هل ابتعد أصبع "أوبك بلس" عن الزناد؟
التئم وزراء الطاقة في الدول الثمانية التي أقرت تخفيضات طوعية في إنتاجها من النفط بمعدل 2.2 مليون برميل يوميا في الرياض يوم أمس الأحد لتناقش مصير هذه التخفيضات كما التخفيضات الأساسية التي أقرتها مجموعة أوبك بلس التي بلغت 3.6 مليون برميل يوميا.
كانت الأسواق مستعدة لاستقبال خبر التمديد لكلا التخفيضين؛ التطوعية للدول الثمان التي تضم السعودية وروسيا والعراق والكويت وكازاخستان وعمان والجزائر والإمارات، والأساسية التي التزمت بها كامل المجموعة، بيد أن ما فاجأ الأسواق هو العامل الزمني الذي سيتم به الالتزام بهذه التخفيضات التي تم إقرارها إلى نهاية 2025 وليس بنهاية 2024.
فالملاحظ لسلوك أوبك بلس من بعد 2020 أنها تضع يدها على الزناد ولا تبتعد عنه إلى مدد زمنية أطول لتسمح لنفسها بمراجعة ظرف الأسواق وقياس المتغيرات المؤثرة في حركة العرض والطلب وأن كانت دائما ما تؤكد أنها تستطيع التدخل متى ما تتطلب الأمر ذلك واتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة حياله.
هذه المدة الزمنية الطويلة في عمر المراجعة الدورية لم تقتصر على إبقاء التخفيضات الأساسية قيد التنفيذ لمدة عام ونصف وحجبها عن الأسواق بل تم تجميد المباحثات المتعلقة بخطوط الأساس التي يتم الاستناد عليها لحساب القدرة الإنتاجية التي بناء عليها يتم تحديد الحصة السوقية للدول المنضوية تحت لواء أوبك بلس، وهو الذي تسبب في تفجر خلاف كاد أن يعصف في تماسك التحالف في الأسبوع الأول من يوليو 2021 عندما طلبت الإمارات تعديل خط إنتاجها الأساس حتى يسمح لها بزيادة في حصتها الإنتاجية المقررة.
الإمارات نفسها حصلت الأحد على تعديل في اجتماع الأمس وتم رفع خط الأساس المرجعي (القدرة الإنتاجية) لها من 2.9 مليون برميل يوميا إلى 3.5 مليون برميل يوميا وهو ما سمح لها بزيادة في حصتها الإنتاجية المقررة بداية يناير الماضي بمعدل 300 ألف برميل يوميا. روسيا ونيجيريا أيضا حصلت على زيادة في حصصها المقررة من قبل التحالف حيث حصل كلاهما على 120 ألف برميل يوميا بداية من نفس الفترة العام المقبل.
لقد أكد التحالف أن إنتاجه لن يتعدى مستوى 39.7 مليون برميل يوميا كما أقر عودة التخفيضات الطوعية تدريجيا إلى الأسواق بنهاية سبتمبر المقبل ولكنه في الوقت نفسه أكد أنه سيتراجع عن خطط الإعادة إذا تطلب ظرف الأسواق ذلك.
ورغم أن القرارات كان في أغلبها تأكيد على تقييد الإنتاج ومواصلة حجب التخفيضات عن الأسواق ورغم الرسالة التي تتضمن وحدة القرار وتماسك المجموعة والتي أراد الوزراء تأكيدها بحضورهم للاجتماع الوزاري شخصيا وليس افتراضيا كما جرت عليه عادة بعض الاجتماعات إلا أننا لا نتوقع أي قفزات كبيرة في الأسعار فالأسواق لم تعد قادرة على تحقيق مثل هذه القفزات نتيجة القرارات المجدولة التي أصبحت الأسواق لديها القدرة لامتصاصها وتسعيرها والتعامل معها.
فخارج نطاق التطورات الجيوسياسية الحرجة التي تشكل تهديدا حقيقيا لمنابع النفط وممراته ويلمس نسبة كبيرة من الإنتاج العالمي فعلينا عدم توقع رؤية قفزات هائلة في أسعار الذهب الأسود التي أصبحت حركته أثقل كثقل المعدن الأصفر.