مجلس الشورى مع تحويلها إلى .. وزارة مستقلة

منذ أن تأسست الرئاسة العامة لرعاية الشباب في عام 1953 (1373هـ) باسم الإدارة العامة للرياضة والتربية الرياضية بوزارة الداخلية، كنا نتطلع إلى منح الشباب والرياضة حقيبة وزارية، ولكن فوجئنا فى عام 1960 (1380هـ) بضمها إلى وزارة المعارف تحت إشراف اللجنة الرياضية العليا برئاسة وزير المعارف، وفي عام 1962 (1382هـ) ضُمّتْ إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تحت ُمسمّى إدارة رعاية الشباب، ثم صدر قرار مجلس الوزراء في عام 11974 (1394هـ) بتأسيس الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ونقل الأمير فيصل بن فهد وكامل كوادر رعاية الشباب إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب، رغم إن الأجواء في السبعينيات كانت تلوح بتحويل جهاز الشباب والرياضة إلى وزارة مستقلة، ولكن المفاجأة كانت رئاسة عامة مرتبطة بالمجلس الأعلى لرعاية الشباب.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2013 (ذو الحجة 1434هـ) ناقش مجلس الشورى خلال جلسته العادية السابعة والأربعين تقرير لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، ومن حسن حظي إننى أطلعت على تفاصيل التقرير المهم جداً للشباب والرياضة الذى يدرس مجموعة من المقترحات من أهمها تطوير الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للشباب والرياضة حتى تكون قضايا الشباب حاضرة دائماً في جلسات مجلس الوزراء. ويقترح التقرير أن يكون للوزارة نائبان الأول يختص بشؤون الشباب، والآخر يختص بشؤون الرياضة، كما أكد التقرير ضرورة التمييز بين مشاريع الشباب ومشاريع الرياضة، وإعطاء كل منهما البرامج الخاصة به.
ويشير تقرير مجلس الشورى إلى أن الرئاسة تعاني نقص الكوادر الفنية المؤهلة، أمّا على المستوى المالي فقد أكد التقرير أن هناك عجز كبير واضح في مخصصات اللجنة الأولمبية السعودية، وكذلك في مخصصات الاتحادات الرياضية بما لا يتناسب والآمال المعقودة على تلك الاتحادات.
وفي مناقشات جلسة مجلس الشورى استوضح بعض أعضاء المجلس عن أسباب وجود 150 وظيفة شاغرة في الرئاسة العامة دون إشغال رغم إن الرئاسة تشكو قلة الموظفين، كذلك لاحظ أحد أعضاء المجلس أن عدد المستفيدين من النشاط الرياضي في الأندية السعودية فقط 38.522 شاباً بينما عدد الشباب السعودي يزيد على سبعة ملايين شاب.
ويربط التقرير بين زيادة بنود الميزانية مع تحسين الأداء الرياضي وتحقيق البطولات الخارجية، كذلك نوهت إحدى العضوات إلى أنه سبق لمجلس الشورى أن أصدر قرارات في عامي 1422هـ و1426هـ بإدخال النشاطات الثقافية والرياضية والاجتماعية للمرأة في نشاط الأندية. وتساءلت الأخت العضوة عن الأسباب التى جعلت الرئاسة العامة لرعاية الشباب تتأخر عشر سنوات لتقديم طلب إلى وزارة المالية لإحداث وظائف نسائية في الرئاسة، كذلك تساءلت عن الأسباب التى لم تمكن الرئاسة من وجود تمثيل رياضي رسمي للمرأة السعودية، كما تساءلت عن الخطط المستقبلية التى تنوي الرئاسة انتهاجها لممارسة الفتيات للرياضة بمفهومها الاحترافي؟!
ولعل أهم ما في التقرير أنه يناقش مشروع الاستراتيجية الوطنية للشباب، مما يعنى أن مجلس الشورى يهتم كثيراً بهذه الاستراتيجية حتى تكون المنطلق الموضوعي لتطوير برامج الشباب والرياضة السعودية.
وواضح أن مجلس الشورى يتابع باهتمام نتائج المنتخبات السعودية على كل المستويات وفي جميع الألعاب، وإنه يتطلع إلى حصول المنتخبات السعودية على استحقاقات أفضل.
إن تطوير الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للشباب والرياضة أمر كنا نطالب به منذ السبعينيات، وأعتقد أن الفكرة نضجت الآن، والظروف تقتضي بالضرورة الارتفاع بجهاز الشباب والرياضة إلى مستوى وزارة تمثل الشباب في مجلس الوزراء.
وكنت فى مناسبات كثيرة أطالب بتحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للرياضة والشباب، وأذكر أن الصديق العزيز مصطفى بن علي الشاعر قال لي فى عام 1404هـ إن والده الأستاذ علي الشاعر وزير الإعلام الأسبق ألمح له أن مجلس الخبراء فى مجلس الوزراء وضع دراسة تؤيد تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للشباب والرياضة غير أن الأمير فيصل بن فهد ــــ يرحمه الله ــــ لم يحبذ الفكرة آنذاك وفضَّل الإبقاء على الرئاسة العامة.
أما إذا تحقق تحويل الرئاسة إلى وزارة، فإن من أهم المشاريع المطروحة على طاولة وزارة الشباب والرياضة هو تحويل الأندية الرياضية من أندية طاردة للشباب.. إلى أندية جاذبة للشباب، إذ من غير المعقول أن تصرف الدولة دم قلبها على الأندية، وفي النهاية الأندية لا تشد الشباب إليها. ويجب أن نقر بأن الدولة بنت الأندية من أجل أن تكون أندية جاذبة للشباب، وإذا أصبحت الأندية جاذبة فإن الكثير من المواهب الشابة ستتقاطر على الأندية وتتفتح أكمامها في الأندية.
وإذا كانت ميزانية الرئاسة العامة لرعاية الشباب لا تغطي كل برامج الشباب، فإن من حق وزارة الشباب والرياضة أن تطالب بزيادة بنود الميزانية، ونحن جميعاً نقر بأن اعتماد مبلغ مليار و500 مليون ريال لا يكفي لتنفيذ كل برامج الشباب والرياضة، ونجزم بأن من أسباب عجز رعاية الشباب هو ضعف الميزانية.
إن مملكتنا شابة يافعة، وإن الشباب يمثل 62 في المائة من عدد السكان، ولذلك فإنه يستحق أكثر من ضعف هذه الميزانية.
وفي إطار تطوير رعاية الشباب إلى وزارة للشباب والرياضة، فإنه يجب أن نصمم برنامجاً واسعاً للإصلاح الإدارى، لأن كل المشاريع المطلوبة للشباب والرياضة مرهونة بوجود جهاز إداري كفء وقادر على تصميم المشاريع وتنفيذها وتحقيق الطموحات، وأهمها ــــ كما قلت ــــ تحويل الأندية إلى أندية جاذبة للشباب وليست طاردة له.
واليوم التاريخ يعيد نفسه ويطرح مجلس الشورى فكرة تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للرياضة والشباب، وأعتقد أن طرح هذه الفكرة فى الظروف الحالية مناسب إلى حد بعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي