الاقتصاد بين النمو والتوسع

قرأت طرح في كتاب فلسفة حديثا يقول لا تعمم دون مثال ولا تذكر مثال دون تعميم. تعميم دون مثال يفقد الطرح الناحية العملية من ناحية ويصبح فهمه للعامة غالبا غير ممكن لأن الناس تفهم بالمقارنة والتقليد، ومثال دون تعميم يبقى حالة خاصة دون فهم للظاهره. حين سمعت ملاحظة لأحد مسؤولي الغرفة التجارية صريحة عن الصيدليين السعوديين في وصفهم بأنهم قد "يرقلون".

أفهم يرقل في هذا السياق بأنه ليس مثابر وصبور بالرغم من الظروف إلى أن يصل إلى مبتغاه ويحصل على تموضع مركزي في القطاع. هذا مثال على ظاهره في الاقتصاد السعودي حين يكون التوسع وضعف التحجيم (scaling) يأخذ مكان التحجيم الصحيح من منطلق ما يمكن عمله من قاعدة المصلحة الشاملة في المدى البعيد كما يعبر عنه في دول سبقتنا في التفكير الاقتصادي الشمولي (Saudi Inc). لذلك ما تقوله الغرفه غالبا صحيح وما هي الصيدليات إلا مثال لأن العلاقة بين دور المحارب المنتج والاقتصاد ضاعت في الخلط بين النمو والتوسع.

طغت الرغبة بالتوسع والحجم الكبير على الحجم الأمثل والفاعلية. هذا التوصيف قد لا ينطبق على كل القطاعات لكنه واضح في قطاعات مؤثرة إلى حد تشويه النموذج وإعاقة الاقتصاد.

موضوع التنمية الاقتصادية معقد وإلا كانت كل الدول قد تطورت وأصبحت تنافس سويسرا وسنغافورة والسويد، لذلك لا أطمح هنا لحل الإشكال التنموي خاصة أن المعرفة الأكاديمية والأمثلة موجودة ولدى الجميع فرصة سهله للحصول على المعرفة.

لا يمكن اختزال المعرفة في قطاع واحد أو فكرة واحدة لذلك لا يمكن اختزال تجربة مجتمعية طويلة في تعميم أو مثال، ولكن فقط محاولة للاستدال والنقاش. أصبح قطاع الصيدلة مثال على التوسع على حساب النمو. هناك ناحيتين في إدارة الاقتصاد الوطني الأول في إجماع من عدمه في التحجيم الأمثل بعين على المالية العامه وتحدياتها، وهناك ناحية عملية في التجريب في قطاعات مختلفة عسى أن تعمم ببعض التصرف على قطاعات أخرى حسب المعطيات الموضوعية نحو الشمولية العامة الهادفة- Saudi inc. بهذه الخلفية النظرية والعمليه نراجع قطاع الصيدليات.

أول خطوة تاتي في التخصص، فلقد أصبح الصيدليات غير متخصصه وأقرب لتجارة التجزئة العامة، لذلك لا بد من تحديد المهام لكي يتسنى للمنظم من القيام بعمله، بوضوح، دون ذلك تصبح الأنظمة متناقضه، ونبدأ بالاستسلام. الثانية، في أعداد الصيدليات في كل حي وشارع، وبالتالي ضعف الهامش ومنافسة قطاعات أخرى. الثالثة، ساعات العمل، فليس من المناسب أن تكون هناك مئات الصيدليات في الرياض أو عشرات في مدينه أصغر تعمل إلى ساعات متأخرة في المساء.

الرابعه، السماح باستقدام صيدليين من الخارج بسهولة من دول أقل أجور وليس بالضرورة أعلى تعليم ينافس الصيدلي السعودي بخفض الأجور حتى تصبح المهنه العالية التعليم غير جاذبة.

الحل الشمولي يتطلب معالجة حصيفة لكل النقاط الـ4، تنتهي بإعادة تنظيم القطاع على أسس جديدة تخدم القطاع والاقتصاد والصيدلاني والمستثمر. وحين تتغير الظروف الموضوعية يكون لنا الحكم لاحقا: هل الصيدلي السعودي محارب أم لا؟ توقعي أن الصيدلي السعودي محارب حضاري، ويسعى علميا وعمليا.


مستشار اقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي