حب الوطن بإصلاحه لا إفساده
<a href="mailto:[email protected]">imbadawood@yahoo.com</a>
يوم السبت الماضي كان يوماً جميلاً لهذا الوطن المعطاء شاءت مشيئة الله أن تجمع بينه كيوم وطني وبين أول أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام، فاختلطت مظاهر الفرح وسهر أبناء الوطن ليلة متميزة فرحوا خلالها ببلوغهم رمضان وحلول هذا الشهر الكريم. واحتفلوا كذلك باليوم الوطني الجميل الذي تغيرت صفاته خلال الأعوام القليلة الماضية فلم يعد محصوراً في إعلانات التهاني في الصحف أو إصدار الملاحق أو ترديد الأغاني عبر الإذاعة والقنوات التلفزيونية، بل ظهرت بعض التغييرات الجميلة الواضحة وفي مقدمتها الإجازة الرسمية والاحتفالات المدرسية بل وأحياناً تبادل التهاني بين المواطنين وظهور الأعلام والصور على واجهات المباني وأسقف السيارات وأكثر من ذلك كطلاء سيارات بأكملها باللون الأخضر ابتهاجاً بهذه المناسبة.
إن الفرحة باليوم الوطني هي تعبير جميل عن محبتنا وولائنا لهذا الوطن الذي نعيش فيه كأسرة واحدة أكرمنا الله عز وجل بأن وهبنا على هذه الأرض صفات عديدة مميزة لا توجد في غيرها من الأراضي في العالم وفي مقدمتها الحرمين الشريفين. وكثيراً ما أشبه مكانة الوطن بالنسبة للمواطنين بمكانة الأب لدى الأبناء، فهي علاقة أبدية، وكما أن هناك حقوق للأبناء على الأب، فللأب حقوق على الأبناء، ويجب على كل منهم أن يؤدي حقه كاملاً، خصوصاً الأبناء الذين يجب أن يبذلوا كل ما في وسعهم لكسب بر أبيهم ورضاه فهو الذي رعاهم منذ الصغر ورباهم وعلمهم ووفر لهم كل احتياجاتهم وإن أصابهم شيء من الشدة فهو تصرف الأب المحب الذي يرجو الخير لأبنائه، لذلك كان حقه عليهم عظيما.
إن حبنا لوطننا وما نظهره من مشاعر فرح وبهجة خلال ذكرى اليوم الوطني يجب أن تتجاوز المظاهر الإعلانية أو الشكلية المؤقتة إلى المشاركة العملية العميقة والدائمة التي تسهم في مسيرة الإصلاح وذلك من خلال مراجعة الإنجازات ومعرفة الأخطاء والإلمام بمواطن العجز والعمل على تصحيحها وتعديلها والأخذ على أيدي المفسدين ومنعهم من مواصلة إفسادهم وإيقافهم عند حدهم فهذا واجب على كل مواطن محب غيور.
لقد اعتدنا في اليوم الوطني من كل عام أن نحتفي بهذه المناسبة الجميلة بترديد الأغاني الوطنية والقصائد الشعرية والكلمات وسرد قصص الأبطال السابقين المؤسسين الذين وحدوا هذا الوطن وبنوا أمجاده. والأولى في الأعوام المقبلة أن يكون احتفالنا مضافاً إليه: ماذا علينا أن نفعل للمحافظة على تلك المكتسبات الكبيرة والعظيمة التي تم تحقيقها على مدى 76 عاماً مضت؟ وكيف كنا قبل عام. وماذا أصبحنا اليوم؟ وهل نحن في تقدم إلى الأمام أم في تراجع للخلف؟ وما وضع الخدمات البلدية أو التعليمية أو الصحية التي تقدم للمواطنين؟ وما مستوى جودتها ونوعيتها ورضا المستفيدين منها؟
إننا في هذا اليوم الوطني والذي جاء موافقاً لدخول شهر رمضان المبارك علينا أن نعمد إلى أن نتعاهد سوياً على العمل دائماً وفق منهج واضح لإصلاح وطننا فلا نسكت على ظلم أو ظالم ولا نقبل أن يكون بيننا راش أو مرتش ولا نسمح لمخالف أن يعبث بالأنظمة كيفما شاء. وأن نعلن عن محاسبة كل محتال وغشاش ومزور ونبذل ما في وسعنا كي ننشر الخير والإصلاح في المجتمع بحيث لا تكون المصالح الشخصية هي التي تسيطر على المصالح العامة أو تكون إنجازاتنا مشروطة سراً أو علانية بقضاء منافع معينة.
كيف للمواطن أن يفرح بذكرى اليوم الوطني ويظهر ذلك من خلال وضعه الأعلام والصور وهو يغيب عن العمل أو يحضر متأخراً؟ وكيف لمواطن أن يصرح لوسائل الإعلام بأهمية اليوم الوطني وعظم مكانته ومصالح الناس على مكتبه لم تنجز منذ أشهر؟ وما قيمة أن يكتب مواطن مقالات عن حب الوطن وأهمية وحدته وأننا أسرة واحدة وهو يظلم الناس ولا يعطيهم حقوقهم؟ إن صدق الحب والولاء يكمن في العمل والعطاء. وإن علينا في هذا اليوم وكل يوم أن نعلن الحرب على الفساد بكل أنواعه وفي كل مجالاته وأن يكون هدفنا دائماً هو المحافظة على المكتسبات والإنجازات العظيمة التي حققها المؤسس رحمه الله وذلك من خلال مواصلة نشر الإصلاح والقضاء على الفساد بكل أنواعه وأشكاله وميادينه.
إن اليوم الوطني مناسبة جميلة يجب أن نحتفل بها بشكل يسهم في تعميق ذكراها. وأجمل هذه الأشكال هي الإصلاح ولكي يتم ذلك، يجب أن يكون هناك عمل يومي وأن يكون كل يوم يمر علينا يوماً وطنياً نعمل فيه من أجل وطننا ونتفانى في إظهار معاني المحبة له من خلال خدمته حتى نفرح عند مرور ذكرى اليوم الوطني بإنجازاتنا وما تم تحقيقه على مدار العام.