Author

اليوم.. والأسبوع العالمي للتطوع - «العمل التطوعي في المملكة» – الثقافة والإطار التنظيمي

|
اهتمت المجتمعات المعاصرة بالعمل التطوعي، حيث تم طرح – على المستوى الدولي – برنامج الأمم المتحدة التطوعي في العام 1967م، وتم إقرار هيئة دولية للمتطوعين وتشكيلها في العام 1971م، وتطورت العملية التطوعية وتجذرت في مجتمعات شتى؛ حتى أصبحت من ''عناوين'' التقدم والتنمية المعاصرة، وشرّعت جهات معنية، محلية وإقليمية وعالمية، أياما معينة في العام لإلقاء الضوء على جوانب أساسية مؤثرة على حياة الفرد والأسرة والمجتمع، في حياتنا المعاصرة. ومن الأيام المعتمدة عالميا، اليوم العالمي للتطوع، الذي يصادف اليوم الخامس من ديسمبر من كل عام ميلادي، والذي خصص الأسبوع التالي له للتذكير به، وتوضيح أهمية مجالاته ونماذج عملية من صوره. و''التطوع'' بذاته و''العمل التطوعي'' بصفة عامة، وهي ركائز اجتماعية أساسية في بناء المجتمع وتطوره، حتى أن التطوع اعتبر قطاعا ثالثا مكملا للقطاع الحكومي والقطاع الخاص. فـ ''العمل التطوعي'' يعتبر نمطا من العمل لا يكاد يخلو مجال من مجالات الحياة من الحاجة إليه، وتظهر صوره بأشكال مختلفة وفي ميادين متباينة، منها التعليم، والصحة، والتنمية الاجتماعية، والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة كالمعاقين والمسنين والأيتام والأرامل. وقد عنيت الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في العصر الحديث ''بالعمل التطوعي'' وأنشأ لذلك مؤسسات وطنية وجمعيات أهلية وخيرية، تتنوع أنشطتها ومجالات خدماتها، حسب حاجة المجتمع وأولوياته. ويحدد مفهوم ''التطوع'' المقدار والمدى التطوعي في المجال المعني، ويُفهم من مصطلح ''التطوع'' وتعريفه من قِبل المختصين أنه: ''ما يتبرع به الفرد من ذات نفسه - مما لا يلزمه فرضه - من الوقت أو الجهد أو المال أو الخبرة أو المعلومات دون انتظار عائد مادي''. وهو بطبيعته نشاط اجتماعي جزئي أو كامل يقوم به الأفراد، بشكل فردي أو جماعي من خلال المؤسسات الحكومية أو الجمعيات الأهلية والخيرية. وتختلف نوعية العمل التطوعي وتتسع أطيافه، فقد يكون من النوع ''المنظم'' أو''غير المنظم''، كما أنه يخضع لطبيعة ومجال العمل ومفاهيمه وضوابطه ولوائحه التنظيمية وحوافزه وآلياته. ويتفق المختصون في مجال ''العمل التطوعي'' على توافر مرتكزات أساسية وقناعات ودوافع شخصية لدى ''المتطوع''، أهمها: 1- القناعة بجدوى ''العمل التطوعي'' في تنمية المجتمع وخدمته وتنمية الإنسان والارتقاء به. 2- توافر الرغبة الملائمة لممارسة نوع من ''العمل التطوعي'' لدى المتطوع. 3- توافر درجة من الثقافة والاطلاع والقدرة على أداء العمل التطوعي لدى المتطوع في المجال الذي يرغبه. 4- عدم التمييز بين الفئات الاجتماعية، وتطبيق مبدأ المساواة والعدالة في توفير الخدمة التطوعية. 5- الالتزام بالأنظمة واللوائح والتعليمات وأخلاقيات المهنة وأداء العمل المكلف به. وفي ضوء كل ما سبق من تعريف ومجالات واستحقاقات متعددة وجوانب متعددة من جهة وإمكانية الإفادة من التطوع في دعم الأنشطة المجتمعية وتفعيل التكافل الاجتماعي والأوجه الخيرية، تظهر الحاجة إلى إذكاء روح التطوع والبذل والعطاء ضمن معطيات ''الرابطة التطوعية'' في المجتمع في مختلف جوانب الحياة، الاقتصادية، والتعليمية، والصحية والاجتماعية ومسؤوليات المؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، وتنظيم ارتباط ''العمل التطوعي'' بهذه المؤسسات وتأطير فعالياتها فيها والإفادة من النماذج المطبقة على المستوى الإقليمي والعالمي. وتوجد أمثلة عدة للجهات التي تقوم على تقنين ورعاية ''العمل التطوعي''، وتتمثل في أحد أربعة اتجاهات: 1- أن تقوم المؤسسات والجهات المعنية بـ ''العمل التطوعي'' بوضع إطار تنظيمي يتوافق مع متطلبات الجهة أو 2- إنشاء هيئة مركزية ''للعمل التطوعي'' تتولى مختلف أشكال التطوع، ومنها جوانب الإعداد والتهيئة وتوفير المتطوعين لمزاولة ''العمل التطوعي'' بمختلف صوره من خلال قاعدة بيانات وطنية للمتطوعين ومجالات ''العمل التطوعي'' والجهات المستفيدة، وتقوم بتمثيل المملكة في اللقاءات أو المؤتمرات المحلية والخارجية ذات الصلة. 