العلاقة بين سقف القرار والقدرة على التنفيذ
<a href="[email protected]">[email protected]</a>
بات من المؤكد من خلال القرارات التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله خلال الفترة الأخيرة أن السقف الملكي (الطموح) في تعظيم منافع الشعب من الطفرة عالية جدا، وهو سقف يسير في عدة اتجاهات منها ما هو آني مرتبط بالمعيشة اليومية ومنها ما هو متوسط وبعيد الأمد كما هو الأمر مع صندوق ذوي الدخل المحدود الذي أعلنه الملك البارحة الأولى.
وحتى تتأتى هذه المنافع كما يريد لها المشروع الملكي, فإن الحلقة الثانية في تحقيقها, هي الجهات التنفيذية, أو ما يمكن أن يطلق عليه الحكومة بدءا من الوزراء وانتهاء بصغار الموظفين, ومتى توازت قدرة الحكومة مع مستوى القرار, يكون التنفيذ في هذه الحالة أمرا ميسرا, وإن كان العكس فإن مشروع القرار ربما يتعطل في الحلقة الثانية ولا يصل إلى القاعدة المستهدفة من سنه.
وربما نسترشد في ذلك بقول الملك عندما أعلن الصندوق البارحة الأولى, حيث قال "أرسلت موفدين للعالم كله منذ 25 يوما, وهم على وشك العودة لشرح هذا الأمر, وبدون شك أنا مصر عليه لكنني أعتقد أن كل الماليين يقولون إنه أمر صعب لأنك ستحفظ أموال المساهمين". الخطاب في هذا الجانب يشير إلى الفرق بين مستوى الطموح الملكي الذي لا يقتصر على القرار فحسب بل إنه يأتي في خانة الابتكار في بعض جوانبه, وعندما يكون المشروع مبتكرا فإن الجهات التنفيذية يجب أن تكون في مستوى من القدرة يتيح لها تحويل هذا الابتكار إلى مشروع واقعي, باعتبار أنها لن تجد مشروعا مماثلا في أي مكان تقيس عليه, والخيار غير المطلوب هو أن تضع الجهات التنفيذية العراقيل أمام هذا الابتكار لتخفي عجزها عن التنفيذ.
من حق الشعب الذي تغطى فرحا بقرارات الملك أن يبدي بعض المخاوف من مرحلة التنفيذ, وذلك عندما تتنامى إلى مسامعه معلومات – ربما لا تكون مصدوقة – عن تأجيل بعض تلك القرارات, فبالأمس نقلت وكالة إخبارية عما اسمته مصدر مسؤول قوله إن هناك احتمالات أو مؤشرات إلى تأجيل طرح بنك الإنماء إلى الربع الأول من العام المقبل 2007, انتهى كلام المصدر. ونحن نعلم أن القرار الذي تضمنه تأسيس البنك نص على طرحه للاكتتاب قبل نهاية العام الجاري.
وأيضا تأتي أصوات من هنا وهناك تنادي مثلا بتأجيل طرح مدينة الملك عبد الله الاقتصادية, مسندة قولها إلى الرغبة في أن يكون الاكتتاب بعد تشغيل المدينة, علما أن التنفيذ في هذا المشروع العملاق بدأ بالفعل, وهذه الأصوات لم نسمع لها حسا عندما تدافع المواطنون للاكتتاب في شركات ما زالت على الورق ولا تزال حتى الآن, تلك الأصوات لم تتأت لعمري إلا من الفئة التي لم تألف "العدالة الاقتصادية", وذلك هو مشروع عبد الله بن عبد العزيز, وهو مشروع نافذ "بالاستعانة بالأكفاء من الرجال والنساء", كما قال صاحب المشروع أمام مجلس الشورى في الأول من نيسان (أبريل) الماضي.
في المقابل, هناك صور مثالية للتنفيذ, فمثلا أعلن الملك في العشرين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن إقامة مدينة اقتصادية عملاقة على ساحل البحر الأحمر باستثمارات تتجاوز 100 مليار ريال, في اليوم التالي كانت المعدات والآليات في الموقع, وبالأمس صدر القرار بتأسيس الشركة المنفذة للمشروع, في الوقت الذي بدأت ملامح المدينة تظهر وبدأت الشركات العالمية تفاوض لحجز مواقعها, أي أن الأمر لم يتجاوز خمسة أشهر.
خاتمة القول, المواطنون (الشعب) لن يركنوا لأعذار تحول دون وصول قرارات الملك إلى معيشتهم ومستقبل أبنائهم, ومن يعتقد أنه يملك حق هذا التعطيل فهو بذلك يرتكب دائرة من الأخطاء تتقاطع فيها الإدارة مع السياسة والاقتصاد والإنسانية أيضا.