Author

شباب الأعمال .. رواد الاستثمار الجريء

|

الحراك الشامل في بلادنا خلال الأعوام القليلة الماضية، خاصة في المجال الاقتصادي لا مثيل له، حتى تحولت نشرات الأخبار في وسائل إعلامنا إلى نشرات اقتصادية بامتياز، ففي الأسبوع الواحد يعقد أحيانا أكثر من ملتقى أو فعالية مهمة لها علاقة بالاقتصاد، تطرح خلالها مسارات اقتصادية ومجالات مستجدة ومصطلحات حديثة طبقت، تثري قاموس المبادرين وتوسع آفاق المستثمرين.
ومن هذه المصطلحات "الاستثمار الجريء"، الذي أسست له منذ 2018 شركة حكومية تهدف إلى تحفيز حلول التمويل والإدارة للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة. وسعدنا الثلاثاء الماضي في الجمعية السعودية لكُتاب الرأي، باستضافة الدكتور نبيل كوشك الرئيس التنفيذي للشركة، الذي انهالت عليه أسئلة الزملاء الكُتاب حتى قبل أن يعتدل في جلسته.
ما هذا الاستثمار الجريء؟ وهل هناك استثمار غير جريء؟ ما الفرق بينهما؟ وأسئلة كثيرة، كما دار حديث شامل طرحت خلاله مداخلات عديدة، وكانت الإجابات عنها مفصلة وبأسلوب مبسط.
ومن المداخلات التي أثارت الانتباه، أن الجرأة أو - لنقل - المغامرة في الاستثمار لا تأتي بالتعلم، وإنما هي جينات توجد عند بعض شرائح المجتمع ولا توجد عند آخرين، ولذا يتعرض هؤلاء للخسارة في بعض الأحيان، لكن يعوض ذلك حجم المكاسب التي يجنيها المستثمر إذا نجحت رهانات الاستثمار، وهذه المخاطرة المرتفعة هي ما تمنع كثيرين من أن يقدموا على الدخول فيه. وهذا هو الاستثمار الجريء الذي أوجدت الشركة السعودية الحكومية لتشجيعه، ويعرف هذا النوع من الاستثمار برأس المال المخاطر، وهو نوع التمويل الذي يقدمه المستثمرون للشركات الناشئة والصغيرة التي لديها إمكانات نمو غير عادية، والأهم من ذلك أن لديها القدرة على مواصلة هذا النمو لمدة طويلة. أما الاستثمار التقليدي، الذي يمنح من خلال منصات التمويل لرواد الأعمال والشركات مقابل بيع جزء من حصصهم في شركاتهم على عدد من المستثمرين، فالمخاطرة فيه تكون أقل، حيث يخضع لمعايير حوكمة ومحاسبية عالية.
وهكذا، فإن المعوق الأهم الذي كان يواجه أصحاب الأفكار المميزة أو المبادرين ذوي الجينات الاستثمارية الجريئة أوجدت له حلولا متنوعة عبر أوعية تمويلية مرنة، ما سهل التغلب على المشكلة الأهم التي كانت تواجه رواد الأعمال الذين ينبغي لهم اختيار الأسلوب الأنسب، واختيار المخاطر التي يرون أنهم قادرون على تحملها مقابل التمويل الذي يمكنهم من الانطلاق في رهاناتهم على أفكارهم التي آمنوا بها. وباتت أساليب التمويل التي عرفها العالم منذ عقود متوافرة لدينا مع تطويرها عبر تسخير التقنية والموثوقية والملاءة التي امتازت بها بلادنا، وتم إدخال بعض التطوير والتعديل لتناسب احتياجاتنا، واستفاد منها شبابنا وتفوقوا فيها ليس محليا، بل عالميا.
وأخيرا، تحية لرواد الأعمال الذين تفوق بعضهم عالميا، كما قال الدكتور نبيل كوشك في اللقاء المشار إليه، وهم يستحقون التشجيع وإبراز تجاربهم ونجاحاتهم لتكون حافزا لغيرهم لينجح، ولإبراز هذا التفوق محليا ودوليا، حيث استغربت جهات عالمية عدم الإبراز الإعلامي لحالات التفوق والنجاحات المشار إليها، ما جعلنا نتوقف ونطالب الشركة السعودية للاستثمار الجريء بأن تهتم بالتوعية والإعلام وستجد التعاون والدعم من كُتاب الرأي ووسائل الإعلام المتخصصة.

إنشرها