الحد الأدنى للأجور.. إلزامي

الحد الأدنى للأجور.. إلزامي

تجاوب بعض رجال الأعمال في القطاع الخاص مع الأمر الملكي بزيادة رواتب العاملين في القطاع العام وبادروا برفع الحد الأدنى للأجور والرواتب إلى 1500 ريال شهرياً باعتبار أن هذا الحد يمثل وفق الدراسات والأبحاث التي تم إجراؤها الحد الأدنى الذي يقبل به الشاب السعودي في أقل الأعمال دخلاً.
ولأن تحديد الحد الأدنى للأجور يعتبر ضرورياً في أي نظام قانوني واجتماعي انطلاقا من مبدأ مهم، ألا وهو منع فرص استغلال احتياج العامل إلى العمل وذلك بفرض الواقع على العامل ليقبل بأي راتب مهما كان. وليس ذلك فقط هو الهدف من الحد الأدنى من الأجور، فهناك هدف وقائي يساعد على وضع العمال في قالب العمل المشروع فقط، وتقليل عنصري الدافع والحاجة إلى الاستيلاء غير المشروع على أموال رب العمل، فمتى ما توافر لدى العامل الحاجة والدافع فإنه سيخلق لنفسه المبرر الذي يقنع به نفسه في القيام بعمل غير مشروع.
إن هناك تفهماً من جانب بعض رجال الأعمال، حيث بادروا إلى تحسين أجور العاملين لديهم، وهي خطوة يستفيد منها الطرفان العامل ورب العمل، فهي تخلق لدى العمال المزيد من الولاء والإنتاج والانضباط، في حين يجني رب العمل ثمار كل ذلك من أرباحه ومبيعاته وأهدافه التجارية.
ولعل وزارة العمل التي قطعت الكثير في مجال تحسين فرص العمل وأوضاع العاملين وتطوير بيئة العمل في السوق السعودية تبدأ بفعالية أكبر في إجراء حملات تفتيش على المنشآت في القطاع للتأكد من سلامة تطبيق هذا التوجيه الذي أصبح بمثابة حق مكتسب للعاملين، بل وتأكيده بقرارات ملزمة. كما أن الوزارة مطالبة اليوم أكثر من قبل بضرورة إجراء التفتيش الصارم على تلك المنشآت التي لا تزال تمارس أسوأ أساليب الإدارة مع العاملين، خصوصاً القوى العاملة من غير السعوديين، حيث تمضي الشهور دون أن تدفع رواتب للعاملين، مع أن تلك الشركات تحصل على حقوقها من خلال العقود التي تبرمها مع البنوك والشركات والمؤسسات الكبيرة. ويتضح ذلك في تلك الشكاية الدائمة من الكثير من العاملين بتأخير صرف رواتبهم وإعطاء الوعود بأنها ستصرف عندما تأتي الإجازة السنوية أو عند استخراج تأشيرة مغادرة. لذا نجد عمال بعض تلك الشركات مع الأسف الشديد يمارسون التسول داخل المنشآت التي يعملون فيها، وهو أمر يضر كثيراً بالخدمة التي تقدمها تلك الشركات والمؤسسات.
إن بعض الشركات والمؤسسات العاملة في أنشطة المقاولات والصيانة والنظافة تحتاج إلى الحملات الدورية والاستماع إلى شكاوى العاملين فيها، فعندما تكون حقوق الإنسان، أياً كان ذلك الإنسان، في محل ابتزاز ومساومة فإن الجميع ودون استثناء يجب أن يدافعوا عن ذلك العامل أمام قلة نادرة من رجال الأعمال الذين تجمد الدم في عروقهم، فقدوا أبسط المعايير في الحكم على تصرفاتهم وسلوكياتهم وذممهم.
إن وزارة العمل هي الأداة القانونية التي تملك المشروعية في محاسبة ومعاقبة المتجاوزين، ويبقى دور كل منا مهما في إسداء النصيحة والتعاون مع وزارة العمل، ففي ذلك نصرة لرب العمل ضد إساءته لنفسه ولبلده ونصرة للعامل في حق مستحق.

الأكثر قراءة