3- الجمع بين إيجاد ''هيئة وطنية للعمل التطوعي'' وإيجاد ''إدارة مختصة للتطوع'' في كل جهة تقدم خدمات ذات صفة تطوعية على أن ترتبط – تنسيقيا - بالهيئة وتتكامل معها. 4- إنشاء ''مجالس مناطقية للعمل التطوعي''، تشتمل على عناصر ومواصفات ''الهيئة الوطنية للعمل التطوعي''. وفي المملكة العربية السعودية، تتواجد الأعمال ذات الصفة التطوعية في مختلف الساحات التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وينمو العمل التطوعي المنظم من خلال الجمعيات الخيرية ومساهمة أفراد المجتمع في أعمال البر والإغاثة في الداخل والخارج كما جاءت في لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية - الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (107) الصادر في 25/6/1410هـ - حتى زادت الجمعيات الخيرية على ''400'' جمعية مرخص لها حتى تأريخه، كما أن عمل المديرية العامة للدفاع المدني يشتمل على تنظيم ''العمل التطوعي'' في ميادين عمله، كما جاء في نظام المديرية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م10) وتاريخ 10/5/1406هـ ولائحة التطوع الصادرة بموجب قرار صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس مجلس الدفاع المدني رقم 12/2/و/1/دف وتاريخ 15/01/1422هـ، وشبيهة بذلك هيئة الهلال الأحمر التي لديها تنظيم داخلي للأعمال التطوعية، كما صدر قرار مجلس الوزراء ذو الرقم (310) وتاريخ 27/10/1429هـ القاضي بالموافقة على تنظيم أوضاع منسوبي القطاعين الحكومي والخاص المشاركين في مناسبات وطنية في الداخل والخارج، والذي يمكن الانطلاق منه أيضا لإيجاد الجهة المناسبة ''للتقنين والتفعيل''، كما أنه بالإمكان الإفادة من مخرجات مؤتمرات ذات علاقة عقدت في المملكة، كالمؤتمر السعودي الأول للتطوع والمنعقد في مدينة جدة قبل خمسة عشر عاماً، والمؤتمر السعودي الثاني للتطوع والمنعقد في مدينة الرياض في 21/2/1428هـ والمنتدى العالمي للعمل التطوعي والمنعقد في مدينة أبها في 15/3/1430هـ لتطوير ''العمل التطوعي'' ''المؤسساتي'' ووسائله وطرقه والحث عليه كوسيلة إنماء للفرد وتنمية المجتمع وضمان تكافله وتذلل المعوقات التنظيمية والإدارية والمالية والتشريعية ودعم متلازمة الأمن والتنمية في المجتمع وتفعيل دور الشباب في العمل التطوعي ونشر ثقافته وإبراز التراث والأدبيات التي تحث على العمل التطوعي وصولا إلى تحقيق الترابط المجتمعي وتجسيد الدوافع العقدية والأخلاقية والإنسانية في هذا السبيل، وهو ما يتسق مع توجه حكومة خادم الحرمين الشريفين لتعظيم الاستفادة من الجهود الخيرية لخدمة البلاد والعباد. وبغض النظر عن أي من الأمثلة يؤخذ به، فإن الأهداف وإمكانية تحقيقها يمكن إخضاعها للتقييم والتقويم والتطور وتوجيهها الوجهة الصحيحة من خلال التجربة والتفعيل الميداني، ومن خلال ما يرتبط بها من قضايا وتوجهات ومواكبة التغيرات المجتمعية المعاصرة في المجتمع السعودي، والإفادة من معطيات الخبرات والتجارب الإقليمية والعالمية ليصبح ''العمل التطوعي'' رافدا فاعلا في التنمية والتطوير ودعم التكافل المجتمعي وتجسيد المسؤولية الاجتماعية.. والله الهادي إلى سواء السبيل،

اخر مقالات الكاتب

إنشرها