يطرح كثير من الخبراء والباحثين في شؤون علوم السياسة والاقتصاد وحتى علم الاجتماع سؤالا مهما حول مدى تأثير اللغة والمصطلحات في تفكيرنا ونظرتنا للأشياء، أو أنها مجرد قوالب لما نفكر فيه، ونلاحظ أن هذه الإشكالية الفلسفية أثرت في فهمنا للعلاقة بين اللغة والتفكير وهناك فرضية شهيرة في هذا السياق تقول، إن بنية اللغة ومفرداتها يمكن أن تشكل أو تؤثر في الطريقة التي ينظر بها متحدثوها إلى العالم ويتصورونها، وهي في صورتها القوية، تعرف بحتمية اللغة، فالأخيرة هي التي تحدد الفكر، بينما في صورتها الضعيفة، والمعروفة بالنسبية اللغوية، فإنها تقترح أن اللغة مجرد مؤثر في الفكر ضمن مؤثرات، وعلى كل حال فقد أصبح من المسلم به أنها ليست مجرد وسيلة للتواصل فحسب، بل عامل مؤثر في المكونات المعرفية، مثل التصنيف والذاكرة والإدراك وآلية حل المشكلات، وفي كثير من الأحيان تؤثر في المعايير الثقافية والقيم والممارسات الاجتماعية، فاللغة من منظور واسع تشكل الأطر المعرفية للأفراد ونظرتهم للعالم وهذا يسهم في التنوع اللغوي وتنوع وجهات النظر المعرفية واختلاف طرق فهم العالم.
تواجه ملاك الشركات العائلية تحديات تتعلق بصعوبة الحصول على تمويل من المصارف التجارية وذلك عقب ارتفاع سعر الفائدة عالميا، كما هي الحالة اليوم، ومعظم طلبات التمويل هي لمواجهة التكاليف التي تتحملها مشاريعهم، ولا سيما تلك الأعمال التي انطلقت في زمن الأموال المجانية، أي سعر الفائدة المنخفضة.
بناء قواعد العمل والاستدامة للشركات ينطلق من المعرفة بالدورات الاقتصادية والإدارة المالية الخاضعة لحوكمة الشركاء من خلال مجلس إدارة، بمعنى آخر اتباع قواعد السوق تساعد الأعمال على النجاح ومواجهة التحديات. تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة مغلقة أو عامة أصبحت هذه المهمة أكثر إلحاحا مع التغيرات السريعة، وكذلك الظروف الاقتصادية العالمية، حيث تؤدي الإصلاحات الاقتصادية -على سبيل المثال- إلى زيادة معدلات الشفافية والمنافسة وتغير حصص السوق بناء على كفاءة الشركات، كما أن الحوكمة للمشاريع التي تطرحها الحكومة تطورت بدرجة كبيرة جعلت الأسواق أكثر تنافسية وشفافية على جميع المستويات.
حتى لو نجح مؤسسو الشركة العائلية في تخطي بعض الدورات الاقتصادية إلا أن هناك مخاطر أخرى مثل وفاة المؤسس وتفتيت الشركة بين الورثة والتي تؤدى في نهاية المطاف إلى الخروج من الاقتصاد.
ما تحتاج إليه الشركات العائلية اليوم توجيهها للعمل من خلال فرق الإدارة المحترفين والرؤساء التنفيذيين، أي من خارج دائرة الأسرة، ولغايات فصل الإدارة عن الملكية، كما يمثل تشكيل مجلس إدارة عبر تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة أو شركات مغلقة -على سبيل المثال- ببيع 30 في المائة من حصة الشركة العائلية لملاك جدد، سيضمن بقاء الشركة حتى بعد وفاة المؤسس، وهو مؤشر على جدارتها أمام الممولين.
لا يزال الاقتصاد العالمي في مرحلة التعافي، وستتواصل هذه المرحلة في العامين المقبلين على أقل تقدير. فالمصاعب التي مر بها هذا الاقتصاد كانت كبيرة، ولا تزال مستمرة، سواء من ناحية مواجهة الموجة التضخمية الراهنة، أو من تبعات الحرب الدائرة حاليا في أوكرانيا، فضلا عن المشكلات التي لم تنته تماما على صعيد سلاسل التوريد، وتفاقم المواجهات الناجمة عن الخلافات الجيوسياسية. أمام هذا المشهد، الذي تحسن كثيرا عما كان عليه في العام الماضي، تتركز الأنظار على مستويات النمو المتوقعة في العام المقبل، التي لا بد أن تكون مقبولة لضمان اجتياز الاقتصاد العالمي مرحلة التعافي الصعبة. القلق بشأن النمو وروابطه وسع دائرة عدم اليقين التي تعمقت كثيرا، في أعقاب انفجار جائحة كورونا، على الرغم من خروج العالم من آثارها الصحية على الأقل.
هذه المعارك المتنوعة ضرورية، لكنها ستكون مكلفة، وستحد القيود الاقتصادية والسياسية من قدرة الحكومات على تمويلها من خلال فرض ضرائب أعلى. والواقع أن نسب الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة بالفعل في معظم الاقتصادات المتقدمة -خاصة أوروبا- وسيؤدي التهرب الضريبي، والتجنب، والموازنة، إلى زيادة تعقيد الجهود المبذولة لزيادة الضرائب على الدخل المرتفع ورأس المال "على افتراض أن هذه التدابير قد تتجاوز جماعات الضغط أو تحصل على الدعم من أحزاب يمين الوسط".
إن ارتفاع الإنفاق والتحويلات الحكومية، دون زيادة متناسبة في الإيرادات الضريبية، سيؤدي إلى زيادة العجز الهيكلي للميزانية بشكل أكبر مما هو عليه بالفعل، ما قد يؤدي إلى نسب ديون غير مستدامة من شأنها زيادة تكاليف الاقتراض وبلوغ ذروتها في أزمات الديون ـ مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية واضحة على النمو الاقتصادي. بطبيعة الحال، في ظل هذه الظروف، سيتعين على عديد من الأسواق الناشئة والدول النامية التي تتحمل ديونا مقومة بالعملة الأجنبية التخلف عن السداد أو الخضوع لعمليات إعادة الهيكلة القسرية. مع ذلك، بالنسبة إلى الدول التي تقترض بعملاتها الخاصة، فإن الخيار المناسب يتلخص في السماح بارتفاع معدلات التضخم كوسيلة لتقويض القيمة الحقيقية للديون الاسمية ذات سعر الفائدة الثابت طويلة الأجل.
من الممكن بعد ذلك دمج هذا النهج الذي يعمل كضريبة على المدخرين والدائنين وإعانة للمقترضين والمدينين مع تدابير صارمة أخرى، مثل القمع المالي أو الضرائب على رأس المال. وبما أن عديدا من هذه التدابير لا يتطلب موافقة تشريعية أو تنفيذية صريحة، فإنها تصبح حتما المسار الأقل مقاومة عندما يصبح العجز والديون غير مستدامين.
بمجرد أن حددت لجنة الانتخابات المركزية في تايوان 12 يناير 2024 موعدا لإجراء انتخاب رئيس ونائب رئيس جديدين للبلاد مع 13 عضوا من أعضاء البرلمان، اتجهت بوصلة وسائل الإعلام الآسيوية والعالمية إلى هذا البلد المعزول دوليا لرصد مشهده السياسي في مرحلة ما قبل إجراء الانتخابات المذكورة، التي يمكن أن تؤثر في الجغرافيا السياسية العالمية لأعوام مقبلة، وربما حددت نتائجها مصير علاقات البلاد مع بكين، التي تعدها جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتطالب باستعادتها، بل أصبحت بؤرة التوتر الأقوى في العلاقات الأمريكية ـ الصينية المشحونة، ومصدرا لقلق جميع أقطار الشرق الأقصى والعالم.
لعل ما أغرى المراقبين والمحللين أكثر لمتابعة المشهد التايواني هو أن انتخابات رئاسة البلديات والمقاطعات التي جرت هناك هذا الشهر أسفرت عن فوز حزب الكومينتانج المعارض بحصوله على 13 مقعدا من أصل 21 جرى التنافس عليها بما فيها مقعد العاصمة تايبيه. وأدت هذه الهزيمة المذلة للحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم إلى استقالة السيدة تساي إينج وين "تترأس تايوان منذ 2016" من منصبها كزعيمة للحزب، اعترافا بفشل مخططاتها لتصوير الانتخابات المحلية كورقة تخويل شعبي للمضي قدما في سياساتها المناوئة لبكين.