وادي حنيفة .. الإنجاز والجائزة

لم تكن تلك الصورة المنشورة في الصحف المحلية مع خبر فوز الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بجائزة أغا خان العالمية للعمارة لعام 2010م عن مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة في مدينة الرياض صورة متخيلة، أو من فعل تقنية الفوتوشوب التي كثيراً ما كانت خادعة، بل هي صورة حقيقية وواقعية لمحطة المعالجة الحيوية التي يراها كل زائر للمشروع.
مشروع تأهيل وادي حنيفة الذي استحقت عليه الهيئة العليا الجائزة، مثالٌ حي على ما تصنعه العزيمة وحسن التخطيط، الذي استطاع أن يحول منطقة شاسعة المساحة من مصدر استياء وإزعاج للناس، إلى منجز بيئي إيجابي ومتميز، يعالج قضية بيئية كان تأثيرها السلبي ظاهراً للعيان، ويحولها إلى بيئة مناسبة للتنزه.
هذا المشروع الذي يمتد بطول 80 كيلومتراً، وعلى مساحة أربعة آلاف كيلومتر مربع، والذي رعاه وتابع كافة مراحله الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، أعاد وادي حنيفة إلى وضعه الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول، وحوله إلى بيئة طبيعية خالية من الملوثات والمعوقات، كما جعل منه متنزها مفتوحا، وهذا المشروع لا يدرك حجمه وأهميته، إلا من قدر له أن يطلع على وضع الوادي قبل تطويره، وكيف كان مصدراً كبيرا للتلوث البيئي والبصري، ومصدر إزعاج مستمر لسكان مدينة الرياض.
وقد جاء فوز المشروع بجائزة أغا خان، ضمن خمسة مشروعات، تم اختيارها من بين 401 مشروع، من قبل هيئة مستقلة للمحكمين ليؤكد ما يحظى به هذا المشروع من تقدير عالمي، يضاف إلى تقدير وجوائز سابقة فاز بها مخطط المشروع، حيث نال جائزة مركز المياه في واشنطن لعام 2003م كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم من بين 75 مشروعا قدمت من 21 دولة، كما فاز عام 2007م بالجائزة الذهبية للمنظمة الدولية للمجتمعات الحيوية كأفضل مشروع قدم ضمن 160 مشروعا في مجال البيئة والحفاظ على مصادر المياه.
وجاء في حيثيات منح جائزة أغا خان لمشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة أن المشروع ''نجح عبر التخطيط الحساس الواعي للقيم الاجتماعية، والحلول الإبداعية الطبيعية التي تراعي البنية التحتية، في تحويل ظاهرة طبيعية كبرى، من مكان خطير يعج بالنفايات، ويمثل ندبة في وجه العاصمة، إلى بيئة بديلة للتنمية الحضرية''.
وأعلنت لجنة التحكيم منحها الجائزة للمشروع ''تقديراً لرؤيته وإصراره على تحقيق البيئة المستدامة، من خلال استخدامه للمناظر الطبيعية كبنية تحتية بيئية، ونجاحه في استعادة وتعزيز قدرة الأنظمة الطبيعية على تقديم خدمات متعددة، من بينها تنظيف المياه الملوثة، وتخفيف القوى الطبيعية للفيضانات، ليوفر في نهاية الأمر موئلاً للتنوع البيولوجي الحيوي، ويخلق فرصاً لممارسة نشاطات ترفيهية وتثقيفية وجمالية''.
إن أهمية هذا المشروع تنبع من أنه لم يسع إلى معالجة مشكلة بيئية خطيرة عن طريق حل سهل وسريع يتمثل في التخلص من المشكلة، بل سعى إلى تحويل هذه المشكلة إلى منجز إيجابي لصالح البيئة والمجتمع، وهذا ما يجب أن تكون عليه مشروعات معالجة الأوضاع البيئية المماثلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي