FINANCIAL TIMES

أجراس الخطر تدق في نيودلهي .. الملايين يندفعون لشراء العملات المشفرة

أجراس الخطر تدق في نيودلهي .. الملايين يندفعون لشراء العملات المشفرة

أفادت تقارير صحافية أن نيودلهي تدرس التعامل مع العملات الرقمية على أنها أصول وبالتالي ستفرض ضرائب على التداول فيها.

هذا العام تخللت مباريات الكريكيت التي يشاهدها ملايين في الهند، إعلانات عن العملات المشفرة. الإعلانات التي تظهر نجوم بوليوود وتقدم لهم عملات بيتكوين مجانا، تتجاهل في حقيقة الأمر إلى حد كبير المخاطر المترتبة على تداول العملات الرقمية والغموض القانوني الذي يلفها.
قال عدي سينج أهلاوات، محامي الشركات المقيم في نيودلهي، "خلال كأس العالم للكريكيت، كان ما لا يقل عن 70 في المائة من الإعلانات التي يبثها التلفزيون مرتبطة بالعملات المشفرة". أضاف، "لأنه لم يكن من الواضح ما للعملات المشفرة وما عليها، فقد كان الناس يحاولون الاستفادة منها".
لكن بسبب اندفاع الملايين لشراء العملات المشفرة مثل بيتكوين وإيثيريوم "بدأت أجراس الإنذار تدق" في نيودلهي، على حد قول أهلاوات. الآن تتهيأ بورصة كوين سويتش كوبر وغيرها من البورصات لإصدار تشريعات جديدة صارمة، فيما تدور نقاشات الحكومة الهندية حول فرض حظر شامل للعملات المشفرة، على غرار الصين.
إعلان البرلمان الهندي الشهر الماضي حول اتخاذ الإجراءات اللازمة "لحظر جميع العملات المشفرة الخاصة في الهند" أدى إلى عمليات بيع محمومة، على الرغم من طرح القانون نفسه لأول مرة في وقت سابق من هذا العام.
قال نيشال شيتي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لبورصة العملات الرقمية، وزيريكس، "ما حدث كان نوبة من الهلع. الأشخاص الذين التحقوا بركب ظاهرة شراء العملات المشفرة في الأشهر الستة إلى الثمانية الماضية كانوا هم أكثر من أصيب بالذعر"، مشيرا إلى أن الأسعار في البورصات الهندية تراجعت مؤقتا 10 - 15 في المائة عن السوق العالمية.
تفاصيل القانون المتعلق بالعملات المشفرة غير معروفة بعد، لكن من المتوقع أن يسمح باستثناءات من أجل "تعزيز التكنولوجيا الأساسية" لنظام البلوكتشين، وهو دفتر حسابات رقمي ضخم، بينما سيتم الإعلان عن عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي، وفقا لبيان جدول أعمال البرلمان.
قال أهلاوات إنه يشكك في فرض حظر على تداول العملات المشفرة، لأن ذلك "كان من الممكن أن يحدث دون الحاجة إلى أي مشروع قانون".
أنيرود راستوجي، الشريك الإداري في إيكيجاي لو، وهي شركة محاماة تولت تمثيل بورصات العملات المشفرة الهندية، قال، "لا توجد صورة واضحة حول الكيفية التي تفكر فيها الحكومة في هذا الشأن".
أضاف أن الحكومة أشارت إلى أنها تعارض قبول العملات المشفرة بحسبانها عملة قانونية، لكن تقارير صحافية أفادت أن نيودلهي تدرس التعامل مع العملات الرقمية على أنها أصول وبالتالي ستفرض ضرائب على التداول فيها.
يقول مؤيدو العملات المشفرة إنهم يرحبون بالتشريعات ويعدون مثل هذه العقبات تطورا طبيعيا، حيث تعمل الحكومات في جميع أنحاء العالم على إيجاد طريقة لتنظيم هذه السوق التي تعمل بحرية.
لم يكن إعلان تشرين الثاني (نوفمبر) المرة الأولى التي تخضع فيها صناعة العملات المشفرة حديثة العهد في الهند للتدقيق القانوني. فبعد أعوام من التحذيرات للمستثمرين بشأن مخاطر العملات المشفرة، أمر البنك المركزي الهندي في عام 2018 بفرض حظر على الخدمات المصرفية المقدمة لشركات العملات المشفرة، ما جعل العمل صعبا للغاية عليها. لكن في آذار (مارس) ألغت المحكمة العليا الحظر المصرفي وأعادت فتح صناعة العملات المشفرة أمام المستثمرين.
وفقا لراستوجي، جاء الموقف الأكثر ليونة حين "بدأت الحكومة ترى أن هذه الصناعة وجدت لتبقى وأنها لا تستطيع تجاهل التطورات الكبيرة تماما".
يتطلع المستثمرون الأجانب إلى فرصة لتحقيق الأرباح من خلال الهنود الشباب البارعين في مجال التكنولوجيا. فقد نمت قيمة المعاملات المشفرة في الهند أكثر من ستة أضعاف خلال عام واحد، من تسعة مليارات دولار بين تموز (يوليو) 2019 وتموز (يوليو) 2020، إلى 68 مليار دولار في الفترة نفسها من العام التالي، وفقا لبيانات التي نشرتها شركة تشايناليسيس المتخصصة في البلوكتشين.
ومع دخول الشركات الداعمة، من بينها تايجر جلوبال وسيكويا كابيتال إنديا، جمعت شركات العملات المشفرة الهندية الناشئة 502 مليون دولار منذ بداية 2021 حتى الآن، مقارنة بـ25 مليون دولار فقط في العام السابق، وفقا لشركة فينتشر إنتيليجانس.
ونفذت شركة رأس المال المغامر الأمريكية، أندريسن هورويتز في أيلول (سبتمبر) أول استثمار لها في الهند، في منصة التداول كوين سويتش كوبر، التي تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار، لتصبح بذلك أكبر شركة ناشئة للعملات المشفرة في البلاد.
قال آشيش سينجال، المؤسس المشارك لمنصة كوين سويتش كوبر، "هناك حوار نشط الآن بين الصناعة والجهات التشريعية". أضاف، "من الناحية المثالية، نحن لا نريد أن نغادر الهند. نأمل أن تصدر الحكومة هذه الأوراق والقوانين من أجل الترويج لهذا الابتكار بينما تنمو الصناعة".
أشار سينجال إلى أن الأهداف المعلنة لصناعة العملات المشفرة، المتمثلة في إضفاء طابع ديمقراطي على التمويل، جاءت متزامنة مع احتضان الحكومة الهندية للابتكارات في طرق الدفع الرقمية.
وفي حين أدلى بعض وزراء الحكومة الهندية بتصريحات تصالحية حول العملات المشفرة، إلا أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي اتخذ موقفا أكثر صرامة. ففي الأيام التي سبقت الإعلان عن مشروع القانون المقترح بخصوص العملات المشفرة، حث مودي الدول على "العمل معا بشأن التأكد من عدم وقوعها في الأيدي الخاطئة التي بإمكانها أن تفسد شبابنا".
وردد مودي صدى الناقدين الذين يقولون إن العملات المشفرة تسهل عمليات غسل الأموال الإجرامية، وأن المقامرين المعرضين للاحتيال غير مستعدين للتعامل مع الأصول المحفوفة بالمخاطر.
قالت شابة "33 عاما"، تعمل في شركة تكنولوجيا، إنها اشترت عملات رقمية هذا العام بعد أن رأت أصدقاءها وزملاءها يشترون هواتف آيفون من الأرباح التي حققوها، "لقد كان الأمر أشبه باللعب في الكازينو، جرب حظك فقط". لكنها رفضت نشر اسمها بسبب مخاوفها من الإعلان بأن العملات المشفرة ستصبح غير قانونية.
تشير بيانات استطلاع صادرة من شركة كانتار للتحليلات إلى أن التداول في الهند لا يزال محدودا نسبيا، وأن 16 في المائة فقط من المشاركين في استطلاع للرأي عن استثمار العملات المشفرة اشتروا عملات رقمية.
قال سينجال إن "نحو ستة ملايين" فقط من مستخدمي كوين سويتش كوبر البالغ عددهم 13 مليونا تداولوا مرة واحدة على الأقل، فيما قال شيتي، من وزيريكس، إن عشرة ملايين شخص سجلوا في المنصة وإن "ملايين" منهم يتداولون عليها.
أظهر تقرير صادر عن تشايناليسيس، أن إجمالي معاملات الهند على مدار عام تقل قيمتها عن عشرة آلاف دولار، وهو رقم أقل كثيرا من الولايات المتحدة والصين، لكن يمكن مقارنته بفيتنام وتركيا.
لقد أضر النمو السريع للصناعة بسمعتها. فبعد مواجهة اتهامات بأن التسويق للعملات المشفرة كان مضللا، أدركت بعض الشركات الناشئة أن مثل هذا الأسلوب الاستفزازي زاد عن حده كثيرا وبسرعة كبيرة.
قال كابيل راثي، الرئيس التنفيذي لشركة كروس باوار، وهي بورصة للعملات المشفرة، "يجب ألا نروج لهذه الصناعة بحسبانها برنامجا لتحقيق الثراء السريع".
بعد توسعها في الهند هذا العام، وهبت كروس تاوار بعض الأموال المجانية للتداول من أجل تثقيف عملائها الجدد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES