Author

أمريكا والصين على مسار تصادمي «2 من 2»

|

من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة "للحد من المخاطر" فيما يتعلق بعلاقاتهم مع الصين، استقر القادة الغربيون على لغة أقل عدوانية قليلا من "فك العلاقات". مع ذلك، فقد تغيرت أشياء أكثر من اللغة الدبلوماسية. ووفقا للبيان، ستصاحب جهود الاحتواء الغربية سياسة لإشراك دول الجنوب باستثمارات كبيرة في التحول إلى الطاقة النظيفة، خشية انجذاب الدول الرئيسة هناك إلى مجال نفوذ الصين.
لا عجب إذن أن تعجز الصين عن احتواء غضبها ضد مجموعة الدول السبع. وإضافة إلى تداخلها مع اجتماع رباعي، تأتي قمة هيروشيما في وقت بدأ فيه حلف شمال الأطلسي محوره الخاص في آسيا، ويستعد تحالف "أوكوس" "الذي يضم أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة" لمواجهة الصين في منطقة المحيط الهادئ.
وفي غضون ذلك، استمرت الحرب الاقتصادية والتكنولوجية الغربية الصينية في التصاعد. تفرض اليابان قيودا على صادرات أشباه الموصلات إلى الصين لا تقل صرامة عن تلك التي فرضتها الولايات المتحدة، وتضغط إدارة بايدن على تايوان وكوريا الجنوبية لتحذو حذوها. وردا على ذلك، حظرت الصين الرقائق التي تصنعها شركة ميكرون الأمريكية.
وفي ظل تحول شركة إنفيديا الأمريكية لصناعة الرقائق بسرعة إلى شركة عالمية عملاقة -نظرا إلى الطلب المتزايد على رقائقها المتقدمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي- فمن المحتمل أن تواجه هي الأخرى قيودا جديدة على البيع إلى الصين. وأوضح صناع السياسات الأمريكيون أنهم يعتزمون إبقاء الصين متأخرة جيلا واحدا على الأقل في السباق على تفوق الذكاء الاصطناعي. قدم قانون الرقائق والعلوم في العام الماضي حوافز هائلة لإعادة إنتاج الرقائق.
يكمن الخطر الآن في استغلال الصين، التي تبذل جهودا جبارة لسد فجوتها التكنولوجيا مع الغرب، لدورها المهيمن في إنتاج وتكرير المعادن الأرضية النادرة -التي تعد ضرورية للانتقال الأخضر- للرد على العقوبات الأمريكية والقيود التجارية. وزادت الصين بالفعل صادراتها من السيارات الكهربائية بنحو 700 في المائة منذ 2019، وبدأت الآن بتصميم طائرات تجارية للتنافس مع شركتي بوينج وأيرباص.
وفي حين قد تكون مجموعة الدول السبع قد خططت لردع الصين دون تصعيد الحرب الباردة، فإن التصور السائد في بكين يشير إلى فشل القادة الغربيين في فرض إرادتهم. لقد بات من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى أن الولايات المتحدة والغرب عموما ملتزمان باحتواء صعود الصين.
بطبيعة الحال، يود الصينيون نسيان أن التصعيد الحالي هو نتاج لسياساتهم العدوانية بقدر ما يرجع إلى استراتيجية الولايات المتحدة. وفي مقابلات أجريت معه أخيرا بمناسبة عيد ميلاده الـ100، حذر هنري كيسنجر -مصمم سياسة "الانفتاح الأمريكي على الصين" في 1972- من أنه ما لم يتوصل البلدان إلى تفاهم استراتيجي جديد، فسيظلان في مسار تصادمي. وكلما كان التجميد أعمق، زاد خطر حدوث تصدع عنيف.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

إنشرها