جمع الشعر النبطي
يشكل الشعر النبطي أهمية كبرى في حياة الإنسان في الجزيرة والخليج العربي، فهو جزء من تاريخه، ووثيقة ثقافية واجتماعية تعكس حياة الناس بقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهو الصوت الذي حفظ لنا أحداثا كثيرة حصلت خلال القرون الماضية في الجزيرة العربية، وهو صدى الإحساس، وصورة المجتمع الناطقة، ولولا الشعر النبطي لضاع الكثير من تاريخنا، ولما وصلتنا الصورة الجميلة لواقع الإنسان والمجتمع في منطقتنا. ولا تقتصر أهمية الشعر النبطي على السعودية ودول الخليج العربي، بل إنها تمتد إلى اليمن والعراق والشام وأجزاء من مصر والسودان وليبيا وغيرها من الدول العربية. ورغم الأهمية الكبرى لهذا الشعر، والحاجة الملحة إليه من قبل الباحثين، وسكان المنطقة، إلا أن هذا الشعر لا يزال يعاني إهمالا غير مقصود يتمثل في عدة نواح أهمها:
1 - لا يزال جزءا من الشعر النبطي غير منشور، فهو محفوظ في صدور الرواة، أو في بطون المخطوطات، أو التسجيلات الصوتية القديمة.
2 - ما نشر من الشعر النبطي، نشر غالبه بشكل غير دقيق وغير منظم، ودون منهجية علمية، أو طريقة واضحة وسليمة في التدوين والتوثيق.
3 - كثير من الشعر النبطي المنشور أصابه التحريف، نتيجة أخطاء الطباعة، ونتيجة عدم تمكن ناشريه من الأدوات الحقيقية لفهم ونشر هذا الشعر، وعدم التعامل معه بالجدية العلمية الكافية.
4 - تراجم شعراء النبط مليئة بالأخطاء والتضارب والتناقض.
لهذا وغيره فإنه من الضروري جدا، أن يخرج عمل جدي منهجي يعني عناية حقيقية بجمع الشعر النبطي وفق منهج مدروس ومتكامل، ويمتد زمنيا عبر عدة قرون تقارب 700 سنة، منذ نشأة الشعر النبطي في نماذجه الأولى التي وصلت إلينا، وحتى نهاية القرن الـ 14 الهجري 1400هـ/ 1980، لأنه أصبحت هناك بعد هذه الفترة وسائل أخرى متنوعة توثق التاريخ والحياة الاجتماعية، بينما كان الشعر النبطي في العقود والقرون التي قبلها هو الوسيلة الأكثر أهمية وشمولية لهذا التوثيق. ولأن الشعر النبطي الحديث منشور بشكل أفضل، إضافة إلى أنه متاح ومتوافر لمن أراد البحث عنه.
أتمنى من صميم قلبي أن أرى هذا العمل منفذا، وأعرف تماما أنه يتطلب جهدا كبيرا يستمر سنوات طويلة، ولكنه عمل خالد، ويقدم خدمة لا تقدر بثمن لكل الباحثين والمهتمين بتاريخنا وكل عشاق الشعر النبطي.