FINANCIAL TIMES

حملة لتحويل المدخرين الحذرين في الهند إلى مستثمرين

حملة لتحويل المدخرين الحذرين في الهند إلى مستثمرين

الهنود الذين شاهدوا بطولة كأس العالم للكريكيت هذا العام تعرضوا لوابل من الإعلانات عن سيارات وهواتف محمولة وغيرها من بهارج الراحة للطبقة المتوسطة. إعلانات من مجموعة أقل وضوحا للفت الانتباه كانت حاضرة هذه المرة: صناعة صناديق الاستثمار المشتركة الناشئة في الهند.
انطلق الاستثمار في الصناديق المشتركة في الهند بعد قرار رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، المثير للجدل عام 2016 القاضي بإلغاء معظم المعروض النقدي في البلاد، ما أجبر ملايين الهنود على وضع مدخراتهم في النظام المالي. أدارت صناديق الاستثمار المشتركة في الهند أصولا بقيمة 26 تريليون روبية (377 مليار دولار) في نهاية أيار (مايو)، وهو ما يقارب ضعف حجم النقد المتداول قبل قرار الحظر.
لكن الصناعة تواجه أحد أول اختباراتها الكبيرة على صعيد الثقة، بعد أن تسببت أزمة في قطاع مصرفية الظل في العام الماضي في ضغوط اقتصادية شديدة. أقرض مديرو الصناديق بشكل كبير الشركات المالية غير المصرفية، مثل IL&FS التي تعثرت في أيلول (سبتمبر). ودفع ذلك المستثمرين المتقلبين لأول مرة إلى سحب أموالهم من صناديق الاستثمار المشتركة. فقط في نيسان (أبريل) هذا العام، استردت الصناديق أعلى مستوياتها السابقة.
قال مسؤولون تنفيذيون إن الإعلانات التي تبرز بوضوح على لوحات الإعلان في جميع أنحاء مومباي وكذلك على شاشة التلفزيون، مصممة لاستعادة الثقة والتأكد من أن المستثمرين يدركون مخاطر الاستثمار في الصناديق المشتركة. في إعلان تجاري بارع، خبير في توزيع النصائح الزوجية يبحث بدلا من ذلك عن توجيه حول ما يجب أن يفعله بمدخراته.
قال نايلش شاه، العضو العام لشركة كوتاك ماهيندرا أسيت مانجمينت Kotak Mahindra Asset Management، وهي واحدة من أكبر الشركات في الهند، إن صناديق الاستثمار المشتركة أساءت التقدير بعض الشيء في إقراضها لشركة IL&FS. وأضاف "في معظم الأوقات نحن ناجحون، وأحيانا نفشل. لقد تعلمنا دروسا من هذه الحادثة".
وأوضح شاه أن شركة كوتاك كانت تخطط لفرض معايير أكثر صرامة في ممارسات الإقراض، بما في ذلك الاتفاق على حدود مع الشركات التي تستثمر فيها، بشأن مقدار الديون التي يمكن أن تتحملها.
وقال "علينا أن نبني ذلك الإيمان من خلال سلوكنا (...) يجب أن أكون أكثر شفافية من المصارف والتأمين و(صناديق) المعاشات التقاعدية. يجب أن أكون أكثر تواصلا منهم. يجب أن أتأكد من أن سلوكي يوجد الثقة، وهذا يجلب المال".
كانت أصول الهنود التقليدية المختارة هي المعادن الثمينة والعقارات، مع تجمع المدخرات غالبا في الحلي لتذهب إلى الأبناء. لكن مع انخفاض عائدات هذه الاستثمارات في السنوات الأخيرة، أصبحت الديون والأسهم أكثر جاذبية. قال بنك الاحتياطي الهندي إن الأصول المادية باعتبارها نسبة مئوية من مدخرات الأسر انخفضت من 59 في المائة عام 2012 إلى 49 في المائة عام 2017، مع انخفاض طلب المستهلكين على الذهب خلال تلك الفترة. في الوقت نفسه، نمت أصول صناديق الاستثمار المشتركة تحت الإدارة بنسبة بلغت 25 في المائة سنويا بين عامي 2013 و2018، وفقا للبنك المركزي. بلغ التعطش للنمو مبلغا كبيرا بحيث قالت روبا فينكاتاكريشنان، وهي مستشارة مالية، إنها قادت السيارة أخيرا مسافة 250 كيلو مترا من مومباي، عاصمة الأعمال في الهند، إلى ساتارا، وهي مدينة داخلية في المناطق الزراعية، لتنشئ حسابات لـ28 عاملا من الزراع الذين - مع حسابات مصرفية جديدة وأرقام ضريبية - بدأوا هذا الشهر أول خططهم الاستثمارية بمساهمات شهرية 100 روبية (1.45 دولار).
انتشار الهواتف المحمولة والإنترنت عجل بهذا الاتجاه. تقدم الشركات الناشئة، مثل كوفيرا Kuvera، وهي منصة استثمارية عبر الإنترنت، المشورة للمستهلكين بشأن صناديق مختلفة وتساعدهم على التخطيط المالي. تقدم كوفيرا، التي من بين مستثمريها الذراع الاستثمارية لشركة فيديليتي "أيت رودز" Eight Roads، المشورة حول الأصول التي تبلغ قيمتها 38 مليار روبية. قال المؤسس المشارك، جوراف راستوجي: "التكنولوجيا تتيح كثيرا من هذه المنتجات لعدد كبير من الهنود لأول مرة".
لكن مديري الصناديق يقولون إنهم في البداية فقط. يستثمر نحو 20 مليون هندي في صناديق الاستثمار المشتركة، ويعتقد شاه أن الرقم سيتضاعف عشر مرات. وبلغ إجمالي أصول الصناديق المشتركة باعتبارها حصة من الناتج المحلي الإجمالي 9 في المائة في عام 2016، وفقا للبنك الدولي، مقارنة بـ58 في المائة في المملكة المتحدة و101 في المائة في الولايات المتحدة.
لا يوجد حدث واحد يلوح في تاريخ الصناعة بشكل أكبر من قرار مودي المفاجئ في عام 2016 بإلغاء معظم المعروض النقدي في البلاد، وهو ظاهريا محاولة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الثروة غير المشروعة. بعض المحللين يرون أن ذلك ساعد على وضع مديري الصناديق على طريق محفوف بالمخاطر.
قالت راديكا جوبتا، الرئيسة التنفيذية لشركة إديلويس أسيت مانجمينت Edelweiss Asset Management "كانت البيئة صعبة بشكل غير عادي خلال الأشهر التسعة الماضية. كانت هذه واحدة من أطول أزمات السيولة التي شهدناها في هذا البلد".
إلى جانب استثماراتهم في شركة IL&FS، أقرض مديرو الصناديق أيضا الشركات المتعثرة، مثل المجموعة الإعلامية "إيسل جروب" Essel Group والشركة الممولة غير المصرفية "ديوان هاوسينج فاينانس" Dewan Housing Finance. ودفع ذلك المستثمرين إلى سحب أموالهم، خوفا من أن يعاني المديرون لاستعادة الأصول.
يقول مسؤولون تنفيذيون في الصناعة إن مثل هذه الرهانات تمثل جزءا من صناديق الديون عالية المخاطر التي لم يتعرض لها معظم المستثمرين. ويرون أن المفتاح هو مواصلة مبادرات التسويق لتسليط الضوء على الاختلافات بين الصناديق والمخاطر المرتبطة بها.
سانجاي سابري، رئيس شركة فرانكلين تيمبلتون إنديا Franklin Templeton India، أحد مديري الأصول الأجنبية القلائل الذين يتمتعون بحضور كبير على أرض الواقع، قال "من الطبيعي أن يكون الناس أكثر حذرا بعض الشيء. لأول مرة يشهد كثير منهم تقلبا". مع ذلك سابري متفائل. يقول "إذا نظرنا إلى الأمر من منظور الفرصة، أعتقد أننا بالكاد خدشنا السطح".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES