ما القضايا الأخلاقية للطاقة ؟

لا يزال الغموض حول تسخير الطاقة وتحويلها مستمرا منذ أمد بعيد حيث يرتبط كل جانب من جوانب المساعي البشرية بالطاقة مع أن أوجه عدم المساواة في الحصول على الطاقة بأسعار معقولة أصبحت مرتبطة بعدم المساواة في الأمن ومعايير الطاقة نفسها. ومن ناحية أخرى، أحدث العالم أكبر تأثير بيئي فرضه على كوكب الأرض من خلال سحب واستنزاف الموارد من الطبيعة بلا هوادة ولا توقف. إن الدول الصناعية، التي تعتمد أنماط حياتها بشكل كبير على الموارد غير المتجددة، هي اليوم المصدر الرئيس للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهنا تثير القضايا البيئية مجموعة كاملة من الأسئلة الأساسية الملحة حول أحقية الحياة المريحة والعيش الكريم للجميع والعلاقة بين الإنسان والطبيعة واستشراف المستقبل. إن مبدأ التنمية المستدامة لهو مستقبل العالم بأجمعه، كما تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة، ويعني ضمنا أن يتم فحص الاستهلاك الحالي للطاقة في ضوء الاحتياجات المتوقعة للأجيال القادمة وما يتطلب ذلك من تحديات وإجابات أخلاقية وفلسفية. من هنا نرى أن الطاقة جزء أساسي في حياتنا اليومية وغالبا ما تعد أمرا مفروغا منه، وقد يرى بعضهم أن هذا ليس أمرا مفاجئا لأن أسعار الطاقة قد تكون رخيصة ومتوفرة (إلى حد ما) على مستوى دول العالم. ومن المحتمل أن "وهم الوفرة" قد أسهم في تفاقم المشكلة من خلال عدم الالتفاف إلى القضايا الأخلاقية المتعلقة بأنظمة الطاقة، خصوصا أن التغير المناخي قد بدأ في إثارة عديد من القضايا الأخلاقية مع أنظمة تحول الطاقة في العالم. ومن المشاهد أن الغذاء والماء هما عنصران من أهم ضرورات الحياة، وأن الوصول إلى هذه الموارد يرتبط بسعر الطاقة وتوافرها. ولذلك تقترن أركان البشرية تقريبا بتكلفة الطاقة وإمداداتها، وأن أي اعتبار للجوانب الأخلاقية لهذه الجهود سوف يتضمن تحليلا للطاقة. وبالمثل، فإن النظر في قضايا الطاقة قد يكون له آثار في عديد من الجوانب الأخرى للمجتمع البشري. لقد تم تحديد استخدام الوقود الأحفوري باعتباره مسهما في التغير المناخي وما يترتب من عواقب أخلاقية خطرة، ولكن ينطوي استبدال الوقود الأحفوري بالطاقة المتجددة على نتائج سلبية أيضا ضد البيئة والتغير المناخي. فمثلا، إحدى سلبيات الطاقة الكهرومائية هي الفيضانات وتشريد سكان الريف وتدمير موائل الغابات والحياة البرية والتداخل مع تجمعات الأسماك، وتغيير أنماط نقل الرواسب وترسبها، وبالمثل مع الأنواع الأخرى للطاقة المتجددة والنووية. إن جزءا من سكان العالم (يقترب من النصف) لا يزال يعيش في المناطق الريفية وأغلبهم في البلدان النامية، ويعتمد بعضهم -إن لم يكن أغلبهم- على أنواع الوقود التقليدية المتمثلة في الخشب والكتلة الحيوية وبقايا المحاصيل، وغالبا ما تستخدم تقنيات بدائية وغير فعالة، ومن هنا نرى نسبة لا بأس بها يعانون من فقر الطاقة. إن هذا المزيج لا يكاد يسمح بتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية من التغذية والتدفئة والتكييف والإنارة، فضلا عن إمكانية تسخير الطاقة للاستخدامات الإنتاجية والصناعية والتنمية الاقتصادية. وفي حين أن معظم ممن لا يحصلون اليوم على خدمات الطاقة الكافية يعيشون في المناطق الريفية، فإن من المتوقع أن ينمو سكان المناطق الحضرية بسرعة أكبر. وفي عصر يتسم بالرقمنة والتقنية والإدارة المتقدمة، فقد فشل العالم في مواجهة تحدي تحول الطاقة إذ سيظل الاعتماد على أنواع الوقود التقليدية حقيقة، وليس استخدامها هو الخطأ بقدر ما هو الخطأ في الطريقة التي تدار بها. باختصار، إن التغير المناخي موضوع مهم ولكن يجب ألا يكون وسيلة لهدم الدول النامية والأسر الفقيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي