صمت وزارة التجارة عن التهديد برفع الأسعار
منذ أن أعلنت وزارة العمل نيتها فرض رسوم على جميع منشآت القطاع الخاص التي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة على العمالة الوطنية (2400 ريال سنويا عن كل أجنبي)، وكثير من التجار يهددون ويتوعدون برفع أسعار الخدمات والمنتجات التي يقدمونها على المواطنين. كل هذا يحدث جهارا نهارا وعلى صفحات الصحف اليومية وعلى شاشات التلفاز المحلية وعلى مرأى ومسمع وزارة التجارة التي لم تحرك ساكنا ولم تبد أي ردة فعل حيال ما يحدث، على الرغم من أن مثل هذا التهديد برفع الأسعار يشكل تعرضا مباشرا لمصالح المواطنين وحقوقهم في الحماية من عمليات التلاعب بالأسعار. وأود أن أذكر تجارنا الكرام أننا في المملكة لم نصل بعد إلى مرحلة سن قوانين فرض رسوم تعادل مرتفعة من صافي أرباح الشركات نهاية كل عام حتى تعيد الدولة استثمارها وإنفاقها في التنمية، كما أننا لم نصل بعد إلى مرحلة منع استقدام العمالة إلا في تخصصات نادرة جدا شريطة عدم تواجد مؤهلات وطنية تحمل التخصص نفسه. وأدعو المسؤولين في الدولة للتحرك وبسرعة لفرض مثل هذه القوانين البناءة وذات الجدوى الاقتصادية، التي جربت في معظم الدول المتقدمة وتساهم مساهمة فعالة في التقليل من البطالة وفي تحريك دورة المال في الاقتصاد وفي غيرها من الفوائد المهمة.
وأود هنا أن أذكّر بأن إحدى أهم مسؤوليات وزارة التجارة هي ''الإشراف على الأسواق الداخلية وحمايتها من الاستغلال والاحتكار وضبط الأسعار، ومراجعة طرق ممارسة العمل التجاري وتطوير الأساليب والإجراءات وفق مقتضيات المصلحة العامة''، كما هو مذكور في موقع الوزارة على الإنترنت. إلا أن الصمت تجاه التهديد برفع الأسعار، والذي بدأنا جميعا نحس بأنه انتقل من التهديد إلى التطبيق على أرض الواقع، يصيبنا جميعا بالاستغراب. وأنا على يقين بأن القائمين على الوزارة لا يسمحون بأي تلاعب في الأسعار ومن أي طرف كان، ودليل ذلك موقف الوزارة من رفع أسعار منتجات الألبان والموقف من رفع أسعار الأسمنت وغيرها مما تشكر عليه. إلا أن عدم تدخل الوزارة تجاه التهديد الذي يطلقه عدد لا يستهان به من التجار يصيب المواطنين جميعا بالإحباط. والوزارة مدعوة إلى كسر جدار الصمت هذا، والذي يستنزف موارد المواطنين والمواطنات، والذين يعانون أساسا ارتفاع الأسعار والبطالة (مليونا عاطل وعاطلة عن العمل)، كما أن وزارة التجارة مدعوة إلى العمل على تحقيق الهدف الذي وضعته لنفسها والمتمثل في ''تنمية العمالة الوطنية في الأنشطة التجارية، وتأهيلها وإحلالها محل العمالة غير السعودية''، كما هو مذكور في موقع الوزارة. ولعله من المناسب جدا أن تقوم الوزارة بتوظيف سعوديين وسعوديات كمفتشين ومراقبين وتأهيلهم وتدريبهم والعمل على تطوير مهاراتهم وفق أعلى المعايير المهنية في مثل هذا المجال، لمتابعة تحركات أسعار المنتجات التجارية المختلفة وأسعار المنتجات الغذائية وغيرها الكثير.
يجب ألا يسمح لكائن من كان أن يستغل عمليات الإصلاح التي تقوم بها الدولة والتي تهدف إلى محاربة البطالة وزيادة رفاه المواطنين والمواطنات، أقول يجب ألا يسمح لأحد أن يتخذ هذه الرسوم ذريعة لزيادة الأسعار وإثقال كاهل المواطنين والمواطنات. وعلى الجهات المسؤولة في الدولة العمل على متابعة من يرفعون الأسعار ومن ثم معاقبتهم بصرامة وشدة حتى لا يتجرأ أحد في المستقبل على استغلال القرارات التي لا تتوافق مع هواه لزيادة الأسعار. إن جهود وزير التجارة التي يشهد الجميع بها، سواء حل مشكلات المساهمات العقارية المتعثرة أو منع رفع أسعار المنتجات الغذائية الأساسية كالألبان ومشتقاتها ومنع رفع أسعار الأسمنت ومواد البناء، كل ذلك يجب أن يتم تتويجه بمنع التلاعب بأسعار منتجات التجزئة سواء كانت ملبوسات أو خدمات أو غيرها مما لا غنى للمواطن عنه. كما أن على وزارة التجارة العمل على وضع حد لكل من يهدد استقرار الوسط التجاري في بلادنا، فأسلوب لي الأذرع مرفوض قطعيا، وأبواب ولاة الأمر مفتوحة دائما للاستماع وتقبل الرأي، ولكن حين يتخذ القرار على الجميع التطبيق. كما أن على الجميع أن يتأكدوا أن المصلحة العليا للوطن هي مصلحة عليا للجميع.