العقار السعودي.. سرقات من نوع جديد
Alkhedheiri @hotmail.com
المتابع لرحلة الاستثمار العقاري في السعودية يجد أنه مر ويمر بمراحل من التقلب بين الخوف والتقدير المباشر للمطورين العقاريين, هذا التقدير جاء نتيجة المصداقية العظيمة في تعاملاتهم في البيع والشراء, لا حاجة لشهود البيع أو الشراء, مساهماتهم واضحة وحقوق المساهمين محفوظة وتسديد الحقوق سريع وواجب الدفع متى ما انتهت المساهمة, والمساهمة لا تأخذ عشرات السنين حتى تنتهي - ولكنها تبدأ وتنتهي بكل مصداقية وأمانة.
هذه المرحلة ما زالت باقية من خلال أسر عقارية ذات خبرة واسعة في هذا المجال ولكن ما شوهه العمل أو الاستثمارات العقارية هو دخول فئة في الفترة السابقة استغلت الثقة التي بنتها تلك الأسر العقارية العريقة وبدأت تستغل ذلك من خلال الترويج لمشاريع عقارية من خلال شراء أراض وفتح مساهمات فيها ثم الهروب بالأموال أو المماطلة في إعادتها لأصحابها وتم على تلك المساهمات ما تم مع أن العديد منها ما زالت معلقة حتى تاريخه, ثم ظهر جيل جديد يدعي المعرفة والقدرة على التطوير العقاري من خلال مشاريع تأخذ سمة أو فكرة المشروع المتكامل حيث يتم فتح المساهمة في شراء الأراضي وتطويرها بالمرافق والخدمات وإنشاء بعض المشاريع ضمن تلك الأراضي وهذه المرحلة صاحبها العديد من المشكلات لأسباب عديدة, من أهمها غياب النظام المؤسسي الحكومي الضابط والمنظم لها, وبعد صدور نظام المساهمات العقارية الجديد وربط مثل هذه الشركات أو المساهمات بهيئة السوق المالية انتظمت الأمور بعض الشيء واختفت تلك الإعلانات التي كانت تملأ صحفنا بالإعلانات عن المساهمات العقارية وأصبح هناك سوق يوجهه ويقيد مثل تلك المساهمات.
اليوم ندخل مرحلة جديدة من محاولات سرقة المواطن السعودي بشكل خاص وأي إنسان آخر يأتي في طريق السارق فإنه لا يوفره سواء من مواطني مجلس التعاون الخليجي أو من المقيمين على أرض السعودية, هذه السرقة تتمثل في دخول بعض المستثمرين الجدد إلى سوق العقار السعودي يقومون على بيع الشقق في المباني ذات الارتفاعات العالية, وكل ما يتطلبه الأمر هو أرض ذات مساحة ليست بالكبيرة ووضع لوحة على كامل الواجهة بارتفاع عشرة أمتار وبالألوان القوية وصور جذابة وأسماء لامعه للمبنى ثم يقومون بعد ذلك بتسويق هذه الشقق على المخططات ويوحون للأشخاص الذين يتم عرض هذه الشقق عليهم بأنه تم اختيارهم وفقا لمعايير محددة لضمان حسن اختيار السكان وفي الغالب فإنهم يتجهون للأسماء التي يمكن استثمارها فيما بعد للدعاية حتى إذا ذهبوا إلى ضحية جديدة قالوا له إن فلانا وفلانا قد اشتروا معنا في هذا المشروع وهذه صور من العقود والشيكات... إلخ.
هذه الظاهرة العقارية الجديدة بدأت تنتشر في مدينتنا الرئيسة بشكل لافت للنظر ويحصل مسوقها على مبالغ طائلة لا تذهب إلى صندوق استثماري معتمد وإنما في الغالب إلى أسماء لشركات وهمية أو لحسابات شخصية يتم تصرفهم في تلك الأموال دون حسيب أو رقيب وعندما يسأل المساهم معهم عن وضع مساهمته أو بمعنى آخر شقته يقولون له الإجراءات لم تنته والرفع المساحي جار, وتسوير الأرض ليتم التفاوض عليه إلى آخر أساليب المراوغة التي لا تخفى علينا جميعا.
هذه الاستثمارات الوهمية الجديدة ستدخلنا مسؤولين ومواطنين في نفق جديد من الكر والفر وتؤكد لنا أننا لم نتعلم من كل التجاوزات والممارسات السيئة التي حدثت خلال الأعوام الماضية, بعض المواطنين ما زال يمكن خداعهم وبعض مؤسساتنا الحكومية لا تتحرك إلا بعد الحدث والحركة للأطراف جميعها بطيئة ومتأخرة ومترهلة وتذهب أموال الناس هباء منثورا.
إن ظاهرة المساهمات أو بيع الوحدات السكنية في المباني العالية أو المرتفعة أو الشاهقة أو الخيالية أو.. أو دون ضوابط مؤسسية ستدخلنا في نفق جديد من المشكلات المالية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية والإجرائية ما الله به عليم.
هذه الظاهرة ليست جديدة وسبق أن حدثت في بعض دول العالم ومنها بعض مدن دول الخليج وتم وضع أنظمة تضمن عدم التلاعب في أموال الناس والتأكد من سلامة الإجراءات وقانونية المشاريع وضمان الأموال من خلال إدارات مؤسسية حكومية قوية وصارمة.
دعونا نوقف مثل هذه الشركات الوهمية قبل أن تقع الفأس في الرأس وتفقد أسواقنا مصداقيتها ومواطنونا أموالهم ومؤسساتنا الحكومية الثقة بها, وفي الوقت نفسه نحمي الشركات ذات السمعة الجيدة والعمل الجاد ونبني لوطن قوي في كل مجالاته وتوجهاته واستثماراته.
وقفت تأمل:
مني عليكم ياهل العوجا سلام
واختص أبو تركي عمى عين الحريب
يا شيخ باح الصبر من طول المقام
يا حامي الوندات ياريف الغريب
اضرب على الكايد ولا تسمع كلام
العز بالقلطات والرأي الصليب
لو أن طعت الشور يالحر القطام
ما كان حشت الدار وأشقيت الحريب