ظلال الجامعتين
<p><a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a></p>
تعاني مدينة الرياض من نقص كبير في المنتزهات العامة التي تعتبر من الضروريات لأي مدينة. لقد تجاهل المسؤولون عن التخطيط للمدينة هذه الحاجة سنين طويلة اعتمدوا خلالها سياسة الكثافة المنخفضة التي مازالت تمارس حتى الآن بالرغم من وضوح مشاكلها وآثارها السلبية على المدينة وسأتطرق إلى هذه المشاكل لاحقاً إن شاء الله في مقال آخر. إن اعتماد سياسة الكثافة المنخفضة ولدت معها فكرة حدائق ألأحياء التي ظن المخططون أنها كافيه لإيجاد متنفس للسكان في بيئة صحراوية, ومع ذلك فلم يقم المسؤولون عن تنفيذ تلك المخططات بأخذ ذلك على محمل الجد واكتفوا بإبقاء الكثير منها أراض بيضاء تُجمع فيها النفايات ومخلفات البناء. إن حاجة الأحياء لحدائق صغيره يلعب فيها ألأطفال ويجتمع فيها سكان الحي لقضاء بعض الوقت خارج جدران المنازل هو أمر متفق عليه ولكن عدم وجود منتزهات كبيرة لسكان المدينة يمارسون فيها أنواع الرياضة والتنزه وقضاء ساعات طويلة في أيام العطلات جعل المعيشة في مدينة مثل الرياض تتسم بالرتابة والملل إضافة إلى تراكم الأمراض الجسمانية والنفسية, كما أن عدم وجود مسطحات خضراء كبيرة في المدينة يفقدها الجمال ويمنعها من أن تنافس المدن الأخرى في جذب الاستثمارات ويمثل عائقاً كبيراً أمام طموحات أهلها في جعلها مقصداً سياحياً لأهل الداخل والخارج.
قد يرى الكثيرون أن المطالبة بإنشاء مثل هذه المنتزهات الكبيرة هي مطالبة قد فات أوانها لأن المدينة قد عمرت ولم يبق فيها أراض حكومية يمكن تخصيصها لهذا الغرض, وقد يكون مثل هذا الرأي سبباً لتركيز الأمانة على تشجير الشوارع وخاصة الجزر الوسطية على الرغم من عدم جدوى ذلك نظراً لعدم إمكانية الاستفادة منها وتشكيلها خطراً على حركة المرور. إن الاستسلام لمثل هذه الآراء لن يسهم في الرفع من مستوى المدينة بل محاولة لجعلنا نقبل بأقل ما نحن أهل له ونفوت على مدننا فرص التطور ومضاهاة أفضل مدن العالم, لأننا وبحمد الله نمتلك جميع المقومات ألتي تؤهلنا لأن نقف على قدم المساواة مع من سبقونا ونكون أسوة حسنة لغيرنا.
إن أحد الحلول لإيجاد منتزهات كبرى عامة في مدينة الرياض يمكن أن يوجد في الأراضي الشاسعة التي تمتلكها الجامعات ( جامعة الملك سعود في غرب الرياض وجامعة الإمام محمد بن سعود في شرقها), فهذه الأراضي المسورة التي تفصل الجامعات عن الطرق المحيطة, يمكن أن تستغل أفضل استغلال بتهيئتها كمنتزهات عامة وفتحها أمام المواطنين وطلاب تلك الجامعات دون أن تفقد الجامعة ملكيتها لها أو أن تتحمل تكاليف تشغيلها وصيانتها, بحيث تقوم الأمانة بتحويل نفقات تشجير الجزر الوسطية إلى تلك المنتزهات وتتعاون مع القطاع الخاص في إيجاد دخل دائم يضمن استمرار صيانتها من خلال تأجير مواقع صغيرة للمطاعم والمقاهي. إن إبقاء هذه ألأراضي الشاسعة داخل الأسوار ومنع سكان المدينة من الاستفادة منها يتنافى وأبسط المعايير المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية لهاتين الجامعتين, كم أن حجمهما قد وصل إلى حد لن يكون معه التوسع أمراً ذا جدوى خاصة مع التوجه إلى فتح جامعات حكومية وخاصة كثيرة في مختلف المناطق في المملكة. لقد بقيت هذه الأراضي بيضاء لسنين طويلة خالية من أي حياة إلا من بعض الأشجار التي لم تسمح الجامعات للناس حتى بالتظلل تحتها. إن مدينة الرياض بحاجة ماسة لأن تتعاون معها هاتان الجامعتان وأن تبرهنا لسكانها بأنهما قادرتين على الإسهام في خدمتهم, خاصة أن مثل هذا التعاون لن يكلفهما شيئاً وسيعود بالنفع الكبير على ملايين المواطنين.