البديل الأفضل للباعة الجائلين
تعتبر البطالة وباء منتشرا في كل دول العالم وعلى الرغم من سعي كثير من الدول إلى محاولة علاج تلك المشكلة، إلا أن نسب البطالة ترتفع وتزداد باستمرار، وقد كان التطور التكنولوجي من أهم العوامل التي أدت إلى تفاقم تلك المشكلة، فبدلا من أن يقوم بعمل ما خمسة أو ستة موظفين نجد أن جهازا إلكترونيا واحدا قد يغني عن ذلك الكادر البشري والمعادلة للأسف عكسية، فكلما تطور العالم تكنولوجيا ازدادت نسب البطالة لأن إيجاد فرص عمل في ظل صراع الآلة مع الإنسان يظل أمرا في غاية الصعوبة بل إن المنافس أمام تلك المخترعات الإلكترونية لا بد أن يكون ذا كفاءة عالية، فمثلا يكون من الحاصلين على الشهادات التي أحيانا يطلب صاحب العمل أن تكون شهادة عليا ولا ينطبق ذلك على مجتمعنا المحلي فحسب بل هو ينطبق على كل دول العالم، بل والأخص الدول المتقدمة التي تعاني نسبا عالية جدا مثل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية، فإذا نظرنا إلى معدل البطالة في الدول الكبيرة مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا لوجدنا أن هذا المعدل يتزايد بمقدار ثابت ليصل حالياً إلى نحو 10 في المائة، وكان معدل البطالة في إسبانيا مرتفعاً جداً، وتمكن الإسبان من خفض هذا المعدل إلى أكثر من 50 في المائة إلا أنه ما زال أعلى من 10 في المائة.
ويعتبر مجتمعنا السعودي كغيره من المجتمعات يظل يبحث فيه الشباب عن فرص للعمل حتى يلتحقون بوظيفة معينة، ولكن كثيرا من الشباب الذين لا يحملون مؤهلات علمية تزيد من فرصتهم بالالتحاق بوظيفة ثابتة هم في المقابل يبحثون عن مصادر رزق مختلفة تعينهم وأسرهم على الحياة فيستغلون المواسم لبيع البطيخ والشمام والرمان وغيرها ويتنقلون من مكان إلى آخر بحثا عن الرزق والعمل في كل أحواله فخر وصحة للإنسان، ومثل هؤلاء لا بد أن يحترم فيهم المجتمع كفاحهم وإصرارهم خاصة عندما نذكر أننا نرى مناظر لبعض الذين يمدون أيديهم للتسول وهم يستطيعون المشي والكلام والسمع والنظر ولديهم كل المقومات الجسدية للعمل ونحن للأسف بجهلنا نمد إليهم الصدقة كنوع من التدعيم غير المقصود لتلك الشريحة السلبية من المجتمع.
ولعل أمانة منطقة الرياض اتخذت خطوة جيدة عندما تعاملت مع مشكلة الباعة الجائلين بنوع من طرح الحل الحضاري من خلال توفير أماكن مهيأة ومريحة وعملية وضعت كمحال لمزاولة البيع، بل إن تلك الأماكن وضعت مجانية وجار استقبال الطلبات من أجل تشغيلها.
إن حماية مدينة الرياض من منظر الباعة الجائلين، حيث يتركون خلفهم ما يتركونه من مخلفات بل وانتشارهم بصورة عشوائية إنما يعكس منظرا غير حضاري، ولكن إيجاد حل إيجابي وفق منهج البديل الأفضل يعد فنا إداريا نفسيا يعكس كيفية توجيه الخطأ وعلاجه إلى الأفضل وليس الأسلوب السلبي بمنع هؤلاء البائعين دون تقديم البديل، وهو ما فعلته أمانة الرياض حينما قدمت هذا البديل المناسب لهؤلاء الباعة، وهو تصرف يحسب لها وتشكر عليه.