المقال : زعماء الهند والباكستان الغافلون

سعد الله شماع

عدة دول متجاورة في شرق أسيا وربما الحدود على الحدود منها دول قد وصلت إلى الأعالي ومنها من لا تزال في الحضيض ، والغريب في الأمر أن الدول التي في الحضيض لا تتعلم من تجارب جاراتها الملاصقة لها تماما وتظل في الحضيض ، وكأن الحضيض قد كتب عليها أو كأنه يروقها أن تظل هناك ، أم أن هناك من يعمل على أن تظل هناك في الحضيض بعلمه أو بدون علمه يعمل بيده على أن تظل بلده هناك في الحضيض.دول النمور الآسيوية / نمور التقدم / كلها شبه متجاورة ( كوريا ، تايوان ، هونغ كونغ ، ماليزيا ، سنغافورة ، الصين مؤخراً )، و/ نمور التخلف/ وكلها شبه متجاورة (اندونيسيا ، الفلبين ، الهند ، الباكستان ، تايلاند ) ونمور التقدم متجاورة ومتداخلة إقليميا مع نمور التخلف ، ولكن من المؤلم أن لا يستفيد نمر من نمور التخلف من تجارب جيرانه نمور التقدم رغم أن تجاربها متماثلة تقريبا.
إن أسباب التخلف كثيرة ولسنا هنا بصدد تعدادها ، ولكن لو بحثنا نحن حاملو المعرفة المحدودة عن سبب أولي للتخلف واضح وجلي للعيان ولو تصرفنا كما يفعل الأميون أحيانا فإننا نجري مقارنة (جرده )سريعة بين هؤلاء الجيران فنقول إن:
•كل نمور التقدم في شرق أسيا أصدقاء حقيقيون للولايات المتحدة الأمريكية بل وحتى شركاء تجاريون لها وأكاد أقول إن هذه النمور نمور التقدم هي تحت الوصاية الأمريكية ، وهم بذلك يقلدون ما حصل لليابان بعد الحرب العالمية الثانية وما وصلت إليه في ظل الاحتلال الأمريكي ، بينما نمور التخلف أعداء أو أصدقاء متقلبون لها.
•كل الدول نمور التخلف لديهم مشاكل سياسية محلية وإقليمية ولا يتوقف ذكرهم في نشرات الأخبار ، بينما ليس لنمور التخلف مشاكل سياسية تذكر ولا يؤتى على ذكرهم في نشرات الأخبار ما عدا الصين بمشاكلها بشأن تايوان التي استقر وضعها مؤخرا.
•ليس لدول نمور التقدم مشاكل اجتماعية أو فقر مدقع والسكان هناك نشيطون ويقدسون العمل ، على عكس نمور التخلف التي كان بإمكاننا حتى وقت قريب أن نرى في كبرى مدنها بعض جثث الأطفال تجمع يوميا مع القمامة مات أصحابها من الجوع والفقر والمرض.
•أن الخط البياني للنمو عند نمور التقدم مستقر بالتصاعد ماعدا الصين التي يتزايد معدل التصاعد في النمو لديها سنة بعد أخرى ، بينما ترى ذلك الخط لدى نمور التخلف متذبذب صعوداً وهبوطاً.
إن الهند والباكستان يوقفان نمو وتطور بلدانهم الهائلة في المساحة وعدد السكان من أجل نصف أقليم (كشمير) محدود المساحة والسكان ولا تريدان والحالة هكذا أن تتعظان من تجربة الصين مثلاً التي تخلت عن المطالبة بتايوان تجنباً للمشاكل السياسية والإقليمية التي سوف تؤثر بالتأكيد على مسار خط النمو الاقتصادي لديها ، وأنا أتوقع لتايوان بعد عشر سنوات أن تطالب بالرجوع إلى السيادة الصينية.
إن المشكلة الجديدة بين الهند والباكستان بشأن الإرهابيين الباكستانيين الذين فجروا بعض الفنادق قد أثرت وبشكل أكيد على خط النمو الاقتصادي في كلا البلدين حيث إنه بالتذكير بأن رأس المال جبان بطبيعته كالأرنب يهرب عند أقل حركة ، فقد توقف تدفق كم كبير من رؤوس أموال الاستثمار والتكنولوجيا المرافقة له لكلا البلدين وكذا أن كم كبير من رؤوس الأموال المقيمة فعلاً قد هربت من كلا البلدين بسبب طبول الحرب التي دقت هناك ، ولن تفكر رؤوس الأموال والتكنولوجيا بالرجوع ثانية ألا بعد عشر سنوات من الاستقرار (أرجوا للقاري أن يكون قد أستوعب حجم الخسارة التي ألمت بمليار وثلاثمة مليون شخص سكان الهند والباكستان من أجل مقتل مئتي شخص )كان الأجدر بالزعماء في الهند والباكستان أن لا يظهروا على القنوات الفضائية لا من أجل هذا الموضوع ولا من اجل غيره ، وأن يفوضوا بعض الضباط الأمنيين لمعالجة الأمر بدون الاقتراب من طبول الحرب.
إنه والحالة هذه وجب تغيير القادة وأولي الأمر المسئولين عن تكريس التخلف في تلك الدول دول نمور التخلف ، واقصد هنا تغيير نوعية القادة الذين لازالوا ينتجون نفس نوعية التخلف في بلدانهم بسبب مبدئي ألا وهو النوع القديم السائد لأنظمة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، ومن الضروري أن يتم التغيير بأتباع نوع جديد من أنظمة الانتخابات للحد من الفساد الوطني في عملية التصويت حيث يتم منح الأصوات على أساس طائفي أو قبلي أو عشائري وليس على أساس وطني ، وكذا الحد من شراء الذمم والأصوات بأسعار فائقة البخس في الهند والباكستان حيث من الممكن أن تُشترى أصوات الناس هناك بسيجارة أو صندويشة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي