دلائل تاريخية وجينية على عروبة الخليج «2 من 2»

ما ذكرت في المقال السابق هو نبذة تاريخية عن تسمية الخليج، أما بخصوص آراء المؤرخين الغربيين وآراء الهيئات الجغرافية حول حقيقة الادعاءات الإيرانية (بفرض) تسمية فارسية الخليج العربي على تلك المياه والشعوب العربية، فقد اكتشف المؤرخون الغربيون أن المسمى الموروث بالخليج الفارسي غير صحيح، وهذا بعد دراسة الكثير من الخرائط والمصادر التاريخية الموثقة، ومن هؤلاء المؤرخ الإنجليزي رودريك أوين في كتابه "الفقاعة الذهبية ـــ وثائق الخليج العربي" الذي صدر سنة 1957، وقال فيه: "إن الحقائق والإنصاف يقتضيان تسميته الخليج العربي، وكذلك أكد الكاتب الفرنسي جان جاك بيربي عروبة الخليج في كتابه الذي تناول فيه أحداث المنطقة وأهميتها الاستراتيجية، ولا ننسى المؤرخ الألماني كارستن نيبور، سنة 1762. كما كتب جون بيير فينون أستاذ المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية في باريس في كانون الثاني (يناير) 1990 دراسة في مجلة "اللوموند" الفرنسية حول الخليج، تؤكد تسمية الخليج بالعربي. فقامت السفارة الإيرانية بالاحتجاج. وكتبت رداً على بيير. فرد هو أيضاً ردا مدعما بالحجج العلمية، وقدم خريطة لوكانور التي يرجع تاريخها إلى نهاية القرن السادس عشر التي تحمل التسمية اللاتينية سينوس أرابيكوس أي "البحر العربي"، وقال: "لقد عثرت على أكثر من وثيقة وخريطة في المكتبة الوطنية في باريس تثبت بصورة قاطعة تسمية الخليج العربي، وجميعها تعارض وجهة النظر الإيرانية". وأكد الكاتب وجهة نظره فيما تضمنته خريطة جوهين سبيد التي نشرت عام 1956 تحت اسم الإمبراطورية التركية، حيث ورد في الخريطة تسمية "بحر القطيف" ثم "الخليج العربي". ودحض جون بيير مزاعم الإيرانيين، وأكد أن تسمية "الخليج الفارسي" الشائعة حديثاً بين الجغرافيين الأوروبيين جاءت نتيجة توجه مسبق، ابتدعته الدول الاستعمارية.
لذا فإن الكاتب الفرنسي ميشال فوشيه في كتابه "تخوم وحدود" Fronts et Frontieres يرى أن الخليج الذي سمي الخليج الفارسي بسبب النفوذ القوي والتاريخي لإيران، وجد دعماً من الاستراتيجية الأمريكية (زمن الشاه) القائمة على دعم الشاه وجيشه لتحقيق الأمن الإقليمي في حماية النفط. ويؤكد ذلك نبيل خليفة، كاتب لبناني في الشؤون الاستراتيجية، في صحيفة "دار الحياة" في 14 آب (أغسطس) 2005: "ليس الخلاف بين العرب والإيرانيين مجرد خلاف لفظي ـــ اسمي، إنما هو خلاف يعكس صراعاً سياسياً وقومياً ذا أبعاد ومضامين استراتيجية، خلاصتها من له الهيمنة على الخليج، على مياهه وجزره ونفطه ومواقعه الاستراتيجية وأمنه وثرواته".
ومما ذكرت يتضح جلياً أن إيران أصبحت أشد ضرراً على دول الجوار من القوى الاستعمارية في بداية القرن العشرين، فهي لا تكتفي بالاحتلال بل تريد مسح كل ما هو عربي، وليس أدل على ذلك من أن عربستان التي تحوي غالبية البترول الإيراني وغالبية سكانها من العرب، قلب اسمها إلى خوزستان، ويُعامل ساكنوها معاملة سيئة في نوع الخدمات والفرص الوظيفية وغيرهما. أما التشدق بالإسلام الذي تبنته الحكومة الإيرانية فهذه مجرد خديعة كبرى، وليس أدل على ذلك من رفض الخميني نفسه طلب بعض العلماء المتحمسين تغيير الاسمين إلى مسمى الخليج الإسلامي طالما أن جميع الساكنين فيه هم مسلمون، لكنه رفض وبشدة ذلك الاقتراح، وفي اللقاء نفسه رفض التكلم معهم بالعربية، علماً بأنه يفهمها ويتكلم بها، فأين التحمس للغة القرآن أم هي النزعة الشعوبية؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي