Author

القدس (أورشليم «3»)

|
في عدد مايو 2010م من مجلة أخبار الولايات المتحدة الأمريكية (U.S News) وفي الصفحة 120, نشر تحت إعلان ''أنت تستحق - أورشليم (3)'' وبعنوان فرعي ''يجب أن تكون إسرائيل قادرة على بناء مساكن في مدينتها العاصمة''. وقد جاء هذا الإعلان من مؤسسة غير ربحية مستثناة من الضرائب تدعي أنها تعليمية وتسمى اللهب (Flame). ويشير الإعلان إلى أنها نشرت هذا الإعلان ودفعت قيمته, كما ورد تحت اسمها أنها تُعنى بالحقائق والموضوعية حول الشرق الأوسط, ولها صندوق بريد وموقع على الشبكة العنكبوتية، وهي تتخذ من مدينة سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية موقعاً لها, ويرأسها من يسمى جيراردو جووف. ويبدأ الإعلان بعنوان على صيغة سؤال: ما الحقائق؟ ويأتي تحت هذا العنوان عنوانان فرعيان لأجزاء من المقال, هما ''ادعاء المسلمين'' و''القدس لم تكن عربية'', وتحت العنوانين يبدأ هذا المقال (الإعلان) بجملة ''أورشليم هي عاصمة إسرائيل, وستبقى كذلك بغض النظر عما يتم التوصل إليه مع الفلسطينيين، وما يعتقده العالم بما في ذلك الولايات المتحدة. وإن هذا قد تم فهمه والاعتراف به من كل الإدارة الأمريكية منذ ولادة إسرائيل'' , ويستغرب ''الإعلان'' أن إسرائيل التي تنوي بناء مساكن لمواطنيها، ألا يتقبل العالم ذلك.. ويستمر ''الإعلان'' في إيراد وجهات نظر تدعم هذا التوجه. وتأتي الفقرة التالية قائلة إن المسلمين الفلسطينيين أيضاً يدعون أورشليم أو على الأقل الجزء الشرقي منه كعاصمة لهم, وأنهم يودون تقسيم المدينة، كما كانت بين 1948م عندما كانت الأردن ''تحتل'' الجزء الشرقي من المدينة (كما ورد في الإعلان) إلى عام 1967 عندما ''حررت'' إسرائيل المدينة في حرب الأيام الستة (كما ورد في الإعلان), حيث تورد بصفة خاصة تقسيم المدينة والاحتلال الأردني والتحرير الإسرائيلي لها. وتأتي الفقرة الثالثة لتشير إلى أن التبرير الأساسي لادعاء المسلمين على المدينة أنها تحتوي على علامات إسلامية مقدسة, وهي مقدسة لدى المسلمين واليهود في ''جبل المعبد'' كما يدعي المقال بمسجديه الأقصى وقبة الصحراء, وما زال الكلام منقول عن المقال, حيث يقول: ''هذا المكان يعد مكان الإسراء والمعراج مع أن ''محمد'' لم يضع قدميه في هذا المكان''، ويشير المقال إلى ''أنه من الجدير بالذكر أن هذه المدينة مقدسة لدى المسيحيين واليهود, وأن لرغبة النبي ''محمد'' في تحويلهم إلى ديانته أوصى لأتباعه بأن يبنوا المسجد في المدينة, إلا أنه لم يرد أبدا في تاريخ المسلمين أو ''المدينة- أي القدس'' أن تقارن بالمدينتين المقدستين مكة والمدينة, التي لا يمكن لغير المسلمين زيارتهما''. ويتطرق المقال إلى تساؤل ''ماذا سيشعر المسيحيون به لو أن النبي ''محمد'' أُسري به من كنيسة القيامة'' في إشارة إلى ما يود ''الإعلان'' وكاتبه من الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين. هذا ''الإعلان'' من مؤسسة تدعي أنها تعليمية وغير ربحية، وتتمتع باستثناء من الضرائب, وتتخذ مدينة من أكبر المدن في غرب الولايات المتحدة, وينشر في مجلة من أكثر المجلات انتشاراً في الولايات المتحدة وخارجها, ويضع عدة تساؤلات منها ما يلي: 1- هذه المؤسسة هي واحدة من عشرات المؤسسات النشطة في الولايات المتحدة, التي تعلن بين وقت وآخر- كما تدعي للتوضيح– بعض جوانب ذات علاقة بالدولة اليهودية الإسرائيلية ومبررات وجودها واحتلالها لفلسطين, وتحاول إبراز الحقوق التاريخية لليهود في القدس وغيرها كوسيلة للتغطية على الاحتلال وتعمل على تشريعه. 2- هذه المؤسسة وغيرها, أفراد ومجموعات, ينشطون في تطويع التأريخ والحاضر فيما يدعم وجهات النظر الإسرائيلية, ويعملون على ترسيخها في الولايات المتحدة بصفة خاصة, والدول الأخرى بصفة عامة. وتأخذ هذه الجهود صورا عدة منها هذا الإعلان الصريح, ومنها طرق أخرى من خلال ما ينشره الكتاب والمؤلفون والناشطون منهم في المجالات الحياتية المختلفة. 3- إن المقابل لهذه التوجهات, هو أن الأنشطة والفعاليات العربية والإسلامية لا ترقى إلى المستوى المهني والاحترافي الذي تتبعه المؤسسات التي منها (FLAME) أو اللهب, سواء بالتصريح أو التلميح. 4- هذا الإعلان والتصريح والتلميح من الناشطين الصهاينة في وسائل الإعلام المختلفة عن الحقوق اليهودية، وبالتالي الإسرائيلية, تطغى بصورة لا ينازعها فيه جهد على ما ينشر ويسمع ويرى في وسائل الإعلام المختلفة, وعلى مستوياتها الإقليمية والعالمية عن الحقوق العربية والإسلامية. 5- لا عجب أن نرى نتيجة لتلك الجهود أن تتبنى المجتمعات، وكذلك المنظمات والمؤسسات المدنية والحكومية مواقف إسرائيل, مع أن كونها مغلوطة، بل ومحرفة بمهنية عالية واحتراف متطور يناسب لغة العصر ويتناغم مع توجهاته. 6- هذا الإعلان ومحتوياته- بل وغيره- مما يصب في نفس المجال يدعم نفس الجهد, أولى أن تقوم بمثله مؤسساتنا الخيرية ومنظماتنا الإسلامية وذوو الرأي في المجتمعات العربية والإسلامية, فهم على حق، ولن تعوزهم الحجة, بل الحجج والأدلة الدامغة لإظهار حقوق العرب– أهل الأرض الأصليون– في فلسطين – الأرض والإنسان. ولعل في هذا الجهد المتواضع وما أشار إليه ''الإعلان'' ما يلفت النظر إلى أهمية مواجهة هذه الإعلانات والكتابات والمؤلفات التي تطغى على تفكير الرأي العام في جميع أنحاء المعمورة, وتؤدي على تصحيح مفاهيمه. والله الهادي إلى سواء السبيل

اخر مقالات الكاتب

إنشرها