اغتصاب مجتمع!

جريمة وحش "جدة" الذي ظل مجهولا لأربع سنوات.. اغتصب خلالها ثلاثة عشر قاصرا.. تفجر قضية شديدة الخطورة خصوصا بعدما تردد أن جرائم الاغتصاب تزداد.. فهذا المغتصب لم يغتصب قاصرا فقط.. وإنما اغتصب المجتمع كله.. اغتصب دينه وأخلاقياته وقيمه المتوارثة. والغريب واللافت للنظر والمثير للدهشة، هو شكوى أهل المغتصبات من تأخر العدالة في الحكم على هذا المجرم الذي اغتصب المجتمع.. وأن قضايا الاغتصاب مع خطورتها الشديدة تستغرق وقتا طويلا في التحقيق وإصدار الحكم، بما يوحي أنها قضايا ليست على هذا القدر من الأهمية والخطورة.. مما يؤدي إلى ازديادها.
ومن الطبيعي أن تكون هناك أسباب لهذا الانحراف الأخلاقي.. ويصبح من الضروري أن تهتم جهات بالبحث عن هذه الأسباب.. وهي بالضرورة أسباب اقتصادية واجتماعية ودينية أيضا.. فتأخر الزواج بسبب المغالاة في المهور قضية اقتصادية واجتماعية معا.. وضعف الوازع الديني قضية دينية.. وهذا كله يشير بأصابع الاتهام إلى القصور في قيام الجهات المسؤولة بمسؤولياتها.. وإلا ما كنا نصل إلى هذا المستنقع الأخلاقي.. وإذا كانت هذه الأسباب تتعلق بجريمة المغتصب.. فالكارثة هي الطرف الآخر من القضية.. وهي القاصر التي تم اغتصابها.. والتي يقع ذنبها على أهلها الذين يقصرون في رعاية بناتهم.. وتركهن في الشوارع وحدهن.. أما إذا كانت القاصر تلميذة في إحدى المدارس.. فالذنب أيضا يقع على معلماتهن اللاتي لا يقمن بتوعية البنات وإرشادهن إلى ألاعيب هؤلاء الذئاب منعدمي الضمير والأخلاق.. حتى تصبح الضحية المسكينة واعية لما يدور حولها.. ما دامت الشوارع لم تعد مأمونة.
وفي هذه الناحية - ناحية المغتصبة - فإنها بالضرورة سوف تصاب بعقد نفسية إن لم تكن في لحظتها.. ففي المستقبل عندما تعي تكوينها.
وهنا يأتي دور التأهيل النفسي.. من خلال متخصصين نفسيا واجتماعيا ممن يملكون خبرة كافية للتعامل مع مثل هذه الحالات.
وفي هذا السياق تأتي قضية غشاء البكارة عندما تفقد البنت عذريتها بسبب جريمة الاغتصاب.. الفتاة تصبح مهددة في مستقبلها كله.. حتى يمكن أن تتحول من النقيض إلى النقيض.
وأعرف أن هذه قضية شرعية يجب أن يتصدى لها أهل الحل من فقهاء الأمة.. وأن يبحثوا هذه القضية وأن يصدروا حكما شرعيا ينقذ هؤلاء الفتيات من جريمة ليس لهن دخل فيها.
القضية خطيرة ويجب التصدي لها بحزم، وإلا فإن قواعد المجتمع سوف تهتز، عندما يصبح فيه مواطنون غير أسوياء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي