الأولوية القصوى للشفافية في القضاء

وردت كلمة "الشفافية" في كلام الأمير محمد بن سلمان كثيرا، هذا الكلام المملوء بالطموح والأمل لجميع المواطنين، وسأحاول أن أسلط الضوء على معيار الشفافية في حوكمة القضاء تحديدا، كوني محاميا ممارسا، ويهمني شأن القضاء وتطويره، خصوصا مع تفاؤلنا الكبير بقيادات القضاء الحالية التي تعمل جاهدة في هذا السبيل.
معيار الشفافية من أهم معايير الحوكمة، التي تضمن النزاهة والصلاح في الجهاز، حيث إن الشفافية يدخل تحتها الإفصاح والوضوح اللذان يعتبران رقابة في حد ذاتهما على أي جهاز. فعلى سبيل المثال؛ كثيرا ما يحصل أن يتابع أحد المتخاصمين في القضاء مجريات القضية داخل المكتب القضائي، وقد تحصل هناك اتهامات أو تجاوزات أن ذلك الطرف تدخل في مسار القضية لمصلحته، فقد يحصل على بعض البيانات دون علم الآخر، أو ربما يسهم في حجبها أو تجاهلها من خلال بعض العاملين داخل المكتب القضائي مثلا، كذلك يحصل أن يتدخل أحد الخصوم في اختيار المواعيد دون علم الآخر وهكذا، ولكن عندما تعزز الشفافية بضبط كل عملية مراجعة بشكل آلي، وتسجيل كل طلب من الخصوم آليا وما اطلع عليه دون الآخر، وتوفير كشفها للخصم الآخر ليكون مطلعا على كل ما قد يؤثر في مسار الدعوى، إضافة لظهور اسم الموظف الذي دخل على تلك البيانات، كذلك في حال طلب أحد الخصوم مقابلة القاضي وتقديم أي طلب أو شرح أي تطور للدعوى؛ فإن الطرف الثاني يجب أن تكشف له تلك الزيارة ويمكَّن من الاطلاع على كل شيء، وقد يُهيأ ذلك إلكترونيا لكل الأطراف "مع أن الأصل في مقابلة القاضي أن تكون بحضور الخصم".
فتح ملف الدعوى وإدخال أي شيء جديد يجب أن يكون مرصودا إلكترونيا. ما الجديد الذي طرأ؟، ومن الذي أدخل ذلك الإجراء الجديد؟، وبأمر مَن؟ وهكذا، ما يساعد على مزيد من ضمان العدالة والمساواة بين المترافعين من خلال هذه الشفافية. المساواة بين المترافعين من خلال الشفافية مبنية على المادة 47 من النظام الأساسي للحكم؛ التي تنص على المساواة بين المتخاصمين. والخلاصة في هذا الجانب أن الشفافية في كل إجراءات ومسار الدعاوى القضائية تُعزز العدالة والمساواة بين المتداعين أمام القضاء، وهو أمر في غاية الأهمية ويساعد على كشف الفساد والحد منه في حال وجد.
الشفافية تضمن الحد الأدنى من الرقابة الذاتية داخل المكتب القضائي، فعند كشف كل إجراء داخل المكتب القضائي؛ فإن الشخص الذي قد يُسهم في عملية فساد ـــ إن وجد ــــ يعلم أنه قد ينكشف بسبب أن كل الأطراف يمكنهم معرفة أنه هو من قام بإدخال أو إخفاء أو تغيير أي شيء في القضية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي