سوق السلع وتعزيز نشاط السوق المالية

سوق السلع واحدة من أهم احتياجات الأسواق بصورة عامة، ولها أهمية خاصة في المالية الإسلامية، إذ إن معظم التمويلات لدى المؤسسات المالية الإسلامية لا بد أن تمر من خلالها، حيث يتم بيع السلع بالمرابحة على العميل أو الشركة أو حتى في كثير من إصدارات الصكوك ومن ثم يتم بيعها مرة أخرى من خلال العميل في أسواق السلع بهدف الحصول على السيولة، وهذه العملية توصف بالتورق في المؤسسات المالية الإسلامية وتمثل الجزء الأكبر من صورة التمويل الذي تقدمه هذه المؤسسات.
تطور عمل المؤسسات الإسلامية وتوسع، ليصل حجم التمويل الإسلامي إلى ثلاثة تريليونات دولار، حصة المملكة منها قد يزيد على 30 في المائة، وذلك في ظل التوسع الكبير في قطاع التمويل الإسلامي سواء من خلال الأسواق المالية أو المصارف أو التأمين أو من خلال طرح الصكوك كأداة دين بديلا للسندات، وهذا زاد من حجم الأصول الإسلامية سواء في المملكة أو على مستوى العالم.
سوق السلع تعد جزءا مهما ومكملا لحلقة كثير من الأدوات المالية الإسلامية، فوجود سوق منظمة لها سيكون لها أثر كبير في زيادة حجم الحركة المالية في سوق المالية الإسلامية فيها وتزيد من سلامة عمليات التنفيذ خصوصا أن سوق السلع التي يعتمد عليها بشكل كبير هي سوق لندن للسلع London Metal Exchange وتعتمد عليها معظم المؤسسات المالية الإسلامية خصوصا في العمليات الضخمة جدا بوصفها سوقا تستوعب حجما كبيرا من المعاملات اليومية ويتداول فيها سلع من مختلف دول العالم.
في إطار سعي المملكة لأن تكون السوق المالية السعودية في المرتبة الثالثة عالميا ولا شك أن هذا طموح كبير والعمل عليه جار، فقد تحقق جزء كبير من هذا العمل من خلال تشجيع طرح الشركات في السوق المالية والعمل المشترك مع أسواق أخرى للطرح المشترك وتطوير الأنظمة والتشريعات والحوكمة الذي كان له دور في زيادة مستوى الشفافية والعدالة في السوق بما يشجع على تدفق الاستثمارات النوعية والمؤسسية ودخول السوق المالية الإسلامية ضمن المؤشرات العالمية، إضافة إلى أن التحسن في الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية زاد من فرص نمو الشركات الوطنية وبدأت في التوسع بصورة واضحة وانعكس ذلك على قيمة الأسهم في السوق وزيادة حجم المنح للأسهم للاستفادة من الفرص.
محمد القويز رئيس هيئة السوق المالية من خلال مجموعة من اللقاءات وفي آخرها ندوة شركة دينار للاستثمار ذكر أن من ضمن التطوير الذي تم في التشريعات الخاصة في السوق المالية في المملكة أن منصات التداول لم تعد حصرية لشركة تداول، فبالإمكان أن تكون هناك شركات أخرى يمكن أن تطرح منصات للتداول وهذا يجعل الفرصة كبيرة لمجموعة من المستثمرين خصوصا المؤسسات المالية الإسلامية للعمل على تأسيس سوق للسلع، حيث يمكن لهذه المنصة أن تزيد من حجم التداولات في السوق المالية وتقدم مزيدا من الحلول، حيث إنه في الندوة نفسها ذكر الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي أحد أبرز علماء المالية الإسلامية أن تداول الديون بالسلع أمر جائز خلال تداولها بالنقد، وهذا يسهل كثيرا تداول مجموعة من الأدوات المالية التي يكون منشؤها المرابحة مثل صكوك المرابحة ومحافظ الديون العقارية التي تكون من خلال عقود المرابحات وغيرها من الأدوات المالية التي تجد المؤسسات المالية صعوبة في تداولها رغم أنها مديونيات في أساسها هي معاملات منشؤها عقد المرابحة.
فوجود سوق للسلع سيزيد من تدفق الاستثمارات خصوصا من المؤسسات المالية الإسلامية حول العالم، التي تبحث عن منصات أكثر انضباطا للمعايير الشرعية للتعامل معها وزيادة حجم تعاملاتها من خلالها والاستثمار فيها باعتبار أن الاهتمام بالاستثمار في السلع أصبح يتزايد بصورة كبيرة خصوصا في فترات عدم اليقين الخاص بالاقتصاد بوصف أن الأوراق النقدية معرضة لتناقص قيمتها نتيجة للتضخم.
الخلاصة، أن سوق السلع تعد من الخيارات التي يمكن أن تعزز دور السوق المالية السعودية في بناء عمليات مكتملة للتمويل الإسلامي داخلها، وتعزز فرص تدفق الاستثمار فيها خصوصا في القطاع المالي، وتزيد فرص إيجاد منتجات جديدة في السوق المالية السعودية وحول العالم، حيث إن حجم التمويل الإسلامي فيها هو الأضخم، وما زالت فرص تدفق مزيد من الاستثمارات في قطاعات المالية الإسلامية تتزايد بشكل كبير في ظل التطور الكبير الذي يشهده الاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي