أخبار

«سبت أسود» جديد يحبس الأنفاس في باريس.. واعتقالات عنيفة تسكب الزيت على النار

«سبت أسود»  جديد يحبس الأنفاس في باريس.. واعتقالات عنيفة تسكب الزيت على النار

أثارت مشاهد عشرات طلبة المدارس الثانوية وهم يركعون وأيديهم خلف ظهورهم خلال الاعتقالات الواسعة التي نفذتها السلطات الفرنسية تنديدات أمس، في وقت تستعد فيه البلاد لموجة عنف جديدة خلال تظاهرات مرتقبة اليوم لمحتجي "السترات الصفراء".
وبحسب "الفرنسية"، أعرب سياسيون يساريون عن غضبهم جراء التسجيلات المصورة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لفتية ينحنون، بينما تصرخ عناصر شرطة مكافحة الشغب في وجوههم.
وكتب أويلفييه فور القيادي الاشتراكي على "تويتر"، "لا شيء يبرر الصورة المهينة للفتيان القصَّر.. لا حاجة إلى صب مزيد من الزيت على النار".
واعتقل الطلبة الخميس في ضاحية "مانت-لا-جولي" الباريسية في إطار الاضطرابات التي اجتاحت عشرات المدارس خلال ثلاثة أسابيع من التظاهرات المناهضة للحكومة.
واعتقل 146 شخصا خارج مدرسة "سان إيكسوبري" الثانوية في البلدة بعدما اصطدم متظاهرون مع عناصر الشرطة وأحرقوا سيارتين.
وذكر لوران سان مارتن العضو البارز في حزب "الجمهورية إلى الأمام" الحاكم، أن نحو 40 من الطلبة كانوا مقنَّعين ويحملون معدات يمكن استخدامها في أعمال التخريب والحرق.
لكنه وصف التسجيلات المصورة بأنها "صادمة"، قائلا لإذاعة "فرانس إنفو"، "إن من حق الناس أن تغضب لهذه المشاهد".
وفاقمت التظاهرات التي خرجت من نحو 280 مدرسة للاحتجاج على تشديد شروط الدخول إلى الجامعات من حدة الانتفاضة التي تشهدها فرنسا مع تواصل حركة "السترات الصفراء".
وألقى عشرات الأشخاص الذين ارتدوا أقنعة قنابل مولوتوف وأضرموا النيران في حاويات القمامة واشتبكوا مع عناصر الشرطة خارج المدارس في عدة مدن الخميس.
وبلغت احتجاجات "السترات الصفراء" - على اسم سترات يستخدمها السائقون في حال وقوفهم بسبب طارئ على الطريق - ذروتها في باريس نهاية الأسبوع الماضي حيث شهدت العاصمة الفرنسية أسوأ أعمال شغب تجتاحها منذ عقود.
وبدأت التظاهرات في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) للاحتجاج على زيادة الضرائب على الوقود لكنها تحولت إلى حراك واسع ضد الرئيس إيمانويل ماكرون وأكبر تحد يواجه ولايته.
ويشعر المتظاهرون بالغضب جراء ازدياد تكاليف المعيشة الناجمة عن الضرائب العالية ويتهمون المصرفي السابق بتطبيق سياسات تحابي الأغنياء.
ويشير المتظاهرون الذين ينحدر معظمهم من الأرياف والبلدات الصغيرة إلى أن ماكرون منعزل عن المواطنين العاديين ويطالبونه بالاستقالة.
ودعا مزارعون كذلك إلى تظاهرات يومية الأسبوع المقبل بينما يخطط اتحادان لسائقي الشاحنات لإضراب مفتوح، تضامنا مع الاحتجاجات ابتداء من مساء الأحد.
ولقي أربعة أشخاص حتفهم في حوادث مرتبطة بحركة "السترات الصفراء"، بينما دعا قادة سياسيون من كافة الأطياف السياسية إلى التهدئة.
لكن عديدا من ناشطي "السترات الصفراء" دعوا إلى تظاهرات جديدة نهاية الأسبوع قائلين "إن التنازلات التي قدمتها الحكومة حتى الآن غير كافية".
وتوقعت صحيفة "لوفيجارو" اليومية الفرنسية أن يهيمن العنف على احتجاجات السترات الصفراء غدا في باريس وفي عدد من المدن الفرنسية الأخرى، رغم الدعوات إلى التهدئة إلى أطلقها بعض المتحدثين باسم الحركة الاحتجاجية، ومسؤولو النقابات والأحزاب، مخافة تكرار أحداث عنف السبت الماضي الذي وُصف بالسبت الأسود.
وفيما يخشى الجميع من مواجهات أكثر حدة في باريس من تلك التي شهدتها العاصمة الفرنسية السبت الماضي وما رافقها من تخريب للمتاجر والممتلكات العامة وتدنيس لرموز الذاكرة الوطنية مثلما جرى لقوس النصر، دعت صحيفة "لاكروا" في افتتاحيتها أمس إلى تجاوز العنف، وطالبت في المقابل حكومة ماكرون بإجراءات ملموسة تلبي تطلعات المحتجين على قساوة أوضاعهم الاجتماعية.
من جهته، أوضح مسؤول في وزارة الداخلية أن السلطات تستعد لوقوع "أعمال عنف كبيرة" السبت، نظرا للتوقعات بأن يحتشد متظاهرون من اليمين المتشدد واليسار المتشدد في باريس.
وسيتم إغلاق برج إيفل وعديد من المتاجر في الشانزليزيه والمتاحف الرئيسية على غرار "اللوفر" كإجراء احترازي.
ويتوقع أن يكلف ذلك خسائر في العائدات بآلاف اليوروات في وقت يبتعد فيه المتسوقون عن ارتياد الشارع الأشهر في باريس لعطلة نهاية الأسبوع الثانية على التوالي قبيل عيد الميلاد، وذلك في أعقاب مشاهد السيارات المحترقة السبت الماضي.
وتم كذلك تأجيل ست مباريات من الدوري الفرنسي لكرة القدم "ليج1"، إحداها لنادي باريس سان جرمان.
وتراجعت الحكومة هذا الأسبوع عن خطة زيادة الضرائب على الوقود التي كان من المفترض أن تطبق في كانون الثاني (يناير)، وأعلنت سلسلة من الإجراءات الأخرى الهادفة إلى مساعدة العائلات من أصحاب الدخل المنخفض.
ويعد التراجع عن ضرائب الوقود التي يفترض أن تمضي بفرنسا في مسار التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة، هزيمة أساسية بالنسبة إلى ماكرون الذي قال "إنه لن يكترث كغيره من الرؤساء السابقين بالتظاهرات الواسعة".
وحث بنجامين كوشي القيادي البارز في حركة "السترات الصفراء" الرئيس الفرنسي على لقاء وفد من المتظاهرين لنزع فتيل الأزمة التي يعتقد أنها دفعت فرنسا إلى "حافة العصيان والحرب الأهلية".
وأضاف كوشي "نطلب منه لقاءنا للتفاوض على القدرة الشرائية التي تشكل أساس كل هذا الغضب".
ومن المتوقع أن يلقي ماكرون، الذي لم يتطرق علنا إلى الأزمة منذ السبت الماضي، خطابا عن التظاهرات مطلع الأسبوع المقبل.
وقال إدوار فيليب رئيس الوزراء الفرنسي "إن الحكومة على استعداد للنظر في أي إجراءات تسمح لنا بتعزيز القوة الشرائية للأفراد".
لكن مكتب ماكرون أكد أنه ملتزم بعدم فرض "الضريبة على الثروة" مجددا على أصحاب الدخل المرتفع، علما بأنها ألغيت العام الماضي في مسعى للتشجيع على الاستثمار.
ويعارض المحتجون قرار ماكرون الذي أدلى بسلسلة من التصريحات اعتبرت مجحفة بحق العمال العاديين، ما دفع كثيرين إلى أن يطلقوا عليه لقب "رئيس الأغنياء".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار