Author

«براد» الطائف .. وحر أوروبا

|
عرفت محافظة الطائف كأول مصيف معتبر في بلادنا.. وكانت في الستينيات والسبعينيات الميلادية وجهة الملوك والأمراء والوزراء والمشايخ وكبار الشخصيات في موسم الصيف.. وكان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن "رحمه الله" أول من اتخذ الطائف مصيفا رسميا لمجلس الوزراء ولمكاتب الوزراء، وكانت موازنة الدولة تعلن من هناك في الأول من رجب من كل عام. وتبعا لذلك، اشترى كثير من المواطنين، بل ومواطني دول مجلس التعاون مساكن لهم في الطائف.
ليس في الهدا أو الشفا، فلم تكن معروفة في ذلك الوقت، وإنما وسط الطائف، حيث الجو المعتدل والقرب من الأسواق والمساجد، ولم يكن في الطائف إلا فندق واحد يمكن أن يسكنه الوزراء وكبار المسؤولين، وهو فندق "العزيزية" في برحة القزاز.
ومن عوامل الجذب للطائف قربها من مكة المكرمة، وموقعها المتوسط، حيث يمكن الوصول إليها بالسيارة وخلال ساعات من مدينة الرياض أو أي منطقة أخرى، وعلى الرغم من ظهور مصايف أخرى مثل عسير والباحة، فقد ظلت الطائف الوجهة المفضلة للكثيرين للأسباب التي أشرنا إليها.
وفي هذا الصيف، نافست الطائف أوروبا، التي يسافر إليها كثيرون، حيث ضربت موجة الحر أوروبا، وسجلت درجات حرارة غير معهودة في لندن وباريس ومدريد وغيرها من مدن أوروبا، بل اشتعلت الحرائق بسبب حرارة الجو في أماكن عديدة، بينما ظلت درجة الحرارة في الطائف وجبالها في بحر الـ20 درجة مئوية مقابل أكثر من الـ40 في لندن وباريس، وتلك الأيام والأجواء بيد الخالق سبحانه يصرفها كيف يشاء.
وحتى لا أتهم أنني أميل مع الطائف دون بقية مصايف بلادنا الجميلة، أقول: فعلا أنا أحب الطائف، لكنني أزور المصايف الأخرى، وأذكر أن درجة الحرارة في السودة كانت 12 درجة وقت الظهيرة واتصلت بصديق ذهب إلى لندن فإذا هو يشتكي الحرارة، فدعوته إلى العودة إلى أبها أو الطائف أو الباحة ليجد الجو الجميل والوجوه الباسمة والورد والفواكه في انتظاره.
وأخيرا: كثير من أبناء الشخصيات الذين كان لآبائهم مساكن في الطائف اختار العودة إلى مصيف الآباء، وأعرف منهم عن قرب أميرا مهندسا حول أحد جبال الشفا إلى تحفة معمارية لا ترى تفاصيلها إلا حينما تكون داخل مجالسها الجميلة، وآخر رجل أعمال اتخذ من مزرعته في الهدا مقرا صيفيا أغناه عن أوروبا وحرها والغلاء غير المبرر في الوصول إليها، فضلا عن الإقامة لشهرين أو ثلاثة، وهذا مؤشر إلى عودة حميدة للسياحة الداخلية التي تحتاج إلى دعم من الدولة لإيجاد مساكن مناسبة نظيفة ومناطق ترفيه بأسعار معقولة. ودعم الدولة يتمثل في منح أراض بسعر رمزي في مختلف المناطق خاصة السياحية بشرط استعمالها لبناء مرافق سياحية مع منح قروض ميسرة لمن يستثمر في المجال السياحي، وذلك عن طريق توسيع نشاط صندوق التنمية السياحي، وحبذا دخول صندوق الاستثمارات العامة في هذا المجال، وهذا هو مطلب الجميع، وهو ما يتوافق مع رؤية 2030 وجودة الحياة التي هي من أهم عناصرها.
إنشرها