مغردون في كل لحظة
بالرغم من اتساع الأرض وكثرة المساحات الخالية التي تجعل الإنسان يتنفس بكل حرية دون قيود وأيضاً يستخدم لسانه الطليق الذي وهبه الله له ، ولكن منذ عدة سنين أنتقل الملايين من الناس إلى أرض خيالية مساوية لوزن حبة الفراولة و هو 50 جراما حسب دراسة البروفيسور جون كوبيتويز من جامعة بيركلي بولاية كالفورنيا الأمريكية.
الأرض التي تكلمت عنها لاتعرف الظلام ابدا، والشمس لاتشرق عليها من جهة واحدة بل من عدة جهات ، وهناك مساحة كبيرة منها تٌعرف بـ"تويتر" يغردون بها بشر غير محصورين بوقت معين ، يستمتعون بتغريداتهم الجميلة و المختصرة التي لا تتعدى 140 حرف، تستطيع بناء مسكنك في هذه المساحة في غضون ثواني معدودة بدون أي حاجة إلى شركة مقاولات لبناؤه، ايضاً تستطيع بنائه دون أي تكاليف مالية و دفعات أولى !
قد تحظى بجار سيء يجبرك على الابتعاد عن المنطقة و الحديث عنه بالمجالس التويترية " الهاشتاق " و يشاركك الحديث عنه و ذكر المساوئ للبقية ، أو يكون الحظ حليفك وتحظى بجار يكون من فضيلة المشائخ أو سعادة الوزراء ، أو تاجر ذو سمعة و مال وجاه ، أو اشخاص ليس لديهم مسؤوليات أو مناصب ولكن يتميزون بطيب الأخلاق والمعاملة وحسن المجاورة سواءاً كانت بتصنع أو لا !
أصبح تويتر المتنفس الوحيد للجميع ، لا فرق في الأعمار ولا فرق في الجنسيات والمعتقدات ، تغريداتك هي التي تصف مدى رؤيتك و تفكيرك و لك الحرية في اختيار المواضيع و ستجد من يستمع لها و ينقلها إلى مفضلته ليراها البقية من الإصدقاء و الاحباء بعكس عالمنا الحقيقي الذي نلقى فيه صعوبة للوصول إلى الآخرين و بالاستماع إلينا.
و تبقى الأسئلة المتعارضة ، هل نستطيع أن نجعل شخصياتنا بدون تصنع في مواقع التواصل الإجتماعي ؟ وهل نستطيع أن نتكاتف مع بعضنا البعض في كل لحظة و نساعد الآخرين بالعالم الحقيقي برحابة صدر دون عنصرية أحياناً أو مقابل مادي كما بالعالم الخيالي ؟