Author

الاتسام بالحيوية

|
المجتمع المتسم بالحيوية هو في رأيي المجتمع الذي يعي، ثم يطبق متطلبات كل مرحلة من مسيرته، هو الذي - وإن طال الزمن - يتحرر من الصورة النمطية عنه، سواء تلك التي صنعها بنفسها، أو نسجها عنه الآخرون.
لا أتابع كرة القدم كثيرا لكن بعد انتهاء مسابقات كرة القدم السعودية لهذا العام، خطر لي وأنا أتابع العناوين لمن فرح وحزن، أن قطاع الرياضة بات أكثر حيوية، فلم يعد هناك خمسة أو ستة كبار والبقية صغار، ولم يعد هناك أطر تتمثل في تأكيد صورة معينة عن أي ناد وفي أي رياضة يمارسها.
في الغالب الأعم أصبح الوضع أن التميز لمن يعمل بمهنية، ومن يعطي المنافسة حقها من العمل والاحترام، ومن يرتكز على ثقافته الخاصة وأسلوبه الإبداعي، ببساطة صعدت ونجحت أندية لأنها فكرت خارج الأطر التقليدية، وتدهورت أو تراجعت أخرى لأنها تبدو أو تبدو إداراتها ولاعبوها منعزلين عن السياقات الحديثة لكرة القدم، وعن ذائقة الجماهير الجديدة المتمثلة في الشباب الأصغر سنا ومن الجنسين، أي إنها ما زالت تعمل وفق أطر تقليدية عفا عليها الزمن. لست بصدد الاسترسال في الكرة والرياضة، الفكرة تشمل أشياء كثيرة في بلادنا، فالاتسام بالحيوية طال كثيرا من القطاعات، اختر أي قطاع، تجد أن هناك أسماء جديدة، أو أخرى قديمة جددت روحها وأساليبها باتت اليوم في الواجهة أو المقدمة أو صاحبة الحصة السوقية الأفضل، لماذا؟ لأنهم عملوا بمنهجية قوامها التكنولوجيا والإبداع والتفكير خارج الأطر التقليدية.
هذه الحيوية تزايدت وتيرتها مع إطلاق "الرؤية السعودية"، الرؤية التي ركزت على اقتصاد قوي ومتنوع يدفع باتجاه التنمية المستدامة، وعلى مجتمع ينعم بالرفاهية الاجتماعية التي لا تتحقق بالمال فقط على أهميتها، لكن بتعدد الخيارات، وتساوي الفرص، وتغيير الصور النمطية باتجاه مواجهة الواقع وتحقيق متطلبات جودة الحياة الحقيقية.
التعميمات التي عشناها في أكثر من مجال حول الأكبر والأهم في السوق أو القطاع الرياضي أو الثقافي أو الفني والاقتصادي، وأي حظوة انبثقت منها، كلها تلاشت مع ترك التصنيفات الاختزالية لأي قطاع أو جزء من المجتمع.
وعودا على بدء فالوسط الرياضي "ومثله أي وسط آخر" ليس ثابتا ومؤطرا ومحددا بقوالب الماضي، إن له من الخصائص المتباينة ما لأي وسط رياضي في بلد تقدم كرويا ضمن تقدمه الحضاري الدنيوي، ولذا فهو مع الوقت سيجعلنا نعتاد على مفاجآته اعتيادنا على أن الإنتاج والإبداع هما من سيوصلنا إلى التفوق ومناكبة المتفوقين.
إنشرها