسر في منطقة الرياض وغيرها الكثير من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي لها دور بارز، ولكن مثل جمعية البر وجمعية إنسان عبارة عن نماذج ريادية في العمل الخيري. وبما أننا في هذا الشهر الفضيل شهر الخيرات يكون دعم مثل هذه الجمعيات الرائدة في مجال العمل الخيري، التي حققت إنجازات كبيرة في دعم العمل الخيري التنموي، يكون من وجوه البر، ومثل هاتين الجمعيتين لا أحد يستغرب من النجاح المحقق لهما لأنه يقف خلفهما رائد من رواد العمل الخيري الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وأبناؤه الذين لهم أياد بيضاء في دعم العمل الخيري، ورجال مخلصين للعمل الخيري، وبذلك أصبحتا من المؤسسات الخيرية التي يشار إليها بالبنان في آلية العمل الخيري كما ونوعا. ومن الجوانب الإنسانية والخيرية في شخصية الأمير سلمان بن عبد العزيز توجيه سموه الكريم بتحويل احتفال الأهالي بمرور 50 عاما على تقلده إمارة منطقة الرياض إلى مشروع خيري يخدم منطقة الرياض تحت اسم جمعية الأمير سلمان بن عبد العزيز للأعمال الخيرية، وهذه الحاضنة الخيرية سوف تسهم في تقدم العمل الخيري في منطقة الرياض بشكل خاص والمملكة بشكل عام، ولا شك أن تناسب الإعلان عن هذا الكيان الخيري الاجتماعي في هذا الشهر المبارك شهر الخيرات سيحقق - بإذن الله - الريادة في دعم العمل الخيري كما ونوعا من خلال تفاعل أهالي منطقة الرياض مع هذه الجمعية الخيرية، وجعلهم يتسابقون في الخيرات. حفظ الله رائد العمل الخيري الأمير سلمان بن عبد العزيز، وبارك الله له في مسيرته التطويرية والإنسانية التي تعد مفخرة للجميع. والله من رواء القصد
إنشرها
Author

«العنود» .. مؤسسة خيرية منتجة

|
العمل الخيري بات في العصر الحاضر له أسسه واستراتيجياته القائمة على براعة التخطيط والدراسة وآلية التنظيم المرنة وأساليب الممارسة والتنفيذ، فلم يعد كما كان سابقاً مقتصرا على الوقوف أمام مداخل وأبواب الجوامع يحمله شاب في مقتبل العمل أو المراهقة يدعو الناس للتبرع ويحثهم على ذلك. وهو في حينه كان نافعاً وذا جدوى إلا أن الحال والزمن اختلفا. فالعمل الخيري أصبح اليوم برنامجا ورؤية يتجه نحو الصدقة الباقية المسماة في المصطلح الشرعي الصدقة الجارية ويراد بها المستمر نفعها للاثنين المتبرع والمستخدم لذلك التبرع. وهو ما تقوم به مؤسسة الأميرة العنود الخيرية، ولنا مع هذه المؤسسة الخيرية بالفعل، وقفات ومحطات تبين أبرز الأعمال التي استهدفتها في برامجها وأعمالها الخيرية: طباعة المؤلفات ليس هناك اختلاف بين أهل العلم والفتوى حول أن العلم الشرعي تعليمه وتعلمه والإعانة عليه - ومنها طباعة الكتب وإعادة تحقيقها - يعد من أجل وأفضل الأعمال الصالحة التي تستمر محصلة الأجر والثواب في خزانة صاحبها، ولهم في ذلك عدة أدلة أهمها: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... إلى أن قال: أو علم ينتفع به"، فقوله علم ينتفع به يعود لأمرين: أحدهما العالم الذي أملى العلم وألقاه، والآخر للمنفق المعين على نشر العلم وطباعته وبقائه بين أيدى الناس. وهو ما انتهجته المؤسسة من خلال اصطفاء مجموعة من الكتب العلمية الزاخرة بالعلم الصافي الأصيل المتفق عليه من أهل العلم والتحقيق. ووضعها في معظم مساجد العاصمة - على حد ما أعلم. ومما أكمل العمل بهاء وجمالا هو ضمها في درج واحد. ففيها التفسير والتوحيد والحديث والفقه والأصول والنحو والمواعظ. وفي هذا نفع لا يعد ثوابه ولا يحصى. إذ إن الكتب أمام المأموم والقادم للصلاة والمنتظر لها دوماً، مما يسهل عليه التقاطها ومطالعتها، فهي ليست في موضع بعيد كالمكتبة، وأضف إلى ذلك أن المنتفع بها ليس مقتصراً على طلاب العلم ومحبيه، بل حتى على كبار السن والكهول، وهم من ألهتهم لقمة الخبز عن التفقه في دينهم وأمورهم الشرعية فيتصفحون منها ما يرفع جهلهم ويزيد من علمهم ومعرفتهم، خاصة أنهم أكثر من غيرهم مكثا في المساجد. دعم الأسر المحتاجة الإعانة المالية أحد أساليب العمل الخيري قديما وحديثا. وهذا ما تقوم به المؤسسة، غير أنها تحاول التركيز على من أعوزهم الفقر وأقعدهم المرض. وتاهت بهم الحيرة. ولست بصدد الإسهاب نحو سياق الأمثلة، إنما تكفي الإشارة للراغب في التعرف على ما قدمته المؤسسة وتقدمه، العودة إلى كتاب: "عاشت بعد أن ماتت"، لمؤلفه الدكتور يوسف عثمان الحزيم، الذي أكرمني مشكوراً بحزمة من الكتب والمؤلفات، من بينها هذا الكتاب الذي يضم بين دفتيه عددا من القصص التي وصل فيها الدعم إلى صرف مبلغ شهري وشراء منازل ومعالجة مرضى وسداد ديون. مركز الأميرة العنود الحضاري انطلاقة جديدة عبرتها هذه المؤسسة تعد سابقة في نوعها، وهو المركز الحضاري التابع للمؤسسة، ما إن تلقيت دعوة أستاذي الدكتور يوسف للحضور لمجالس العنود الرمضانية، إلا وطرأ لي أن هناك مفاجأة في الانتظار، لعلمي بصفاء ذهنه وإبداعه الفكري وبالفعل كان ذلك، فالمحاضرات متنوعة منها التاريخي والشرعي والتأصيلي المختصر، ولها أبعادها وغاياتها ومن ذلك: 1 - تخصيص هذا الشهر الفضيل بالذكر ومدارسة العلم. 2 - التذكير بأهمية وإعجاز أعظم وأصدق وأبقى الكتب (القرآن الكريم والسنة المطهرة). 3 - إحياء النفوس وإشعال نور الإيمان بها. 4 - تعميق وتجسيد أواصر المحبة والألفة بين السلك الدبلوماسي المقيم في المملكة والحضور. صاحبة الوصية كتبت الوصية الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد وعمرها لم يتجاوز 27 عاما، وكتبها سماحة العلامة عبد العزيز بن باز - رحمهما الله تعالى - فلنتأمل فطنتها ورجاحة عقلها في أمرين: كتابة الوصية في هذا العمر، والآخر اختيارها هذا العالم الجليل المجمع على قبوله ومحبته من الأمة. وكما قال الدكتور يوسف في المؤلف المحال إليه سابقاً، الأمر يشير إلى أن هناك (وعيا مبكرا بمعنى الحياة وسر الخلق). الأمين العام ليس لدي أدنى شك في أن انتقاء وتعيين الدكتور يوسف الحزيم أميناً للمؤسسة يعد مغنماً ومكسباً كبيراً، فهو متعدد المواهب والقدرات تراه كاتباً اقتصادياً واجتماعياً وإدارياً، وفي جانب الإلقاء تراه متحدثاً قوياً منظماً، وفي جانب الإدارة والقيادة تراه متصفاً بسماتها وعلاماتها من التقدير والحماس والوضوح والانضباط والمسؤولية والبساطة والإبداع، وأشير إلى خصلة الحيوية والنشاط والهمة في شخصيته في هذه العجالة: كنت المسؤول عن استقبال المشاركين والمتحدثين في المنتدى الثاني للإدارة والأعمال الذي نظمته أخيرا مجموعة نما المعرفية، ففوجئت بأنه صعد على خشبة المنصة وأخذ بإعداد وتجهيز مادته من خلال جهاز الحاسوب والتأكد من عمل الطاقة الكهربائية قبل موعد الجلسة بزمن مبكر، وقال لي مازحاً "وش رأيك في هذا المتحدث اللي جاي قبل الحضور مش دليل على النشاط والحيوية"، قلت له: ما في شك.
إنشرها
Author

ناقوس الخطر.. الطبقة الوسطى

|
لا يخفى على الكثيرين من أبناء الوطن (العربي) أو (الغربي) أن من بين الأسباب التي أحدثت الثورات الشعبية في الدول العربية هو (ازدياد تلاشي الطبقة المتوسطة في تلك الدول) نظرا لقيام الجهات المعنية فيها بوضع بعض التشريعات القاسية على المؤسسات (الصغيرة) و(المتوسطة) التي تسهم في تكوين الطبقة المتوسطة من أجل تنظيمها دون مراعاة للظروف التي نشأت فيها وبطريقة تكاد تخلو من سبر أغوار آثارها في استقرار الأوضاع الاقتصادية في دولهم قبل تطبيقها، مما نتج عن ذلك إغلاق الكثير منها في ظل ازدياد الأعداد السكانية في هذه الدول، نظراً لعدم إدراكهم خطورة مثل هذه التشريعات أو القرارات على استمرار المؤسسات (الصغيرة أو المتوسطة) على الرغم من أنه لا يخفى عليهم أن هذه المؤسسات تعد المصدر الوحيد الذي يقتات منها كثير من أبناء شعوبهم في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها العالم خلال هذه المرحلة، علاوةً على ذلك فإن تلاشي ازدياد تجار التجزئة من أبناء شعوبهم في السوق المحلية بسبب احتكار هذه التجارة لدى فئة معينة دون الفقيرة تسبب أيضاً في إحداث ثورات الشعوب العربية، علماً بأن (الطبقة المتوسطة على مر التاريخ كلما ازدادت في المجتمعات توسعاً ازدادت الدول استقرارا)، ولهذا فإن كاتب المقالة يرى أن مثل هذه التشريعات (دقت ناقوس الخطر) فحصل (الخطأ الذي لا يغتفر) لأنها أسهمت في القضاء على الطبقة المتوسطة مما نتج عن ذلك انعدام استقرار المجتمع بكل أطيافه ومكوناته، ولهذا أتمنى من المسؤولين عن مثل تلك التشريعات في وطننا الغالي إعادة دراسة الأنظمة والتعليمات التي تنظم عمل المؤسسات (الصغيرة) و(المتوسطة) دون المساس بها أو إغلاقها، لتصب في مصلحة المواطن لا التضييق عليه ليتفاعل مع هذه التشريعات بطريقة حضارية، نظراً لأن مثل هذه المؤسسات تسهم في تكوين الطبقة المتوسطة في المجتمع ولتتماهى مع توجهات قيادة المملكة الساعية لإيجاد التوازن الاقتصادي لأبناء الوطن، من خلال تحسين أوضاعهم المعيشية لتحقيق الاستقرار المجتمعي بطريقة حضارية واستراتيجية بكل صوره وأشكاله.
إنشرها
Author

مركز وطني لاستعادة البيانات الرقمية

|
جدّ في حياة مجتمعنا استخدام الكمبيوتر بشكل مكثف، حتى أننا لا نجد جهة حكومية لا تستعين بأعمال الحاسب الآلي، وتبعا لذلك تراكمت المعلومات والبيانات في هذه الأجهزة بشكل ملحوظ مع مرور الوقت وكثرة الأعمال، وتعاملت الجهات الحكومية مع الكم الهائل من البيانات هذا بشكل متباين ومتمايز، إلا أن الجميع أدرك مع الوقت أنه يفقد كثيرا من هذه البيانات، وجدت حقول جديدة في مجال البيانات تعنى بفهرسة البيانات وأرشفتها وضغطها واسترجاعها. واختلفت الآراء بين جيلين من المسؤولين، جيل رأى أن التقنية الحديثة مكلفة ومعقدة وزادت من احتياج الجهات إلى مزيد من التقنية بلا نهاية. وجيل جديد آخر رأى أن البيانات ومعلومات الجهة لا تقدر بثمن وهي أغلى من أي أجهزة. وتمثل هذه المعلومات سجلا تاريخيا ووطنيا للمنشأة، قد تتغير الأنظمة أو الأجهزة لكن هذه المعلومات لا تتغير، وأنا مع هذا الفريق ومن مؤيدي قيمة البيانات والمعلومات في كل منشأة حكومية. في السابق كانت تحفظ الوثائق في ملفات داخل ما يدعى بالأرشيف، وما زال الأرشيف موجودا تقريبا في كل الجهات الحكومية، لكننا - كما ذكرت - في مرحلة انتقالية بين الحفظ الورقي والحفظ الرقمي. الحفظ الورقي مارسناه وبعض الجهات تحتفظ بوثائقها منذ 70 سنة، وعرف أغلبية الموظفين أهمية حفظ المستندات الورقية، لكن المشكلة في الحفظ الرقمي، فلم يستوعب جيل قديم إلى الآن أن المعلومات المتداولة عبر التقنية الحديثة هي المعلومات والبيانات السابقة نفسها. فنجد في أكثر من جهة حكومية أنها تفقد نظامها الإلكتروني الداخلي بالكامل أو يتم تغيير نظامها السابق دون اكتراث للبيانات والمعلومات السابقة. المشكلة لدى البعض في أنهم لا يقيمون إلا المعلومات التي يلمسونها ويحسونها في الأوراق فقط، وهنا ونحن نمر بمرحلة حرجة ستترك فجوة في تاريخ السجل المعلوماتي للجهات الحكومية. لقد بدأت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بخطوة جيدة عبر خدمة "حفظ"، وهي خطوة جيدة ضمن سلسلة خطوات الطريق الصحيح نحو الحفاظ على المعلومات الوطنية الشاملة، لكن الخدمة لم تشمل الجهات الحكومية وشبه الحكومية كافة، وتهتم بالمستفيدين الذين يملكون تطبيقات لحفظ وتمرير البيانات والمعلومات. في المقابل، يهتم برنامج "يسر" بالمعلومات الخاصة بالتعاملات الحكومية الإلكترونية ويغفل عن المعلومات الإلكترونية الأخرى في الجهات الحكومية. من هنا، أرى لزاما في هذه المرحلة إنشاء مركز وطني لاستعادة البيانات الرقمية وحمايتها من الكوارث المعلوماتية، تكون مسؤولية هذا المركز تخصيص مساحات معينة من البايتات لكل جهة حكومية في المملكة، واستيراد المعلومات بطرق آلية من هذه الجهات الحكومية إلى مساحاتها المعنية وتصنيفها وتبويبها وضغطها ومزامنتها مع مركز آخر رديف في مدينة أخرى، يحوي هذا المركز أنظمة تخزين ضخمة وتطبيقات استرجاع لكل جهة معنية. ويشغل المركز شبكة اتصالات قوية مع هذه الجهات لتعمل بالتزامن في غير أوقات العمل الرسمي، لتسمح بنقل سلس للبيانات ودون إرهاق للأجهزة. كما ينبغي أن يحتوي المركز على خزائن ضخمة وآمنة للوسائط التي تجمع من الجهات كافة بعد تصنيفها وفرزها وتبويبها. ويضم كادرا من المؤهلين يتوزعون دوريا على الجهات الحكومية لينقلوا إجراءات حفظ المعلومات وطنيا، وقبل ذلك نشر ثقافة الحفاظ على سجل البيانات والمعلومات الوطنية من الضياع.
إنشرها
Author

تحليل الويب ودوره في نجاح مواقع التجارة الإلكترونية

|
من خلال الإنترنت استطاعت التجارة الإلكترونية وبالأخص تجارة التجزئة خلق مزيد من الصفقات والفرص وتطوير مفهوم التسوق الإلكتروني، والعمل على إيجاد حلول مبتكرة لأنظمة المدفوعات الإلكترونية، والاستفادة من تطبيقات وتقنيات أجهزة الهواتف الذكية، إضافة إلى تقديمها سبلا مريحة وميسرة مثل عربات التسوق الإلكتروني Shopping Carts. ويحرص القائمون على مواقع التجارة الإلكترونية على تحديد أفضل العوامل المحفزة للاستفادة الكاملة من هذه المواقع وتقديمها للزبائن بشكل مميز، مما يعمل على إبقاء ولائهم واستمرارية استخدامهم المواقع، وفي هذا السياق تعمل بعض الأدوات التحليلية للويب على ضمان تحسين قنوات التسويق الإلكتروني ومساعدة الزبائن على إتمام عملية الشراء دون أي معوقات. ومن النصائح المستمدة من تحليل الويبWeb Analytics أن تسمح عربات التسوق الإلكترونية بإضافة علامة Tag لتحليل سير عملية الشراء منذ اختيار الزبون البضاعة المراد شراؤها إلى إتمامه عملية التسلم، فالتحقق من أداء المتسوق وسير عملية الشراء أحد العوامل المهمة في نجاح الموقع وزيادة رضى المستخدم، فعلى سبيل المثال قد نلاحظ أن بعض المتسوقين لم يكمل عملية الشراء بسبب مشكلات تقنية في الموقع عندئذ يجب التنبه لها. كما يمكن الاستفادة من محركات البحث الرئيسة وشبكات التواصل الاجتماعي في إبراز صفحة المنتجات الخاصة بالموقع وتسهيل الوصول إليها، وأن تتضمن صفحات الموقع عناوين الكلمات الرئيسة ذات الصلة والدلالة على المنتجات المراد تسويقها. ومن الأمور التي يجب التنبه لها العمل على اكتشاف رغبات وتفضيلات زوار الموقع بشكل عام، فقد يكون لزوار الموقع توجهات وتطلعات مغايرة عن الأهداف والخطط التي تم تبنيها. ويمكن أيضا، رصد الزيارات للموقع التي تتم عن طريق أجهزة الهواتف المتنقلة لتقديم عروض محددة استناداً إلى الموقع الجغرافي للجهاز المستخدم، وذلك عبر الاستفادة من بعض الخدمات المتوافرة على بعض الأجهزة مثل خدمة تحديد الموقع Location based services. إضافة إلى ما ذكر، فإن الوصول إلى العميل بشكل سريع دون أي تعقيدات من العوامل التي يجب مراعاتها، فيمكن مثلاً وضع إعلانات متفرقة داخل صفحة المنتجات الرئيسة تعمل على إتمام عملية الشراء بنقرة واحدة Pay-Per-Click، وذلك تجنبا لخروج العملاء المبكر من الموقع دون الاستفادة والوصول لمبتغاهم بشكل سريع. إن الاستفادة من البرامج التحليلية لمواقع التجارة الإلكترونية ستعمل على المساعدة في جمع البيانات الأساسية عن سلوكيات وأنماط الشراء لدى العملاء وطريقة تنقلهم داخل الموقع وأهم العوامل المحفزة للشراء. في اعتقادي، أن الاستفادة من التطبيقات المستخدمة في تحليل الويب بشكل عام وفي التجارة الإلكترونية بشكل خاص يمكن أن يمنح قطاع الأعمال فرصة كبيرة للتوسع في قاعدة عملائها، ليس ذلك فحسب بل يمكن اعتباره ضرورة يجب الحرص عليها للبقاء والمنافسة في عالم التسوق الإلكتروني. فالبيانات التي نحصل عليها من خلال هذه التحليلات ليست مجرد أرقام إنما تعني عملاء ومستهلكين يجب العناية بهم والمحافظة عليهم. كما أن استخدام تحليل الويب يمكن أن يساعد الأعمال التسويقية الإلكترونية الصغيرة لمنافسة الأسماء الكبيرة في مجال التجارة الإلكترونية. متخصص في أمن المعلومات والتعاملات الإلكترونية
إنشرها
Author

الجامعة الإلكترونية .. فاعلية التعليم والتدريب

|
إن التطور المتسارع في عالم التكنولوجيا والتقنية يتواكب مع تصاعد روح المنافسة في شتى المجالات التقنية، وخصوصا التعليم إلكتروني والتدريب التقني لما يمثله هذا الجانب العلمي من أهمية بالغة في التطور والتقدم، وجاءت موافقة خادم الحرمين الشريفين لإنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية مواكبة للتقدم ومسايرة للتطور وإتماما لمسيرة العلم في مملكة العلم ومهبط الوحي المملكة العربية السعودية، وتعد هذه الجامعة دعما لرسالة ومفهوم "التعلم مدى الحياة" أو ما يعرف بالتعلم المستمر لكافة أفراد المجتمع السعودي. عندما نجعل التعليم الإلكتروني داخل دائرة الضوء فسنلاحظ حصافة الرأي عند صاحب القرار من خلال النظرة المستقبلية للتعليم الإلكتروني وما يتمتع به ذلك من مزايا تعود على الوطن والمواطن بالنفع والفائدة. وقرار إنشاء الجامعة الإلكترونية يعد قرارا مشجعا للقطاعين العام والخاص، وذلك للاستفادة من استخدامات التقنية في التعليم والتدريب، وسيكون دافعا لمن يريد المضي قدما نحو مسيرة الإنماء والتطور، والوصول بذلك إلى نتائج قصيرة الأمد في التطور التقني لمواكبة المسيرة. وستعمد الشركات والمؤسسات التعليمية لجعل التدريب استثمارا وتنمية وستسعى لتطويره خلافا لما كانت عليه في الماضي من جعل التدريب التقني عنصرا ثانويا وليس أساسيا في خطة الشركة والمؤسسة، بل وربما تسعى بعض الشركات لخفض النفقات الخاصة بالتدريب، بل واستقطاع البنود الخاصة بالتدريب وإنفاقها في جانب آخر. وبذلك يرسخ مفهوم أن التدريب التقني والتعليم الإلكتروني هو استثمار ناجح في الكوادر البشرية المتخصصة. وتجدر الإشارة إلى ارتفاع حجم الإنفاق العالمي على التدريب بشكل ملحوظ ففي الولايات المتحدة وحدها على سبيل المثال بلغ الإنفاق على التدريب الرسمي نحو 60 مليار دولار، وتبين أن التدريب كان له أثر إيجابي ملموس وذلك بطريقة قياس العائد على الاستثمار أو ما يعرف بـROI. إن التعليم الإلكتروني يتميز بمزايا عدة سنعرج عليها بإيجاز، فمنها على سبيل المثال لا الحصر توفير الوقت مع الحفاظ على جودة التعليم كما يعد هذا النوع من التعليم أكثر فعالية من حيث التكلفة، وخصوصا أعباء وتكاليف التنقل والسفر. والتعليم الإلكتروني لا يتطلب إهدار وقت بعيدا عن العمل، فبإمكان الموظف التدرب في أي مكان حتى لو كان مقر عمله. والتعليم الإلكتروني يلبي احتياجات المتدربين ويقضي على مشكلة التباعد الجغرافي، فلو أن كل متدرب أو متعلم في مدينة مختلفة لأمكن التعامل معهم كما لو كانوا في قاعة واحدة. وفيه أيضا مراعاة الفروق الفردية وتوفير احتياجات الفرد التعليمية، كل بحسب خبرته وقدرته ووقته واختلاف نمطه التعليمي. ويعد نوعا من أنواع التعليم المستمر، فهو ميسر للطلاب والموظفين والذكور والإناث من كل أطياف المجتمع. ومن خلال الدراسات نستنتج أن التعليم الإلكتروني لا يحقق التوفير الأمثل في التكاليف المالية والبشرية فحسب، بل إنه أكثر فاعلية في تحقيق التعليم والتدريب وقد أظهرت دراسات عديدة أن التدريب بالوسائط المتعددة يزيد من سرعة تلقي المعلومات ويساعد على رسوخ المعلومات أكثر، ويكون المتدرب أقدر على فهمها وتطبيقها. كلنا أمل في أن تكون الجامعة صرحا من صروح التعليم التقني وأن تقدم تعليما عاليا مبنيا على أفضل نماذج التعليم المستند على تطبيقات وتقنيات التعلم الإلكتروني. وأن تساعد الجامعة على نقل وتوطين المعرفة الرائدة بالتعاون مع جامعات وهيئات وأعضاء هيئة تدريس داخلية وعالمية، بمحتوى تعليمي راق من مصادر ذات جودة أكاديمية مرموقة، والاستفادة من شتى العلوم بما يتناسب مع متطلبات المجتمع السعودي. مدير إدارة الجودة الإلكترونية - وزارة التربية والتعليم
إنشرها
Author

هل وضعنا الأولويات الصحيحة للتصدي لتحديات الطاقة التي نواجهها؟

|
قد تستعمل إحداها لتجفيف شعرك، أو غسل أواني المطبخ. وهناك واحد في كل مصعد وفي كل نظام للتهوية. أما في قطاع الصناعة فهي تشغل الآلات، والمضخات، والمراوح، والنواقل وغيرها. أرجو أن تكونوا قد أدركتم ما أتحدث عنه، فأنا أتحدث عن المحركات الكهربائية. فهي فعليا موجودة في كل مكان وتستهلك الكثير من الطاقة. وفي الحقيقة، فإن المحركات الكهربائية هي أكبر مستهلك للكهرباء. وتستهلك المحركات الكهربائية ما يقرب من 45 في المائة من الاستهلاك العالمي للطاقة الكهربائية، حسب تحليل جديد لوكالة الطاقة الدولية. أما الإنارة فتحتل المركز الثاني في استهلاك الطاقة الكهربائية وتستهلك 19 في المائة من الطاقة الكهربائية في العالم. وتحليل وكالة الطاقة الدولية تحليل يستدعي منا الوقوف عنده. فهو يعني أن محطة من كل محطتين لإنتاج الطاقة الكهربائية تقوم بعملها لإنتاج الطاقة اللازمة لتشغيل المحركات الكهربائية. وعليه، فالمحركات الموجودة في العالم تستهلك من الطاقة خلال 60 ثانية فقط ما يكفي لتزويد 1246 منزلا في الشرق الأوسط باحتياجاتها من الطاقة خلال سنة كاملة. ولو أردنا أن نعيد صياغة ما سبق، فسنقول إنه إن أخذنا كل الطاقة الكهربائية التي تنتج في العالم من بداية السنة وحتى تاريخ 16 حزيران (يونيو)، فسيكون لدينا من الطاقة ما يكفي لتشغيل المحركات الكهربائية الموجودة في العالم لمدة سنة. وهذه الدراسة هي التحليل العالمي الأول لاستهلاك الطاقة في المحركات الكهربائية، أما الحقيقة المذهلة الأخرى التي يكشفها ذلك التحليل فهي ما مقدار الطاقة التي يمكن توفيرها من التي تستهلكها المحركات الكهربائية. فالكثير من المحركات لا تتميز بالكفاءة، أو أن حجمها لا يتناسب مع سبب استخدامها، أو أنها تعمل في أوقات يجب ألا تعمل فيها. وتشير الدراسة إلى أنه من الممكن بالإضافة إلى خفض تكلفة تشغيل المحركات أن نوفر بين 20 و30 في المائة من استهلاك المحركات الكهربائية للطاقة، التي توازي بين 9 و14 في المائة من الإنتاج العالمي لاستهلاك الكهرباء في العالم. وقد يعتقد المشككون أن تحقيق وفرة وفوائد كبيرة من زيادة كفاءة المحركات قد يكون أبعد من أن يكون حقيقيا. والسبب في وجود إمكانات توفير كبيرة لم يتم استغلالها هو في رأي وكالة الطاقة الدولية وجود العديد من العوائق التي تجعل من الصعب جني فوائد ذلك العمل. وتبرز تلك العوائق بشكل واضح نتيجة لدراسة مسحية لمديرين صناعيين أجريت هذا العام بواسطة وحدة المعلومات في مجلة "الإيكونوميست" بالنيابة عن شركة "أيه بي بي". بينت الدراسة أن 60 في المائة من العاملين في الصناعة لم يستثمروا في تحسين كفاءة الطاقة أي رأسمالهم أو مصانعهم أو معداتهم خلال السنوات الثلاث الماضية. وأشار المديرون إلى عدم وجود دراسة مالية واضحة للاستثمار في كفاءة استهلاك الطاقة، إضافة إلى الافتقار إلى التمويل اللازم ونقص المعلومات عن خيارات كفاءة الطاقة باعتبارها العوائق الثلاثة الرئيسة لاستثمار شركاتهم على نطاق واسع في كفاءة استهلاك الطاقة. وتعد هذه مفاجأة، في ضوء ما يمثله استهلاك المحركات من الطاقة الكهربائية والذي يبلغ ثلثي الطاقة المستهلكة في الصناعة، وفي حين أن التكلفة السنوية لاستهلاك الطاقة الكهربائية لتشغيل المحركات في الصناعة يمكن أن تصل إلى سبع أضعاف قيمة تلك المحركات. سيذهب تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى أهمية رفع الوعي؛ إذ إن ذلك يسد فجوة مهمة في الجدل الدائر حول الطاقة والمناخ، وذلك بإيضاح بعض الحقائق المؤلمة حول موضوع كانت القياسات والتحليلات المستقلة تنقصه. إلا أنه يشير وبوضوح إلى الدور المركزي لصناع السياسات في الوصول إلى الوفورات المحتملة في استهلاك الطاقة في المحركات الكهربائية: فمستويات الكفاءة كانت في أعلى مستوياتها عندما كان صناع السياسات أكثر نشاطا، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة وكندا والصين. وفي هذا السياق، فإن تاريخ 16 حزيران (يونيو) يعتبر علامة فارقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. ففي ذلك التاريخ دخلت الإجراءات اللازمة لتحسين كفاءة المحركات موضع التنفيذ في المنطقة الأوروبية، والتي ينتظر لها أن تسهم في توفير (135 تيرا واط ساعة) TWh من الطاقة الكهربائية في السنة بداية من 2020. ويساوي ذلك ما ينتجه 22 مفاعلا نوويا، وتمثل توفيرا على قطاع الصناعة في الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 63 بليون ريال سعودي (12 بليون يورو) في السنة على اعتبار أسعار الكهرباء في الوقت الحالي. وتعد ألمانيا العدة لإغلاق جميع مفاعلاتها النووية خلال العقد المقبل؛ إذ ستلعب الإجراءات التي تم اتخاذها في استخدام أكثر كفاءة للطاقة دورا مهما في مساعدة أكبر اقتصاد في أوروبا على مواصلة نموه دون مواجهة نقص في الطاقة. وتنعكس أهمية المحركات الكهربائية في لغتنا: فحين نشير إلى دولة أو صناعة معينة على أنها محرك للنمو، فإننا في الواقع نسلط الضوء على تلك الأهمية الكبيرة. إن تقرير وكالة الطاقة الدولية يعيدنا إلى الأصول، لكي ندرك الدور المهم الذي تلعبه المحركات في اقتصادنا. فقد حان الوقت لنضع المحركات في قلب استراتيجياتنا لمواجهة تحديات الطاقة والمناخ التي تواجهنا.
إنشرها
Author

المواطن واحتكار الوكالات التجارية

|
أقر مجلس الوزراء القطري منذ فترة مشروع قانون تنظيم أعمال الوكلاء التجاريين بهدف السماح بتعدد الوكلاء التجاريين في المجال الواحد، وذلك من أجل كسر ومنع الاحتكار وتوفير السلع والخدمات للمستهلكين بأسعار تنافسية. وحيث إن السعودية تُعتبر أكبر سوق تجاري في المنطقة، فإن القرار أعلاه سيؤثر في الأسعار المحلية إذا لم تكن هناك موانع قانونية بين الشركات التجارية الأم والوكلاء السعوديين لهذه المنتجات التجارية. وإننا نتطلع في المملكة إلى سرعة إقرار مثل هذا القانون لما في ذلك من فوائد عديدة لجميع الفئات في المملكة سواءً الاستهلاكية أو الإنتاجية، وسينعكس بشكل إيجابي على الأسعار؛ لأن السعودية بشكل عام تُعتبر دولة مستوردة. ومن الناحية الاقتصادية، فإن احتكار استيراد السلع والخدمات (وجود وكيل واحد فقط للسلعة أو الخدمة) سيؤدي إلى ارتفاع سعرها وإذا وجدت دولتان إحداهما تسمح بالاحتكار والأخرى لا تسمح به فإن ذلك سيؤدي إلى تدفق في السلع والخدمات من الدولة الأقل احتكارا إلى الدولة الأكثر احتكارا، وسيجنى فائدة ذلك تجار الدولة الأقل احتكارا. وهذا ما حدث في المملكة، فعلى سبيل المثال عندما أنهت الدولة احتكار قطاع الاتصالات انعكس ذلك على أسعار المكالمات بالانخفاض وأدى إلى تحسن في الخدمات المقدمة بسبب المنافسة بين مزودي الخدمة المتعددين، وبالمثل ما حدث لبعض وكالات السيارات. وبهذا الصدد أعتقد أن الوزارة ستكون في مواجهة خيارين، هما: إما حماية المستهلك وذلك من خلال تشجيع خفض الأسعار عن طريق التغاضي عن استيراد سلع وخدمات الوكالات التجارية من الدول المجاورة، أو منع دخولها للبلاد حمايةً للوكلاء المحليين ومالكي الوكالات التجارية العالمية. وحيث إن مجمل الاستيراد من السلع والخدمات التي نحصل عليها هي مستوردة، فإن أي انخفاض في السعر سيكون في مصلحة المستهلك. وعلى سبيل المثال فإن قيمة استيراد إحدى الوكالات التجارية لأجهزة إلكترونية، والتي يحتكر استيرادها وكيل واحد في المملكة، نحو ألف مليون ريال فإن انخفاضا في السعر بنسبة (5 - 10 في المائة) سيؤدي إلى توفير مبلغ (50 إلى 100) مليون ريال على المستهلكين النهائيين. وبالمثل غيرها من مئات الوكالات التجارية. أعتقد أنه يتعين على وزارة التجارة و الصناعة القيام بدور أساسي في هذا الشأن من خلال إصدار قانون لتنظيم أعمال الوكلاء التجاريين؛ لما في ذلك من خدمة كبيرة للمواطنين الذين يرزحون تحت وطأة غلاء الأسعار (الحقيقي في بعض الأحيان وغير المُبرر في كثير من الأحيان)، خصوصا مع موجة الغلاء وارتفاع معدل التضخم في المملكة.
إنشرها
Author

ضرورة استخدام الهواتف الذكية في إدارات تقنية المعلومات

|
أدى الانتشار المتزايد لاستخدام أجهزة الهواتف الذكية إلى ظهور بعض الصعوبات في قدرة كثير من إدارات تقنية المعلومات على التحول للاستفادة من أجهزة الهواتف الذكية بشكل أكبر وإحلالها بدلا من الأجهزة المكتبية وأجهزة اللاب توب. فمن الواضح أن سيطرة الهواتف الذكية قادمة لا محالة والمواجهة مع الأجهزة المكتبية أصبحت شبه محسومة، وهذا الأمر بدأ يشكل عقبة جديدة لدى العديد من مديري تقنية المعلومات في تغيير استراتيجياتهم المتعلقة بالبنية التحتية للموارد التقنية والمهنية. ففي عام 2010، نحو 95 في المائة من الشركات البريطانية قدمت أجهزة كمبيوتر محمولة لموظفيها ولكن التطورات الراهنة والانتشار المذهل لأجهزة الهواتف الذكية حفز العديد من الشركات على تقديم أجهزة الهواتف الذكية لتسعة من أصل عشرة موظفين وخاصة أن العديد من الموظفين يرفضون استخدام أجهزتهم الشخصية لأغراض العمل، وهذا من أبسط حقوقهم الوظيفية، ومنذ مطلع هذا العام شهدت الطلبات على الأجهزة الذكية تزايدا من قبل مديري تقنية المعلومات في عدد من الدول، وذلك لتوفيرها لموظفيهم للتواصل عبر البريد الإلكتروني والوصول إلى الشبكات الداخلية والتطبيقات الخاصة بشركاتهم. إن مثل هذه التغييرات التي سيواجهها مديرو تقنية المعلومات ستشكل عبئا كبيرا عليهم ما لم يواجهوا الأمر باحترافية عالية والعمل على تغيير خططهم واستراتيجياتهم حيال العديد من الأمور المتعلقة بالبنية التحتية لتقنية المعلومات وسياسات عمل وأداء التطبيقات وكل ما يتعلق بالأمور الأمنية المرتبطة باستخدام الهواتف الذكية، فالمسائل الأمنية ستظل على الدوام الشاغل الأهم لمديري تقنية المعلومات، خاصة أن العديد من التقارير أشارت إلى أن عدد المنظمات التي شهدت اختراقات أمنية نتيجة إدخال أجهزة غير مصرح بها ارتفعت من 27 في المائة خلال عام 2010 إلى 42 في المائة خلال هذا العام.
إنشرها
Author

مَن يضع معايير للمسؤولية الاجتماعية؟!

|
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المسؤولية الاجتماعية على الصعيد العالمي والإقليمي والمحلي، لما لهذا المفهوم من دور فاعل في دعم العمل التنموي، وبالتالي تفعيل دور القطاع الخاص في أداء واجباته تجاه المجتمع بحتمية الواجب الاجتماعي والأخلاقي، كون هذا القطاع يعمل ويستفيد من هذا المجتمع، وبالتالي عليه التزامات وواجبات أخلاقية يجب الوفاء بها، رغم أن هدف القطاع الخاص في أساسه المعيار الربحي والمادي، لكن لا يمنع أن يؤخذ في الاعتبار التوازن بين الجانب الاقتصادي بمضمونه الربحي، والجانب الاجتماعي بمضمونه الأخلاقي؛ لتحقيق نمو اقتصادي على المستوى الاستراتيجي للمنشأة أو الشركة. وأثناء اطلاعي على موقع مجلس المسؤولية الاجتماعية في الرياض باحثا عن معايير لأداء الشركات في المسؤولية الاجتماعية، لم أجد معايير، ولم أجد أيضا في الموقع سوى خمس شركات في دليل الشركات التي لديها برامج المسؤولية الاجتماعية، وهذا غير صحيح، لدينا شركات لديها برامج عديدة في المسؤولية الاجتماعية، لكن لم تدخل ضمن هذا الدليل لأسباب لا أعلمها، وربما يكون الموقع لا يزال تحت التحديث المستمر في هذا الجانب. وفي غياب المعايير لقياس الأداء الاجتماعي للشركات من المخول بوضع معايير المسؤولية الاجتماعية، هل هي الغرف التجارية أو مجالس المسؤولية الاجتماعية أو وزارة التجارة أو وزارة الشؤون الاجتماعية، بصفتها التي تجني ثمار الأثر من هذه البرامج؟! لماذا حتى لا توجد هيئة أو جهة تحدد المعايير أو أدوات القياس للأداء الاجتماعي، وتعتني بهذه المقاييس؟! لماذا لا يوجد تصنيف بناء على هذه المعايير؟ حيث لدينا أكثر من 150 شركة أرباحها مليارات الريالات في الربع الواحد، وهذا مؤشر على أن القطاع الخاص في المملكة ينمو بشكل سريع بسبب السياسات التنظيمية في ذلك، ورغم تحقيق الأرباح العالية إلا أن هناك في الوقت نفسه غيابا كثيرا من برامج المسؤوليات الاجتماعية في هذا القطاع، وإن وجدت بعض المبادرات والاجتهادات مذكورة مشكورة، لكن بشكل تطوعي غير مؤسس بالاستدامة. أما آن الأوان لوضع مقياس أو مؤشر للمسؤولية الاجتماعية لأداء الشركات الاجتماعي في المجتمع يتناسب الأداء الاجتماعي تناسبا طرديا مع الحوافز والمحفزات، بحيث كلما زاد الأداء الاجتماعي زادت المحفزات التي تقدم لهذه المنشأة أو تلك. ويكون الأداء الاجتماعي مصنفا إلى ثلاثة مستويات، وكل مستوى إلى ثلاث درجات حسب رأس المال والنشاط، وبالتالي ترتقي هذه الشركات من درجة إلى أخرى سلبا وإيجابا، على أن يترتب على هذا الارتقاء حوافز مساوية لهذه الدرجات.
إنشرها