الأسواق تتأهب لصعود النفط والإقبال على الملاذات الآمنة.. ماذا بعد قصف أمريكا لإيران؟

الأسواق تتأهب لصعود النفط والإقبال على الملاذات الآمنة.. ماذا بعد قصف أمريكا لإيران؟
جانب من آثار القصف الإيراني على تل أبيب. "رويترز"

في أعقاب الإعلان عن استهداف الولايات المتحدة مواقعه نووية إيرانية، توقع مستثمرون أن يحفز التدخل الأمريكي إقبالا على الدولار وأصول الملاذ الآمن، وسط تقييم شامل لأحداث الصراع على الاقتصاد العالمي، حيث تتأهب الأسواق في أوروبا وأمريكا وأسيا مع بداية تعاملاتها غدا.

مارك سبيندل كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بوتوماك ريفر كابيتال يرجح قلق الأسواق في البداية وتداول مرتفع للنفط، مضيفا "لا يوجد تقييم محدد للأضرار وسيستغرق ذلك بعض الوقت ورغم أن الأمر انتهى إلا أنن مرتبطون به.. ما الذي سيحدث بعد ذلك؟".

سيبندل أكد أن "حالة عدم اليقين ستخيم على الأسواق حيث سيتأثر الأمريكيون في كل مكان الآن، وسيزيد ذلك الضبابية والتقلبات، لا سيما في قطاع النفط، ومع ذلك، هناك وقتا لاستيعاب التطورات قبل فتح الأسواق غدا.

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أعلن الهجوم عبر منصة تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي، وتزيد الضربات من تورط الولايات المتحدة في صراع الشرق الأوسط. وكان التدخل الأمريكي احتمالا وضعه المستثمرون في الحسبان عند تقييم مجموعة من السيناريوهات المختلفة المحتملة في الأسواق.

ووصف ترمب الهجوم بأنه "نجاح عسكري مذهل" في كلمة بثها التلفزيون، وقال إن "المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية لتخصيب اليورانيوم دُمرت بشكل كامل وكلي"، محذرا من قصف الجيش الأمريكي لأهداف أخرى في إيران إذا لم توافق على السلام.

أسعار النفط والتضخم
سيتمحور القلق الرئيسي للأسواق حول التأثير المحتمل لتطورات الشرق الأوسط على أسعار النفط وبالتالي على التضخم، وقد يضعف ارتفاع التضخم ثقة المستهلكين ويقلل فرصة خفض أسعار الفائدة على المدى القريب.

قال جاك أبلين كبير مسؤولي الاستثمار لدى كريسيت كابيتال "يضيف هذا الأمر مستوى جديدا معقدا من المخاطر التي سيتعين علينا أخذها في الاعتبار والانتباه إليها.. سيكون لهذا الأمر بالتأكيد تأثير على أسعار الطاقة وربما على التضخم أيضا".

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل إلى 18% منذ 10 يونيو لتبلغ أعلى مستوى لها في خمسة أشهر تقريبا عند 79.04 دولار يوم الخميس، إلا أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 لم يشهد تغيرا يذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو.

قبل الهجوم الأمريكي على إيران، وضع محللون في أوكسفورد إيكونوميكس ثلاثة سيناريوهات تتراوح بين خفض التصعيد في الصراع، والتعليق الكامل للإنتاج الإيراني، وإغلاق مضيق هرمز، وقالت المؤسسة في مذكرة إن "لكل منها تأثيرات كبيرة على أسعار النفط العالمية".

وأضافت أنه في أسوأ الحالات، ستقفز أسعار النفط العالمية إلى نحو 130 دولارا للبرميل لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 6% بحلول نهاية هذا العام.

صدمة الأسعار تؤدي إلى إضعاف الإنفاق
قالت أوكسفورد إيكونوميكس في المذكرة التي صدرت قبل الضربات الأمريكية "على الرغم من أن صدمة الأسعار ستؤدي حتما إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي بسبب تضرر الدخل الحقيقي، فإن أي فرصة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام ستتدمر بسبب مدى زيادة التضخم والمخاوف من تداعيات لاحقة من التضخم".

وفي تعليقاته بعد إعلان التدخل الأمريكي، رجح جيمي كوكس الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية أيضا صعود أسعار النفط بسبب الأنباء الأولية، لكن كوكس يتوقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة لأن الهجمات قد تدفع إيران إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل والولايات المتحدة.

وأوضح كوكس "مع هذا الاستعراض للقوة والإبادة الكاملة لقدراتها النووية، فقدوا كل نفوذهم ومن المحتمل أن يستسلموا ويوافقوا على اتفاق للسلام"، محذرا من أن ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب رسوم ترمب الجمركية.

ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابرا، فخلال الأحداث البارزة السابقة التي أدت إلى أوضاع ملتهبة في الشرق الأوسط، مثل غزو العراق عام 2003، تراجعت الأسهم في البداية لكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية.

وأظهرت بيانات ويدبوش سيكوريتيز وكاب آي.كيو برو أن المؤشر ستاندرد اند بورز 500 تراجع في المتوسط 0.3 % في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت بدء صراع، لكنه عاود الصعود 2.3% في المتوسط بعد شهرين من اندلاع الصراع.

مخاوف من تضاؤل التفوق الأمريكي
يمكن أن يكون للتصعيد في الصراع آثار متباينة على الدولار، الذي تراجع هذا العام وسط مخاوف من تضاؤل التفوق الأمريكي.

وقال محللون إن انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد يفيد الدولار في البداية بفضل الطلب على الملاذ الآمن.

وقال ستيف سوسنيك كبير محللي السوق في آي.بي.كيه.آر في جرينتش بولاية كونيتيكت "هل نشهد توجها نحو الملاذ الآمن؟ هذا سيعني انخفاض عوائد السندات وارتفاع الدولار".

وأضاف "من الصعب تصور عدم تأثر الأسهم سلبا، والسؤال هو إلى أي مدى؟ سيعتمد الأمر على رد الفعل الإيراني وما إذا كانت أسعار النفط سترتفع".

الأكثر قراءة