Author

أمن البحر الأحمر محور اقتصادي واستراتيجي

|

يأتي إنشاء مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، في الوقت المناسب. فهذه المنطقة تحتاج بالفعل، إلى عمليات تنسيق متواصلة بين دولها بشأن الممر المائي الحيوي، خصوصا في ظل التحديات التي لا تتوقف وتستهدف بصور مختلفة الأمن والاستقرار. هذا المجلس الذي يضم دولا محورية، يستهدف أيضا مواجهة كل الأخطاء المحدقة. دون أن ننسى بالطبع، الانعكاسات الإيجابية للتنسيق والتشاور بين الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، التي ستشمل كل شيء، بما في ذلك توفير الدعم اللازم لأي حراك تنموي في هذا البلد أو ذاك، وإطلاق أشكال جديدة من التعاون بين الدول المشار إليها. فالأمن الذي يحتاج إليه ممر استراتيجي كهذا، لا يخدم فقط دول المنطقة المعنية مباشرة فيه، بل يصب في مصلحة الحراك الاقتصادي والأمن العالمي.
لا بد من رفع مستوى التعاون. هذا الشعار ترفعه المملكة في كل الميادين، خصوصا تلك التي تهم المنطقة كلها. وهذا المجلس يأتي ضمن الحرص السعودي على التعاون، وضمان بقاء الكيانات التجمعية الأخرى، وفي مقدمتها مجلس التعاون الخليجي، ضمن السياق الشامل للتعاون المنشود، بل دعم هذه التجمعات بما يخدم الأهداف العامة ومصلحة كل الدول المعنية فيها. فمجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، كيان آخر لدعم الاستراتيجية الآمنة في المنطقة، التي تصب في النهاية ضمن المصلحة العامة لجميع الدول المعنية. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أهميته بالنسبة إلى الأمن العالمي كله. فالممر المذكور استراتيجي، وطالما نادت المملكة وعملت على إبقاء المواقع الاستراتيجية هذه بعيدة عن المخاطر، لتأمين سير الحراك التجاري والبحري المدني بما يصب في مصلحة الاقتصاد العالمي كله.
المجلس الجديد الذي يتخذ من الرياض مقرا له، يمثل في النهاية أهمية شاملة، استراتيجية واقتصادية وتجارية واستثمارية. هذا الممر معبر عالمي مهم جدا للتجارة الأوروبية والآسيوية ولا غنى عنه لتأمين الحراك التجاري في أي زمن كان. كل الأهداف المرجوة من هذا المجلس، لا يمكن أن تتم إلا عبر الشراكة الإقليمية، بما في ذلك حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة. وهذا الأمن يختص في الدرجة الأولى بتأمين الملاحة، التي تتعرض منذ عقود لاعتداءات النظام الإرهابي الإيراني، بما في ذلك عمليات القرصنة الأخيرة التي استهدفت سفنا مدنية بريطانية ونرويجية وإماراتية وغيرها. من هنا، سيكون مجلس التنسيق هذا، ضمانا للمحافظة على المشاريع والاستثمار حول البحر، بما في ذلك مشاريع خاصة بالمعادن الثمينة، والنفط والمنتجات المائية المختلفة.
ومن النقاط المهمة، أن مجلس التنسيق، يخدم أيضا عددا من الدول الإفريقية التي تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات والبيئة الاقتصادية الآمنة. فالتعاون الأمني ينتج عنه تعاون اقتصادي يصب في مصلحة الجميع، ولا سيما الدول التي تحتاج بالفعل إلى دفع عجلة التنمية فيها. ولعل من اللافت أيضا، أن التعاون بين الدول الإفريقية والعربية سيتم تعزيزه عبر هذا المجلس المهم. فالشراكة العربية - الإفريقية ضرورية في كل الأوقات، خصوصا في زمن التوترات والاضطرابات الإقليمية التي نشهدها هنا وهناك. إن مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، سيوفر أدوات مختلفة على الصعيد الاستراتيجي ومن جهة العلاقات الإقليمية والدولية، وستكون مخرجاته إيجابية لجميع أطرافه. إنها استراتيجية العمل والازدهار والتنمية، وليست استراتيجية الخراب كتلك التي ينتهجها النظام الإرهابي في إيران.

إنشرها