إدارة المخاطر في الشركات المساهمة .. الرؤية والتطبيق

تمثل إدارة المخاطر Risk Management أحد الأركان الأساسية لنظام حوكمة الشركات Corporate Governance. في ظل النظام السائد لإدارة الشركات والناتج عن تدخل العديد من النظريات لتفسير العلاقة بين الإدارة Management والملاك Shareholders وبقية الأطراف المستفيدة Stakeholders، يجب أن تصل هذه الأطراف المختلفة إلى قناعة بمستوى قدرة الشركة على التنبؤ وتحديد المخاطر التي قد تواجه المنشأة، في سبيل تعظيم المنافع لجميع المستفيدين. إدارة المخاطر والمساءلة Accountability تعدان من الوظائف الرئيسة لمجلس الإدارة Board of Director.
يمكن تعريف المخاطر بأنها حالة عدم الوضوح أو الشك الذي قد يرتبط بالربح أو الخسارة التي قد تتحقق في المستقبل. جميع الشركات معرضة لمواجهة مثل هذه المخاطر، ويبقي تحديد أو تصنيف أهمية هذه المخاطر من الوظائف الأساسية لإدارة المخاطر (معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز، 1998).
ترتبط إدارة المخاطر بمهام مجلس الإدارة، وتشكل علاقة ثنائية مع ما يعرف بنظام الرقابة الداخلية Internal control system. التي تساعد المنشأة على تحقيق أهدافها من خلال تنفيذ إجراءات نظامية ينتج عنها تحسين نظام إدارة المخاطر، الرقابة، والحوكمة (لجنة بازل ــ 2001).
من الصعب حصر المخاطر التي قد تواجه الشركات أو تصنيفها، مع ذلك قامت منظمة المعايير الأسترالية في عام 1999 بتحديد مجموعة من المخاطر، وصنفتها في أربع مجموعات تشمل التالي:
1- المخاطر التجارية، وتشمل إدارة الأصول، وتخطيط الموارد، انقطاع العمل، التغيير في البيئة المحيطة تقنيا أو سياسيا، عمليات تحويل العملات، دراسات الجدوى، نظم المعلومات وشبكات الاتصال، الاستثمار، عمليات التشغيل والصيانة، النقل والمواصلات، إدارة المشاريع، التمويل، وغيرها.
2- مخاطر تشريعية، تتضمن المسؤولية القانونية عن المنتجات، المسؤولية الإدارية، عمليات التوظيف، والتدريب وعلاقات العاملين، البنود البيئية، منع الاحتيال، متطلبات قانونية، المخاطر والمسؤوليات العامة.
3- مخاطر بشرية، تتمحور حول أخلاقيات العمل، مسائل ذات علاقة بالصحة البشرية والحيوانية والبيئية، الاستشارات التخصصية، السمعة، والأمن.
4- المخاطر الطارئة، التي يندرج تحتها أي نوع من المخاطر المفاجئة مثل الحرائق، الكوارث الطبيعية وغيرها.
على المستوى الأكاديمي، العديد من الأبحاث يوصي بأن تنشئ الشركات لجانا متخصصة في إدارة المخاطر لتقييم ومراقبة المخاطر التي قد تواجه الشركة في مسيرتها، وإيجاد الحلول المناسبة لذلك. وعليه فإن الإفصاح عن المخاطر التي تواجه الشركات يعد من أهم بنود عناصر الإفصاح. في دراسة قام بها Moxey & Berendt في عام 2008 ربطت حوكمة الشركات بالأزمة المالية، وجد أن عمليات الإفصاح عن المخاطر كانت من أبرز الأمور التي كانت تفتقدها الشركات والبنوك بشكل عام.
وفي دراسة لمدى تأثر مؤسسات الاستثمار ببناء قرار استثماري فاعل، العديد من المستثمرين الممثلين لمؤسسات الاستثمار يعتقدون أن زيادة مستوى الإفصاح عن المخاطر ستؤدي إلى التأثير في قراراتهم الاستثمارية Solomon et. Ali2.
مما سبق نستطيع أن نستنتج أهمية إدارة المخاطر، والإفصاح عنها. ويبقي الواقع المحلي هو الأمر المتطلب للعديد من الدراسات الميدانية والأكاديمية المتخصصة، لاستكشاف واقع هذه الأداة. في الباب الرابع وتحت المادة العاشرة من لائحة حوكمة الشركات السعودية تأتي الفقرة 3/ب بالنص ''التأكد من تطبيق أنظمة رقابية مناسبة لإدارة المخاطر، وذلك من خلال تحديد التصور العام عن المخاطر التي قد تواجه الشركة وطرحها بشفافية''. ولكم تفسير هذه الفقرة حسبما ترونه أنتم.
والسؤال الكبير هنا: هل تعي الهيئة نفسها معنى إدارة المخاطر وأهميتها، وهل سعت إلى توعية المجتمع وقطاع الأعمال بأهمية هذه الجزئية؟
المجتمع الذي نعيشه، يعد مجتمعا حديثا على ممارسات حوكمة الشركات، وانضمام المستثمرين الأفراد لتملك العديد من الشركات. وهذا ينعكس أيضا على إدارات الشركات التي تعاني أيضا من حداثتها وقلة احتكاكها وخبراتها التي تؤهلها لممارسة هذه الجزئية باحترافية وفاعلية، أيضا فالتركيبة الاجتماعية المحيطة بقطاع الأعمال قد لا تستوعب معنى الإفصاح عن المخاطر, وهو ما قد يؤثر بسلبية في الشركات القائمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي