العلاقة والارتباط بين أسعار النفط وسوق الأسهم السعودية

ارتبطت أسعار النفط بسوق الأسهم السعودية ارتباطًا وثيقاً ومعقداً، وسجل هذا الارتباط تاريخاً طويلاً من المزامنة، حيث تؤثر أسعار النفط في الاقتصاد الكلي والموازنة العامة، التي بدورها تؤثر في توقعات المستثمرين ومعنويات المتعاملين في سوق الأسهم السعودية.
لقد حددت هذه العلاقة اتجاه المؤشر كما أسعار أسهم الشركات خصوصاً ذات العلاقة المباشرة بالنفط والمنتجات النفطية التي تُعنى بقطاع النفط والبتروكيماويات والشركات ذات العلاقة التجارية مع تلك الشركات، وانعكس تذبذب أسعار النفط عليها بشكل كبير.
تواجه السوق في الوقت الحالي تحديات كبيرة بسبب انخفاض أسعار النفط، ورغم أنها أظهرت مرونة في بعض الجلسات بدعم من أسهم قوية وأداء بعض الشركات التي أعلنت عن أداء ربعي قوي، إلا أنها سجلت أداءً ضعيفاً في 2025، حيث تراجعت بنسبة تجاوزت 10% وهو الأسوأ عالمياً مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى.
لقد حققت الحكومة السعودية تقدماً ملحوظاً بتنويع اقتصادها ومصادر دخلها بعيداً عن الاعتماد الكلي على المداخيل النفطية، إلا أن النفط ما زال يشكل عماداً أساسياً، ومن المصادر الرئيسية للحكومة، ما يجعل العلاقة بين أسعار النفط وسوق الأسهم في نطاق تأثير تقلبات أسواق النفط في أداء الشركات المدرجة، إضافة إلى تأثيرها في معنويات المستثمرين والسياسات الاقتصادية.
فإيرادات النفط تشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي وميزانية الدولة، وارتفاع أسعار النفط يعني ازدياد الإيرادات الحكومية، ما يتيح لها زيادة الإنفاق العام على المشاريع التنموية والبنية التحتية، هذا الإنفاق يعزز النشاط الاقتصادي، وينعكس إيجابياً على أداء الشركات في مختلف القطاعات، مثل البنوك، الصناعات البتروكيماوية، والعقارات، وبالتالي يدعم ارتفاع مؤشر تداول وأداء السوق بالمجمل، في المقابل الانخفاض يؤثر سلباً في الشركات التي تعتمد على العقود الحكومية، ما ينعكس على أسعار أسهمها.
ومع ذلك أظهرت الأسواق السعودية في بعض الأحيان استجابة غير متماثلة، حيث يكون تأثير انخفاض أسعار النفط أكثر وضوحاً وسرعة من تأثير ارتفاعها، وذلك بسبب حساسية المستثمرين للأخبار السلبية وربما الهلع الذي يحدثه الانخفاض وسط سرعة تسرب الأخبار السلبية غير المبنية على دراسة أساسيات الأسواق ومعدل العرض والطلب وحجم المخزونات وسرعة أو تباطؤ نمو الاقتصادات المؤثرة في أسواق النفط.
أخيرا بدأت السوق السعودية أكثر حساسية مع تقلبات أسعار النفط وتعاملت معها بحساسية عالية حتى وإن كانت ذات تأثير قصير المدى.
كما أن تحركات المستثمرين الأجانب، وسياسات البنك المركزي الأمريكي التي تؤثر في أسعار الفائدة تركت أثرها في أداء السوق السعودية وإن كان أداء الشركات المدرجة وتوقعات الأرباح الفصلية للشركات يعزز التفاؤل وربما التخوف في بعض الأحيان.
إن أهم ما يجعل هذه العلاقة بين أسعار النفط وسوق الأسهم السعودية أكثر استقراراً وانعكاساً لحقائق الأسواق على أرض الواقع، أو بصيغة أخرى ما يحتاجه المستثمرون هو مراقبة قرارات أوبك ومجموعة أوبك بلس، وتطورات الأسواق العالمية ومعدلات نمو الاقتصاد العالمي مع مراقبة أداء الشركات المدرجة وأرقام الاقتصاد السعودي ومعدل نمو أدائه ليخفف من أثر الحساسية العالية التي طرأت على هذه العلاقة التاريخية.

خبير إستراتيجي في شؤون وأسواق الطاقة

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي