صوت الشر

لا فرق بين أعمال التخريب والشغب والتحريض عليهما، فنتائج كليهما من السوء ما يجعل وصمة العار أبدية على مرتكبيها ''ما لم يعقب ذلك توبة''. وسواء كان التحريض مباشرا أو بالغمز واللمز، فنتائجه تستدعي وقفة جادة للتصدي، خاصة إذا كان يهدف لتحقيق ما يصبو إليه أعداؤنا المتربصون في الخارج، وبالأخص ملالي إيران ومن يدور في فلكهم. وليس هناك أسوأ من تلميع صورة الشر وجعله قدوة ومثلا يحتذى به، وتصويره وتقديمه للشباب على أنه غاية المرام والمبتغى. قاتل الله سوء النية، كيف يستغل البعض منابرهم الإعلامية للترويج لأيقونات الشر والفتنة، وتصويرهم على أنهم نماذج للرحمة والهدى. ما كان للفتنة أن تستيقظ في البحرين لو لم يكن هناك من يوقظها من سباتها العميق، وما كان لشبكات التجسس الإيرانية في دول الخليج العربي أن تنشأ لو لم يكن هناك تمهيد فكري لشرعنة الانخراط في مثل هذا العمل المخزي والمعيب الذي يمثل قمة الخيانة للوطن، وما كان لأعمال الشغب والتخريب التي حدثت وما زالت تحدث في القطيف والعوامية وغيرها من مدن دول الخليج العربي أن تنطلق لو لم يكن هناك من يحفز ويشجع ويدفع الشباب للقيام بها. ولا أتكلم هنا عن أصوات من الخارج، بل أصوات من الداخل، لأناس بيننا نحسبهم منا، وهم يعملون ليلا ونهارا على إيجاد موطئ قدم لملالي إيران في بلادنا، وهدم ما تم بناؤه في العقود الماضية وللأسف الشديد.
فعلى سبيل المثال حسن الصفار ومن خلال موقعه في الإنترنت، يلمع حسن نصرالله وحزبه بقوله ''إذ مما لا شك فيه يعد بروز المقاومة لإسرائيل، هذه المقاومة الصامدة والثابتة، والشجاعة التي حققت النصر على العدو في لبنان، أعطت فرصة للأمة الإسلامية أن تلتف حولها''، إلى أن قال ''ستبقى المقاومة ـــ إن شاء الله ــــ ثابتة وموجودة، ولكن لو كان هناك دعم وتأييد أو ـــ على الأقل ــــ لو لم تكن هناك خيانة وتآمر، لكانت في وضع أفضل''. وقوله أيضا ''لا يريد لنا الأعداء استثمار ثورات الربيع العربي، لتقودنا إلى حكم ديمقراطي وتداول للسلطة، فيصبح نموذجاً لباقي البلدان والشعوب''، ناهيك عن قوله أيضا ''لماذا نترك الفرصة للقوى المضادة لثورات وتطلعات الشعوب تسرح وتمرح وتحقق أغراضها''. أنا شخصيا لا أشك أن الصفار يعلم جيدا أن حسن نصر الله وحزبه لا يألون جهدا في التآمر على بلادنا، وفي تدريب وتمويل عناصر التخريب المتواجدة في دول الخليج العربي، كما لا أشك أن الصفار سمع نصر الله وهو يكيل الشتائم والسباب لكل ما هو سعودي وخليجي علنا وعلى شاشات القنوات الفضائية الممولة إيرانيا، كما أني على يقين تام أن الصفار يعلم أن نصر الله وحزبه أدخلوا لبنان في دوامة من العنف الطائفي، ناهيك عن تحويل لبنان إلى مستنقع اغتيالات وتصفيات سياسية لصالح ملالي إيران، لا أدام الله دولتهم. وأثق أنه لا يخفى على الصفار تأجيج حسن نصر الله للفتنة في بلادنا وفي البحرين الشقيقة، فنصر الله وعلى شاشات الفضائيات يدعو جهارا نهارا الشباب في القطيف والعوامية والبحرين إلى الشغب ويعد بدعمهم، فبالله عليك يا حسن الصفار عن أي دعم وعن أي تأييد وتشجيع لنصر الله وحزبه المنحط تتكلم؟ ثم ما هذا التبشير والتهليل والترويج للثورات التي لم تحقق سوى مصالح ملالي الرذيلة في إيران ومن هم على شاكلتهم؟ وكيف يريد الصفار استثمار هذه الثورات التي أعادت بلدانها إلى قرون التخلف والجهل والفقر والتخلف؟ الحقيقة أن الصفار ومن هم على شاكلته يحلمون بأن تؤول الأحوال في بلادنا وفي دول الخليج العربي إلى ما آلت إليه الأمور في دول ''الشتاء'' العربي، حتى يتسنى له ولمن هم على شاكلته العمل براحة تامة لتحقيق مخططات ملالي الشيطان في إيران، ولكن جميع هذه الأحلام اصطدمت بواقع قوة الجبهة الداخلية، وتكاتف والتفاف الشعب السعودي بقيادته ونبذ هذه الأفكار المنحلة من قبل الجميع وبلا استثناء. أما وصف حسن الصفار لمن يحذرون منه ومن دعواته المشبوهة في خطبته يوم الجمعة الأخيرة بأنهم مدفوعون بالحمية الجاهلية والقبلية وبأنهم منافقون مستفزون فليس بمستغرب عنه وعن أدبيات خطاباته.
إن تلميع صورة أعدائنا والمتربصين بنا وتقديمهم على أنهم أبطال يجب الاقتداء بهم والالتفاف حولهم عمل تضليلي مفتن ومخرب، كما أنه سلوك منحرف ذو دلالات خطيرة ومعقدة تؤدي إلى انعكاسات سلبية كثيرة وخطيرة على مجتمعنا. فليس أسوأ من التخريب والشغب سوى الدعوة والتشجيع عليهما. كما أن استغلال المنابر الإعلامية للتحريض المبطن تارة والصريح تارة أخرى، يجب أن ينتهي. وعلى جميع الأطراف التي تسعى لإشعال الفتنة في بلادنا أن تعلم أن أقصى ما بإمكانهم فعله ترديد السباب والشتائم على منابر الفضائيات الممولة من ملالي إيران. فبلادنا كما كانت دائما عصية أبية على المتربصين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي