إلى نايف بن عبد العزيز

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الأمير نايف بن عبد العزيز ـ حفظه الله وسلمه:
أتتك النيابة مشتاقة إليك تسلم راياتها
كم كان مساء ذلك اليوم جميلاً، حيث انتعشت فيه الأنفس، واطمأنت فيه القلوب، وهي تسمع عبر وسائل الإعلام، وتتناقل عبر وسائل الجوال ذلك الخبر المهيب الذي طال انتظاره ألا وهو تولي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - حفظه الله وسلمه - منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء مع بقائه وزيراً للداخلية. لقد كان الخبر مبهجاً، وللنفوس مسعداً، به تباشر الكبار والصغار، والذكور والإناث، والفرحة عمت الحاضر والباد.
يا صاحب السمو: هذه الفرحة الكبرى التي ظهرت على مشاعر الناس؛ سببها أنهم قد اطمأنوا بأن المنصب الكبير قد تولاه الرجل المهيب القوي الأمين، الذي تعظمه النفوس وتجلّه، وتحبه وتوقره. فالرجل المناسب في المكان المناسب. إن من العجائب والنوادر أن تجتمع الأماني مع التوقعات فتتحقق، وما أظن أحداً توقع لهذا المنصب غيرك، أو تمنى سواك، كما أن من النادر أن تجتمع في النفوس لرجل المحبة مع المهابة، والحزم مع اللين، ولقد اجتمعت في سموكم الكريم، فعلى ما لك في نفوس الناس يا صاحب السمو من مهابة، ووقار، وتقدير، واحترام، ففي قلوبهم لك محبة وإجلال. وما نلت هذه يا صاحب السمو؛ إلا بما عُرف عنك من حبٍ للناس، وحرص عليهم، واهتمامٍ بمصالحهم، وسهرٍ على راحتهم، فأنت رجل الأمن الأول لا نحابي ولا نجامل، يدك يا صاحب السمو على كل من عرف حدوده وواجباته حانية، وعلى كل من عبث بأمن البلد ومصالحه حازمة.
يا صاحب السمو: إن من أسرار إعجاب الناس بك فوق أنك لا تحابي ولا تجامل في الحق من تجاوز حده، وضيع الفرص التي أتيحت له، فتقول الحق والصراحة في وجهه؛ لتحمي البلاد والعباد من شره. يا صاحب السمو: خصالك الحميدة، وشيمك الراقية، وما أكثرها! فلقد عُرفت بالحلم مع الحكمة، والوفاء مع الكرم، والتواضع مع حسن المعشر، والرحمة بالضعيف وتوجيب الرجال وتوقيرهم فأنت أمة في رجل.
إن الناس يا صاحب السمو: لن تنسى لك أبداً وقوفك كالطود الشامخ في وجه كل من أراد أن يسيء إلى العقيدة، أو ينتقص من أمر الحسبة، فرماهم الله بك، فدافعت عنها وعن رجالها دفاع الأبطال، ووقفت في وجه كل من يدعو إلى تحرير المرأة وتغريبها بكل حزم وصرامة، وقفة الأسود، وضربت بيدٍ من حديد على كل من أراد أن ينال من أمن البلاد، أو حاول أن يُسرب أفكاره الهدامة الضالة، وآراءه المنحرفة إلى عقول شبابنا، فكنت الرجل الأول في مواجهتهم ومواجهة فكرهم، فحفظ الله بحسن قيادتك وفطنتك وكياستك بلادنا من شرهم. يا صاحب السمو: بلادنا مترامية الأطراف، مختلفة الطباع والأجناس، فيها شتى القبائل والعشائر، مختلفة الثقافات والتقاليد والعادات، فسستهم بعدلٍ ورحمة، وحفظت ـ بحفظ الله وعونه وتوفيقه ـ أمنهم، حتى أصبحت بلادنا ـ بحمد الله ـ بلد الأمن الأولى في العالم. يا صاحب السمو: مع كثرة مشاغلك ومهامك المتعددة توليت عشرات السنين قيادة الحج، ومسؤولية أمن الحجيج، فحملت على عاتقك حفظ وسلامة حجاج بيت الله الحرام من عبث العابثين من غير كلل ولا ملل، ووقفت بكل قوة وبسالة مستعيناً بالله في وجه كل من هدد أمن الحجيج، فلم تتنازل عن رأيٍ ومبدأ، ولم تميز بلدا على آخر، ولم ترتجف خائفاً من تهديد أحد، ولم تقدم أي تنازلات لمن أرادوا أن يختصوا بخصائص ليست لغيرهم من حجاج بيت الله الحرام، فقابلت أحقادهم وأضغانهم بكل قوة وعزيمة، وسداد رأي وحكمة.
يا صاحب السمو: كنت مع أهل العلم عادلاً ومنصفاً عندما أنصفتهم ممن حاولوا أن يصطادوا في الماء العكر، وينسبُ ما تصرف به أصحاب الأفكار الضالة إلى الدين وأهله، ففرقت بين هؤلاء وأولئك، فقدرت العلم والعلماء. وكنت كالجبل الأشم في وجه من أرادوا تغيير المناهج، عندما نسبوا لمناهجنا دوراً في نشر الأفكار الهدامة، والآراء الشاذة المنحرفة. ومناهجنا بريئة كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب. يا صاحب السمو: لم يتعجب الناس منك تلك المواقف، ولم يستغربوا منك تلك القوة؛ لأنك ابن العقيدة، وابن المؤسس الإمام الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ الذي عُرف بغيرته على الدين والعباد والبلاد. تلك مكارمٌ توارثها الأبناء عن الآباء:
وهل ينبت الخطي إلا وشيجة
وتُغرس إلا في منابتها النخل
يا صاحب السمو: الحمل ثقيل وأنتم أهله، والمهام صعاب، وأنتم لها بحول الله وقوته بالمرصاد، والأعداء لهذه البلاد كثر بسبب ما حباها الله من نعمة الإيمان، والأمن، والثروات، وأنتم ـ بعون الله وحوله ـ خير من يقف في وجوههم ويقطع دابرهم. حفظك ربي ورعاك، وسدد خطاك، وأعانك ووفقك، وحفظ لبلادنا أمنها وإيمانها. إنه قوي سميع مجيب الدعوات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي