كيف يمكن أن تتأثر واردات أمريكا بعد الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي؟

كيف يمكن أن تتأثر واردات أمريكا بعد الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي؟
"رويترز"

بعد نجاح الولايات المتحدة في إبرام اتفاقيات تجارية مع عدد من الشركاء التجاريين، كان أحدثها الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، يتوقع محللون أن تعيد هذه الاتفاقيات هيكلة العلاقات التجارية بين واشنطن والأطراف الموقعة معها.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد أعلن أمس الأحد توقيع اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي، ستفرض الولايات المتحدة بموجبها رسوما جمركية نسبتها 15% على معظم وارداتها من السلع الأوروبية.

سيستثمر الاتحاد بموجب هذه الاتفاقية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، وسيشتري كذلك منتجات طاقة أمريكية بـ750 مليار دولار و"كميات هائلة" من الأسلحة.

قبل هذه الاتفاقية، توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاقيات مع اليابان والمملكة المتحدة وإندونيسيا والفلبين. وتتطلع واشنطن الآن إلى التركيز على بكين، التي كانت قد اتفقت معها على تدابير مؤقتة لمدة 90 يوما، خفض بموجبها كل من الجانبين الرسوم الجمركية التي يفرضها على الآخر.

بينما يستعد أكبر اقتصادين في العالم لمحادثات مهمة ستبدأ اليوم الإثنين، مع قرب انتهاء الهدنة التجارية بينهما في 12 أغسطس، تشير توقعات إلى احتمال تمديد هذه الهدنة 90 يوما إضافيا.

وربما تُقدم الصفقة الأمريكية مع اليابان والاتحاد الأوروبي خريطة طريق للصين، لكن المحادثات مع بكين قد تكون أكثر صعوبة بحسب ما ذكرته مجلة "فورتشن".

صادرات العالم لأمريكا مرشحة للانخفاض

من المتوقع انخفاض صادرات دول العالم إلى الولايات المتحدة بأكثر من 46% في عام 2027، مقارنة بمتوسط الأعوام الثلاثة الماضية، وفقا لما تظهره أداة أعدتها منصة "OEC" الإلكترونية، المتخصصة في عرض البيانات وتحليلها، لمحاكاة تأثير الرسوم الجمركية. يُعادل هذا نحو 2.68 تريليون دولار.

في المقابل، تظهر الأداة زيادة الصادرات الأمريكية المُتوقعة إلى العالم 12% في 2027، أي ما يُعادل نحو 1.59 تريليون دولار، بحسب شبكة "سي.إن.بي.سي".

يعتمد هذا التوقع على نموذج مصمم لتوقّع كيفية إعادة هيكلة التجارة استجابة لاتفاقية التجارة المُعلنة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحدها، ولا يشمل تأثير جميع الزيادات الواسعة في الرسوم الجمركية المقرر فرضها في الأول من أغسطس المقبل.

سيزار هيدالجو، أستاذ الاقتصاد في كلية تولوز للاقتصاد، ومؤسس شركة "داتا ويل" التي طورت الأداة، قال إنه "بينما تفرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على العالم، فإن العالم لا يفرض رسوما على بعضه بعضا".

علاقات أمريكا التجارية مع الشركاء تتجه نحو إعادة الهيكلة

يرى هيدالجو أن الدول "ستميل طبيعيا إلى إعادة هيكلة علاقاتها التجارية بعيدا عن الولايات المتحدة في عديد من هذه السيناريوهات".

ينطبق هذا على معظم الدول، باستثناء المكسيك وكندا "اللتين ترتبطان ارتباطا كبيرا بالولايات المتحدة، ولا تستطيعان إعادة هيكلة علاقاتهما بسرعة الدول الأقل ارتباطا".

يستند هيدالجو إلى ألمانيا كمثال لتأثير الرسوم الجمركية، قائلا: "في سيناريو أوائل العام الجاري، حيث لم تكن قد فرضت بعد رسوم جمركية جديدة، كان من المتوقع أن ترتفع صادرات ألمانيا إلى الولايات المتحدة من 133 مليار دولار العام قبل الماضي إلى 155 مليار دولار في عام 2027".

مع الرسوم البالغة 15%، من المتوقع الآن أن ترتفع صادرات ألمانيا إلى الولايات المتحدة لتبلغ 149 مليار دولار فقط على أساس المقارنة نفسه.

يقول أستاذ الاقتصاد: "انخفضت الصادرات مقارنة بما كنا نتوقعه لو ظلت التعريفات الجمركية كما هي في الأول من يناير 2025".

اتفاقيات ترمب تغير خريطة التجارة العالمية

في سيناريو الرسوم البالغة 15%، تتوقع الأداة زيادة الواردات الأمريكية من المملكة المتحدة 22.5 مليار دولار، ومن فرنسا 10.2 مليار دولار، وإسبانيا 5.65 مليار.

مقابل ذلك، ستنخفض واردات الولايات المتحدة من الصين بقيمة 485 مليار دولار، ومن كندا بـ 300 مليار دولار، ومن المكسيك بـ 238 مليارا.

نتيجة لانخفاض الواردات الأمريكية من الصين، يُتوقع انخفاض واردات الصين من الولايات المتحدة 101 مليار دولار.

في المقابل، ستزيد بكين وارداتها من روسيا بواقع 70 مليار دولار، ومن فيتنام بـ 34.4 مليار، والسعودية بـ 28 مليارا، بحسب التقرير.

هل يكون المستهلك هو المتضرر الأوحد؟

قبل أشهر، حذر خبراء لوجستيات من أنه، حتى مع انخفاض معدلات الرسوم الجمركية عما أعلن عنه في أبريل الماضي، ستظل المنتجات باهظة الثمن.

تعدد الرسوم الجمركية سيؤدي بدوره إلى زيادة تكلفة استيراد عديد من المنتجات. وستتخلى الشركات عن بعض الشحنات، بحسب شبكة "سي.إن.بي.سي".

يقول مسؤولون تنفيذيون في قطاع التجزئة "إن النتيجة ستكون نقصا في تنوع المنتجات في المتاجر الأمريكية"، وهو أمر اعتاد عليه المستهلكون هناك.

الأكثر قراءة