مخالفة الإغراق في خدمات النقل
تمنع الأنظمة الدولية والمحلية كأنظمة منظمة التجارة العالمية والقانون الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والنظام السعودي للمعالجات التجارية في التجارة الدولية، تمنع جميعها الإغراق، الذي تم تعريفه بـ(تصدير مُنتَج إلى السعودية بسعر تصدير أقل من القيمة العادية للمنتج المشابه في مجرى التجارة العادي عندما يوجه للاستهلاك المحلي في دولة التصدير).
هذا فيما يتعلق بالإغراق الخارجي. وأما تخفيض سعر السلع داخلياً بشكل يحد من المنافسة ويضر بالعمل التجاري فقد أفرد له المشرع السعودي نظاماً كاملاً سماه (نظام المنافسة) الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/75) وتاريخ 29/06/1440.
ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن الإغراق أو نظام المنافسة بشكل عام. وإنما الحديث عن نوع من الخدمات قد يصعب إثبات الإغراق أو المنافسة غير الشريفة فيها، وذلك حينما يتم مزج دخول مستثمر أجنبي للعمل بقطاع الخدمات داخليا، أو تمكين شركات النقل العالمية بطرح أسعار غير عادلة لمنتجات تباع عن طريق البيع الإلكتروني عن بعد.
وأضرب لذلك مثالين قد يسعدان المستهلك في الفترة القريبة إلا أنه قد يضران بالسوق على المدى المتوسط، ألا وهما شركات التوصيل وشركات البيع عن بعد.
فإننا نجد المنافسة محتدمة إلى حد أنك تجد أن المنتج أو الوجبة تصل لك بأقل من سعر التكلفة، وعندما تتساءل يكون الجواب أن شركة التوصيل العالمية أو المحلية قامت بذلك لغرض التسويق لحداثتها في السوق، وفعلياً نجد شركات الخدمات هذه لا تملك ذلك المنتج وأن سعر المنتج في المتجر أو المطعم هو السعر العادل غير المنخفض سواءً في بلد الإنشاء أو في المتاجر المحلية.
وهنا تكمن الإشكالية فخدمة التوصيل والخدمات اللوجستية التي خفضت السعر وهي لا تملك السلعة يصعب أن نجرم فعلها نظاماً، إلا أن الإشكالية أن هذه الشركات قد تتخذ غطاءً للتاجر الفعلي أو بلد الإنشاء، أو أنها تريد السيطرة المطلقة على قطاع الإمداد السلعي وجعل التاجر المحلي غير قادر على المنافسة، حتى إذا تمكنت يتم قلب الطاولة ورفع الأسعار والتحكم بالسوق.
تم طرح هذا المثال كونه من أوضح الأمثلة ونستطيع بعد ذلك النظر لجميع قطاع الخدمات انطلاقاً من مثالنا في قطاع الإمداد والنقل، فخفض سعر السلعة من قبل الناقل أو مالك الموقع العالمي الذي لا يملك السلعة الخارجية، وليس مساهماً في المطاعم أو المحلات المحلية يصعب تجريمه في الوقت الحالي.
لكن إغفال بيان العلاقة بين الناقل والتاجر الفعلي أو بلد الإنشاء، وإغفال حقيقة التخفيض حتى مع عدم الملكية، وكذلك ترك التخفيض مفتوحاً دون سقوف أو مدد، يحتاج كل ذلك إلى إعادة نظر فعلية في الأنظمة الدولية والمحلية، كي لا يتم إقصاء التاجر المحلي دون أن نشعر.