السوق السعودية تنتظر المحاكم التجارية

السوق السعودية تنتظر المحاكم التجارية

لا يخفى على أحد ما للتجارة من كبير الأثر في حياة المجتمعات، ولذلك نجد أن أغلب التشريعات في جميع بلدان العالم تناولت التجارة بالتنظيم الدقيق سواء من حيث إصدار الأنظمة التي تنظم كل فرع من فروع التجارة أو من حيث تنظيم جهات الاختصاص التي تنظر قضايا المواضيع التجارية. ولذلك كان القانون التجاري من أهم القوانين لأنه ينظم أكبر الحرف وأوسعها على الإطلاق، التي يمتهنها أغلب فئات المجتمع، ولقد مر القانون التجاري على مر العصور وفي مختلف المجتمعات بمراحل تطور عديدة حتى وصل إلى شكله الحالي الموجود الآن الذي من أهم سماته السرعة في التنظيم والسرعة في علاج المواضيع لدى جهات الاختصاص الرسمية ويظهر ذلك في كثير من المواضيع مثال إطلاق حرية الإثبات وتسهيل انعقاد الرهن التجاري والتنفيذ على الشيء المرهون وتخليص تداول الصكوك التجارية من إجراءات الحوالة المدنية واقتضاب مواعيد تنفيذ الديون الثابتة في الأوراق التجارية.
وفي القانون السعودي تتقاسم الاختصاص بنظر القضايا التجارية جهتان هما ديوان المظالم بدوائره التجارية المتعددة التي تختص بنظر القضايا التجارية الخاصة بالشركات والمؤسسات ذات الطبيعة التجارية مثل قضايا الوكالات وقضايا العلامات التجارية وغيرها من المنازعات التجارية. والجهة الثانية هي تلك اللجان التي تتعدد بتعدد القوانين التجارية ومنها مكاتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية ولجنة تسوية منازعات الاستثمار واللجنة المصرفية ولجنة تسوية منازعات التأمين وغير ذلك من اللجان التي يصعب حصرها حتى أنها تكاد تكون جهة مستقلة.
وبعد أن صرح وزير العدل بإنشاء محاكم تجارية متخصصة ينعقد لها وحدها ودون غيرها الاختصاص بنظر القضايا التجارية مهما كان شكلها ونوعها فإن السؤال الذي يطرح نفسه: من سيتولى الفصل في القضايا لدى هذه المحاكم؟ هل سيتم إسناد هذه المهمة إلى القضاة الحاليين الموجودين حاليا في ديوان المظالم بحيث يتم نقل أعمالهم إلى المحاكم التجارية الجديدة؟ أم سيتم تعيين قضاة جدد من خارج هاتين الجهتين بعد أن يتم تأهيلهم وإعطاؤهم دورات تأهيلية كافية للتصدي للقضايا التجارية؟
إن هذا الاتجاه من ولاة الأمر بتوحيد جهات الاختصاص بنظر المسائل التجارية في جهة واحدة متخصصة في المسائل التجارية سيساعد على تنشيط التجارة وضمان حقوق التجار وتحقيق السرعة اللازمة للفصل في المنازعات التجارية. وهذا توجه تنتظره السوق السعودية منذ زمن بعيد لسبب بسيط وهو أن توحيد هذه الجهات في جهة واحدة يسهل مهمة الفصل فيها وذلك لأن هذه المحاكم ستكون متخصصة وفيها قضاة متخصصون فقط في المسائل التجارية مما يجعل العمل فيها يسير بسلاسة وسهولة ويسر وبسرعة فائقة دون خشية الوقوع في أخطاء في التطبيق، لأن التخصص وتقسيم العمل هما من السمات التي تسهل إنجاز المهام أيا كان نوعها وحجمها بعكس الشمولية في التطبيق التي يكون إنجاز العمل فيها صعبا وشاقا ونسبة الوقوع في الأخطاء كبيرة جدا. وهذا يتفق تماما مع سمات القانون التجاري الذي يحتاج إلى قضاء تجاري.
إن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة حرجة لأن وزارة العدل ستكون المسؤولة عن القضاء التجاري بمختلف منازعاته مما يلقي عبئاً ثقيلاً ليس من اليسير تصور كيف ستواجه الوزارة مصاعبه وأعباءه. ورغم أن تجربة وزارة العدل نجحت في تطوير إجراءات التقاضي وفرضت قانون المرافعات كما نجحت في فرض دور المدعي العام على إجراءات التقاضي في القضايا الجزائية وهذا النجاح بلا شك يأتي من قناعة الوزارة والقائمين عليها من المسؤولين بأن دور وزارة العدل في إصلاح الجهاز القضائي يعتبر أكبر مهامها في الوقت الحالي.

الأكثر قراءة