التملك بالتقسيط والتأجير

التملك بالتقسيط والتأجير

قبل 20 عاما، لم يكن معروفا ولا متداولا في مجال البيع والشراء التملك بالتقسيط أو التأجير في عالم السيارات بشكل محدد. اليوم نكاد أن نجزم بأن هذه الأرتال من مختلف العربات الفارهة والعادية وما بينهما إنما هي مملوكة عن إحدى الآليتين: التقسيط أو التأجير، فقد كانت أثمان السيارات لم تبلغ بعد هذا الحد الفاحش من الغلاء. فلا تكاد سيارات ''جنرال موتورز'' مثلا تتجاوز 30 ألف ريال، وقياسا على ذلك الأمر صحيح في غيرها من الوكالات. كان العميل يدفعها ''نقدا'' مرة واحدة. مع التطورات الاقتصادية التي مرت بها بلادنا أخذ التقسيط يدخل حياتنا وبدأ الناس في شراء عرباتهم عن طريق التقسيط وفق شروط كانت أشبه بخرق اقتصاد. بعد ذلك لحق التملك عن طريق التأجير فامتلأت شوارعنا بما هب ودب من السيارات من مختلف البلدان.
وإذا كان أسلوبا التقسيط والتأجير قد قدما حلولا لعموم الناس وأخذ حتى القادرين على دفع النقد يفضلونها على الدفع مرة واحدة رغبة منهم في استثمار أموالهم في صناديق استثمارية أو عقار أو أسهم، نقول، رغم أن الأسلوبين منحا فرصا للكل لكي يمتلكوا السيارات التي يرغبون فيها، كل بالطبع حسب قدراته، إلا أن الملاحظ على الأسلوبين المغالاة في الدفعات وأخذ أرباح عالية على حساب المشتري غير منطقية ومجحفة بحقه، فاستغلال حاجة الناس للقبول بالأمر الواقع الذي تفرضه شركات أو وكالات بيع السيارات يتطلب تدخلا من وزارة التجارة والصناعة لا لكي ترغمهم على الخضوع لقرارات تعسفية، بل لتصل معهم إلى اتفاق لا ضرر ولا ضرار فيه بحيث لا تشكل الأقساط إرهاقا اقتصاديا وإرباكها نفسيا للناس وتزايد في الشكاوى أمام المحاكم. وفي الوقت نفسه لا تبخس الشركات حقها في الربح لتغطية التكاليف. والذين جربوا الشراء بالتقسيط في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا يعرفون أن الدفعات هناك أقل بكثير مما هي عليه في سوقنا المحلية للسيارات، فضلا عن أن المدى الزمني أطول أيضا. لعل وزارة التجارة والصناعة ومجلس الغرف السعودي يجدان آلية يكون بالإمكان الاتفاق حولها بحيث يحصل بائعوا السيارات على نسب مقبولة من الربح لا ترهق الزبائن ولا تغمط حق البائعين. والذين قد يجادلون في عدم صلاحية هذا الطرح من باب أن ذلك ضد سياسة حرية السوق، لديهم الحق في هذا الاعتراض إلى حد كبير، لكن أليس الاحتكار أو الجشع صفتان ذميمتان؟ بل، أليس تذليل عقبات الدفعات بتقليل أحجامها وتحديد أمدها مما يساعد على الحراك الاقتصادي جراء إقبال المشترين؟ أجل هو كذلك، لذا ومن أجل اقتصاد وطني واسع وثري، هل بالإمكان النظر في هذا الاتجاه لصالح الشركات نفسها ولصالح عموم المواطنين؟

الأكثر قراءة