السعودة.. واجب وطني أم ضريبة يدفعها المستثمرون؟

[email protected]

الحدث
وقعت وزارة العمل والغرفة التجارية الصناعية في جدة اتفاقا بين الجهتين, تقوم بموجبه الغرفة التجارية باستقبال وتدقيق طلبات التأشيرات المقدمة من الشركات نيابة عن وزارة العمل, ومن ثم تأييد الطلب أو رفضه أو قبوله بعد التعديل عليه.

التعليق:
الفاصلة الأولى:
خطوة تختصر خطوات ولا شك أن الوزارة تشكر عليها, ونتمنى أن تكون تجربة إيجابية لباقي الغرف والوزارات الأخرى, خاصة التجارة والصناعة, ومن حيث المبدأ نقدر كثيرا حرص الوزارة على سعودة الوظائف, وعدم الاستقدام العشوائي, وكل ما من شأنه ضبط أوضاع العمالة في المملكة.

الفاصلة الثانية:
نتفق أيضاً على أن رجل الأعمال مسؤول مسؤولية مباشرة عن طلبات الاستقدام التي يقدمها للوزارة, كما أنه مسؤول عن سلامة الأوضاع النظامية لعمالته الأجنبية بعد وصولها إلى المملكة.

الفاصلة الثالثة:
حقيقة شهدها الجميع وليست سراً, وهي انتشار السوق السوداء للحصول على العمالة, وانتشار السوق السوداء للحصول على التأشيرات, حتى وصل راتب السائق إلى 1800 ريال في حين أن راتبه لدى كفيله لا يتجاوز 800 ريال, والتأشيرة التي تحصل عليها بشكل رسمي بمبلغ ألفي ريال وصلت قيمتها إلى عشرة آلاف ريال, ناهيك عن فرار العمالة من كفلائهم وعملهم في السوق بشكل "حر", ما نتج عنه انتشار الفساد في بعض الدوائر نتيجة التضييق في الحصول على التأشيرات.

الفاصلة الرابعة:
لا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يقرر مدى الحاجة إلى العمالة من عدمها, وعدد العمالة ونوعيتها ووظائفها, وجنسيتها أكثر من الجهة التي تطلب الاستقدام, مهما كانت قدرة وخبرة موظفي وزارة العمل أو الغرف التجارية أو الشركات التي ستستعين بها الغرف التجارية.

الفاصلة الخامسة:
على سبيل المثال للفاصلة السابقة عندما يكون لدي مشروع في مجال الخدمات (مقهى أو مطعم مثلاً) وأرغب في تقديم خدمات راقية جداً لزبائنه, فمعنى ذلك أن حاجتي إلى العمالة قد تكون نادلا (جرسون) لكل طاولة, أما إذا كان مطعماً شعبياً فمعنى ذلك أن حاجتى ستكون إلى عدد محدود من النادلين, أما إذا كان الطلب في المطعم على الواقف فمعنى ذلك أنني لا أحتاج إلى نادلين إطلاقاً.

الفاصلة السادسة :
"إنك لا تجني من الشوك العنب", مثل يحكي واقع مخرجات التعليم العام والجامعات والتعليم الفني, ويتلخص في إصرار وزارة العمل على قيام القطاع الخاص بدفع فاتورة باهظة نتيجة عدم تجانس مخرجات سياسات وثقافة التعليم مع سوق العمل, ناهيك عن أخطاء تربيتنا أبناءنا فيما يخص ثقافة العمل بشكل عام.

الفاصلة الأخيرة:
عندما نرغم القطاع الخاص على التوظيف بنسب معينة وبرواتب معينة وبتكاليف باهظة جراء عدم استقرار العمالة السعودية, ونستنكر ارتفاع الأسعار ونتهم التجار بالجشع, فيجب ألا نتعجب من زيادة معدلات التضخم في المملكة, فموضوع السعودة له جانبان ظاهرهما مضيء وباطنهما الله أعلم به.

المقترح:
لن أقترح الحلول, ولكني أقترح إعادة صياغة التعامل مع العمالة والسعودة, فالعمالة السائبة موجودة في كل مدن المملكة وأماكن تجمعاتها معروفة, وتعمل دون خوف ولا وجل, واقتراحي باختصار لماذا لا يتم فتح باب الاستقدام لمن يرغب في ذلك للعدد المطلوب والمهن المناسبة له, ويتم التشديد على العمالة السائبة, ويضرب بيد من حديد على أشباه التجار من المخالفين, ويسجن ويغرم تجار التأشيرات, ويعاقب من يهمل عمالته, ويمنع من الاستقدام من يتجاوز هروب عمالته نسباً معينة.. وهكذا.
على أن يتزامن ذلك مع فرض مبالغ مناسبة كرسوم للاستقدام تتزايد مع تزايد العمالة غير السعودية, وتتزايد للمهن التي يتوافر فيها السعوديون, وتوجه هذه المبالغ إلى صندوق الموارد البشرية الذي يفترض فيه أن يدعم التدريب والتوظيف للسعوديين.
على أن يؤخذ في الحسبان إنشاء السجل الوظيفي للعمالة السعودية, بحيث يتضمن التاريخ الوظيفي, وفترات العمل المختلفة وشهادات الخبرة, وشهادة حسن ( أو سوء) السلوك, بحيث يمكن لرب العمل قبل توظيف الشاب السعودي التأكد من مناسبته للعمل من الناحية السلوكية والمهنية والعملية, وهذا السجل يعطي مرجعية صادقة للمعلومات حول طالبي العمل, كما أن هذا السجل سيضبط سلوك العاملين السعوديين عند معرفتهم أن عملهم موثق سواء كان إيجابيا أو سلبيا.

خاطرة:
عندما تكون العمالة السعودية متسمة بالانضباط, ومتحلية بالعلم والخبرة, وموصوفة بالمهنية سيتسابق إليها رجال الأعمال, لتكون حاجة ومصدر اعتزاز وليست ضريبة !!! مما سيسهم في زيادة قيمة الموظف السعودي في سوق العمل.. رغبة وليس خوفا, طلبا وليس مطلباً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي