أينشتاين وول ستريت .. حارس الأمن الذي أصبح وجهة متداولي أشهر بورصات العالم
أينشتاين وول ستريت .. حارس الأمن الذي أصبح وجهة متداولي أشهر بورصات العالم
يظهر عادةً في تغطيات أخبار سوق الأسهم الأمريكية ذلك الرجل ذي ردود الفعل المعبرة، خاصة عندما تنهار الأسهم أو تسجل ارتفاعات قياسية.
إنه بيتر توكمان، الذي اكتسب من عالم الفيزياء الشهير تفرّده وشعره الأبيض الكث، فصار يشتهر بين الناس بلقب "أينشتاين وول ستريت".
لم يكن توكمان دائما ملتصقا بهذا الاسم. لكن عام 2007، بعد أن قطع أكثر من نصف مسيرته المهنية، أصبح فجأة نجم غلاف صحيفة "ديلي نيوز" وحاز اللقب الذي أدخله عالم الشهرة.
في ذلك العام، وبالتحديد في أواخر شهر فبراير، شهدت السوق هبوطا كبيرة. كانت تلك من بوادر الأزمة المالية العالمية، التي حدثت لاحقا.
يقول توكمان في مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال: "كان الظهور الأول لي على الملأ. ظهرت صورتي تحت عنوان: ماذا الآن يا داو؟. هذا الغلاف مُؤطّر ومُعلّق في مكتبي".
أضواء الإعلام تضيف للحياة نكهة خاصة
كانت تلك أفضل سنوات حياة توكمان، بحسب وصفه. فمنذ ذلك الحين، وحتى يومنا هذا، ظهر في آلاف الصور المختلفة للسوق، وعلى مئات الصفحات الأولى. كما ظهر في عدد لا يُحصى من البرامج التلفزيونية حول العالم لمناقشة حركة الأسهم.
ما زال "أينشتاين وول ستريت" يظهر حتى اليوم في وسائل الإعلام الرئيسية يوميا من قاعة البورصة، ليغطي تحركات السوق وتقلباتها.
يقول الرجل: "بدأتُ أُلفت الانتباه ويتعرف الناس عليّ في الشوارع. من الواضح أن وجهي المُعبّر وسلوكي الحماسي هما ما لفتا الأنظار، هذه التركيبة تبدو سريالية بالنسبة لي حتى يومنا هذا، لكني أتشرف بكوني واجهة وول ستريت".
من بوابة ملهى ليلي إلى أرض بورصة نيويورك
بحسب توكمان، فإن رحلته في الحياة قبل تسليط الأضواء عليه استمرت لأكثر من 20 عاما.
فبعد تخرجه من الجامعة، حيث درس الزراعة والمالية الدولية، انتهز كل فرصة ممكنة، حتى إنه عمل حارسا في أحد الملاهي الليلية، وافتتح متجرا لبيع السلع.
واصل توكمان دراسته حتى حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال. وساقته خطاه إلى غرب إفريقيا ليعمل محاسبا لدى إحدى شركات النفط النرويجية.
عاد إلى نيويورك ليستقر فيها، بعد أن اقترح عليه والده ذلك. لكنه يقول إن أيا من فصول حياته لم يكن ليهيئه في ذلك الوقت لليوم الذي وطأت فيه قدماه أرض بورصة نيويورك.
توسط له أحد مرضى والده الطبيب، وكان شريكا في إحدى شركات الخدمات المالية، فحصل على وظيفة كاتب إدخال بيانات عام 1985.
يقول صاحب الشعر الأبيض: "جذبني الأدرينالين والفوضى والإثارة. لحظتها، أدركتُ أني لا أريد سوى هذا المكان".
رحلة صعود في عالم الأوراق المالية تُوّجت بالشهرة
في أول يوم عمل له، في 28 مارس عام 1985، كان مؤشر "داو جونز" يسجل 1265 نقطة تقريبا. كانت الصفقات في ذلك الوقت تُجرى من خلال "الصراخ" وسوق المزادات، وتستغرق 7 أيام لإتمامها، وكان يهيمن على السوق المؤسسات.
أما اليوم، فيقترب المؤشر من 44000 نقطة، وتُنجز معظم الصفقات إلكترونيا وفوريا، وقد دخل ملايين المستثمرين الأفراد بفضل تطبيقات التداول وغيرها.
تدرج توكمان في الوظائف، حتى حصل على مقعد في البورصة، وأصبح وسيطا في 17 أبريل عام 1988، وانضم إليه ابنه بعد ذلك بنحو 30 عاما.
يقول أينشتاين وول ستريت إنه بعد 4 عقود منذ بدايته يعيش "الحلم في أكثر الأسواق تقدمًا في تاريخ البشرية، وآخر حصن للرأسمالية".
كان توكمان شاهدا على أبرز لحظات السوق في التاريخ الحديث، من انهيار 1987، وفقاعة الدوت كوم في 2000، والأزمة المالية في 2008، إلى جائحة كورونا.
وها هو يعيش "دقائق الشهرة" بصفته "أينشتاين وول ستريت"، رغم أن هناك وجوها جديدة تحاول انتزاع مكانة المتداول المحبب للكاميرات.