قطار الإسكان .. في الاتجاه الصحيح

حينما يعود كاتب الرأي من إجازة ويفكر في المقال الأول بعد التوقف يواجه موقفًا لا يحسد عليه فهو يريد مقالًا يعود به للياقة الكتابة ويؤكد أن إجازته كانت مريحة ومفيدة. وأمام الخيارات التي وجدتها أمامي وهي كثيرة في ظل أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية كانت بلادنا محورها أو في موقع القيادة فيها كما اعتادت.

إلا أن النزعة للشأن المحلي والجانب الاقتصادي الذي يمس المواطن كان دائماً الأثير عندي لذا اخترت استئناف الكتابة في هذا العمود عن موضوع يمس حياة كل مواطن ويعتبر المؤثر الأقوى في جودة الحياة لأنه يتعلق بتوفير السكن الذي يعني في اللغة العربية الهدوء والاستقرار كما وردت كلمة "السكن" في القرآن الكريم وفي مواضع عدة وكلها تشير إلى الطمأنينة والراحة ومنها قوله تعالى: (والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا).

والمستعرض لمسيرة الإسكان بوصفه قطاعاً أو توجهاً إستراتيجياً في بلادنا يجد أن قطار الإسكان انطلق منذ وقت مبكر وبالتحديد مع خطة التنمية الأولى عام 1970، واستمر الاهتمام بالإسكان في خطط التنمية الخمسية التي تتابعت بعد ذلك على الرغم من التعثر والعقبات في بعض المراحل، ومع إطلاق رؤية 2030 التي ربطت بين توفير السكن وتحقيق برنامج جودة الحياة أصبح قطار الإسكان يسير بشكل أسرع وفي الاتجاه الصحيح مدعومًا باهتمام شخصي من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الذي يؤمن بأن جودة الحياة تقوم على جوانب أساسية عدة من أهمها تحسين جودة البيئة السكنية.

ونتيجة لهذا الاهتمام ارتفعت نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن من 47% عام 2016 إلى 65% في 2024 بهدف الوصول إلى نسبة 70% بحلول العام 2030، ولا بد من الإشارة إلى عوامل عدة ساعدت على تحسين إمكانية توفير السكن الملائم بأسعار معقولة وأهمها المتابعة الدائمة والمباشرة من ولي العهد لهذا الملف المهم وتلمس احتياجاته ورصد أي انحراف في مساره والتدخل للتصحيح ومن ذلك الخطوات التي وجه بها ولي العهد أخيرا لإيجاد التوازن المطلوب في السوق العقارية في مدينة الرياض عندما اتجهت الأسعار لمستويات قد تعوق تحقيق تطلعات المواطن للحصول على سكن ملائم.

كذلك جهود وزارة البلديات والإسكان بقيادة وزيرها ماجد الحقيل دون ضجيج لتقديم التعريف الصحيح للمستهدف وترتيب سلاسة الحصول عليه عبر منصة ميسرة لتوفير خيارات سكنية متعددة ذات جودة عالية بفئات مختلفة تلائم جميع شرائح المجتمع، مروراً بتوفير التسهيلات المالية أو الهندسية التي قد يحتاجها طالب المنتج السكني، وذلك ما نتج عنه التوسع في خيارات تملك المساكن سواء عن طريق القرض العقاري المدعوم بنسبة تصل إلى 100% وخيار البناء الذاتي الذي يخدم الأسر التي تمتلك أراضي وترغب في بنائها ذاتيًا.

أو شراء الوحدات السكنية الجاهزة بعد أن أصبح المطور تحت إشراف منظومة الإسكان جزءاً من الحل بدل أن يكون سبباً في المشكلة ومسبباً للتضخم.
وهذا يؤكد أهمية دور القطاع الخاص في مجال التطوير العقاري الذي يعول عليه أن يطور المنتجات السكنية ويتنافس في الحلول التي تؤدي إلى تخفيض تكلفة تملك المسكن مع بقاء هامش ربح معقول يدفع المستثمر للاستمرار في التطوير.

وأخيرًا: من المبادرات التي تسهم في رفع معدلات المساكن منصة "جود الإسكان" التي تعد إحدى مبادرات مؤسسة الإسكان التنموي الأهلية، مع جهود عديد من الجهات الخيرية والأهلية التي تسهم في دعم مسيرة قطار الإسكان لكي يتمكن من نقل المحتاجين للسكن إلى المحطة التي يقصدونها دون تأخير.
رئيس مجلس الجمعية السعودية لكتاب الرأي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي