Author

عام جديد

|

اعتاد الناس عند بداية كل عام هجري أو ميلادي جديد أن يقوموا بتوديع ذلك العام الذي مضى والنظر بحسرة إلى أهدافهم وخططهم التي لم تتحقق خلاله، وفي الوقت نفسه يبدأون بحماس منقطع النظير في كتابة قائمة لا أول لها ولا آخر من الأهداف والخطط الجديدة التي ينوون تحقيقها في العام الجديد، وتمر الأعوام وبعضهم محلك سر، لا هو الذي تخلص من حسرة مرور عام قديم لم يحقق فيه شيئا، ولا هو الذي احتفل بتحقيق شيء عند نهاية العام الجديد.
الخلل يكمن في اعتقادنا الداخلي بأننا نحتاج إلى تواريخ مميزة ورؤوس أعوام ومواسم معينة حتى نبدأ في وضع الأهداف والخطط، تماما كما يتخيل الشخص البدين أنه يجب أن يبدأ الحمية السبت أو الأحد، وكأنها لا تنفع إن بدأها الثلاثاء أو الأربعاء، حين يصرخ الطفل صرخته الأولى لحظة قدومه إلى هذا العالم، فإن اليوم والتاريخ بحد ذاتهما لم يكونا يعنيان شيئا لوالديه، لكن قيمة وجوده بين أيديهما هي من جعلت لذلك الوقت والتاريخ قيمة ومعنى، وكما الحياة كذلك الموت قد يأتي خلال أي يوم وشهر وعام وموسم.

هذه الحقيقة أتمنى أن تغير مفهوم كثيرين الذين يؤجلون تحقيق أهدافهم وخططهم ليربطوها بتواريخ وأوقات معينة والعكس صحيح، حيث إن قيمة إنجازك لأهدافك وخططك وأحلامك هي من تجعل لذلك التاريخ قيمة ومعنى في حياتك لا العكس.
كل يوم يمر ونحن لا نتقدم فيه خطوة إلى الأمام ولا نستثمر شيئا ولا نعيشه بحب وامتنان ولا ننجز هدفا ولا نحدث تغييرا ولو بسيطا، إنما هو يوم مهدر من حياتنا لا قيمة له، ولذلك من ضمن الأمور التي سنسأل عنها يوم القيامة هو الوقت، لعظمته وقيمته ومقدار قدره في ديننا، قد يعتقد البعض أن المطلوب هو اللهاث المتعب والانغماس في العمل ومطاردة الأحلام والضغط على النفس وإنهاكها بالمتطلبات، وهذا غير صحيح، لأنك إن لم تكن مستمتعا وشغوفا بما تفعله فستشعر بالإحباط والملل وستنفر من جميع أهدافك، وهذا ما يجعل معظم أهداف البشر مجرد حبر على ورق لا قيمة لها.
لذلك لا تربط أي خطة أو هدف في حياتك بيوم أو شهر أو عام أو موسم معين، بل "اعقلها وتوكل"، وابدأ في تلك اللحظة نفسها، فمعظم الذين ينتظرون رأس العام الجديد حتى يكتبوا ما يرغبون في تحقيقه خلاله، سينتهي العام وهم يمسكون بين أيديهم بورقة صفراء باهتة لأهداف لم يتحقق شيء منها!وخزة:
كل يوم في حياتك لا قيمة له إن لم تصنع أنت له قيمة.. فابدأ الآن!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها