الصين و«السبع» والتضخيم الكبير

الصين لا تواجه دول مجموعة السبع وحدها، بل هي الآن جزء من تحالف دول بريكس، وهو التحالف المتزايد النفوذ والمتوسع في عضويته، حيث من المتوقع انضمام عدة دول إلى التحالف، الذي يسعى إلى التصدي للنفوذ الغربي الاقتصادي. وما صدر عن بيان مجموعة السبع في طوكيو هذا الأسبوع بشأن الحاجة إلى التنسيق بين دول المجموعة تجاه ما سموه "الإكراه الاقتصادي"، إلا دليل على قلق المجموعة من توسع تحالف بريكس ومستقبله.
وعلى الرغم من ادعاءات مجموعة السبع بشأن التنمر الاقتصادي الصيني إلا أنه في حقيقة الأمر لا توجد هناك حالات معتبرة قامت فيها الصين بفرض عقوبات اقتصادية على دول لعدم امتثالها للسيادة الصينية، فأبرز ما تم تداوله في هذا الشأن قيام الصين قبل عامين بالتوقف عن الاستيراد من ليتوانيا نتيجة قيام الأخيرة بفتح سفارة لتايوان في ليتوانيا، في مخالفة لسياسة الصين الموحدة التي لا تعترف بتايوان كدولة مستقلة. من الصعب أخذ حادثة ليتوانيا على أنها تنمر صيني أو إكراه اقتصادي، ولا سيما أن مجموع ما تستورده الصين من ليتوانيا لا يتجاوز 330 مليون دولار في العام، وهو عبارة عن لحوم وألبان ومشروبات.
دق البرلمان الأوروبي ناقوس الخطر بشأن الصين العام الماضي، بالمطالبة باتخاذ عدة إجراءات وتدابير للحد من الممارسات الصينية ضد بعض الدول، من أجل إجبار تلك الدول على تغيير سياساتها تجاه الصين، أو ضد بعض الدول الأوروبية. لكن البرلمان الأوروبي في بيانه هذا لم يشر إلى أي ممارسات واضحة وصريحة، بل يشير إلى استخدام الصين قوتها الاقتصادية لتحقيق مكتسبات اقتصادية، من خلال تقييد التجارة والتحايل على أي عراقيل لوجستية تعترض طريقها في المياه الإقليمية أو على أراضي بعض الدول، إضافة إلى استخدامها المقاطعات الشعبية كسلاح ضد بعض الشركات الأجنبية.
من الواضح أن هناك تضخيما كبيرا من قبل مجموعة السبع بحق الممارسات الصينية تجاه بعض الدول، وهي الممارسات التي تحدث بالفعل غالبا حين تقوم بعض الدول بدعم النظام الديمقراطي في هونج كونج، أو حين تقوم بأعمال توحي بالاعتراف بتايوان، ومخالفة مبدأ الدولة الواحدة، وهو المبدأ الذي تعترف به الولايات المتحدة ذاتها منذ 1979 حين تمت إقامة العلاقات بين أمريكا والصين.
بحسب البرلمان الأوروبي، فإن معظم ممارسات الإكراه التي تقوم بها الصين تتم في الخفاء ودون أي طابع رسمي، ولا اعتراف بها من قبل الحكومة الصينية، لذا نجد في بيان مجموعة السبع في طوكيو الإشارة إلى الحاجة إلى إنشاء جهاز للتنسيق والإنذار المبكر، حين وقوع أي من هذه الممارسات. أي إن هناك ممارسات باطلة بحسب مجموعة السبع، لكن لا يمكن اكتشافها وتحديد طبيعتها إلا من خلال أجهزة كشف وتنسيق!
الحقيقة أن الصين من خلال تحالف بريكس تشكل تهديدا كبيرا وحقيقيا للدول الغربية الكبرى، وهو ما يقلق مجموعة السبع ويجعلها تستنفر ما لديها من قدرات للسيطرة على ذلك، ولا ننسى أن دول بريكس تستحوذ على نحو 27 في المائة من الاقتصاد العالمي، ومجموعة السبع نحو 44 في المائة، لكن نسب النمو تأتي في مصلحة دول بريكس. كما أن وضع الميزان التجاري أفضل في دول بريكس التي لديها فائض بمقدار 394 مليار دولار في 2021، مقابل عجز بمقدار 362 مليار دولار للدول السبع، ولدى دول بريكس احتياطي من الذهب والنقد بمقدار 5.1 مقابل 3.2 تريليون دولار لمجموعة السبع، إضافة إلى تميز دول بريكس في إنتاج الحديد بأكثر من 12 ضعف ما لدى دول السبع، إلى جانب تميزها في إنتاج جملة من المعادن الأخرى، واستحواذها على ربع احتياطي العالم من الغاز، حيث لديها فائض في الإنتاج يعادل 50 مليار متر مكعب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي