مصاب

في إجازة منتصف الفصل الثاني قبل أسبوعين قررنا أن نسافر عند الأهل، ورغم أنني وأسرتي من الأشخاص الملتزمين تماما بالإجراءات الاحترازية والتعقيم عند كل دخول وخروج من المنزل ولبس الكمامة، إلا مع الأسف عندما سافرنا تجاهلنا كل ذلك حين شعرنا بلمة العائلة ودفء العلاقات وحلاوة السهر في ليالي الشتاء الطويلة. "طنشنا" الاحترازات وأصبحنا نمر مرور الكرام على المعقمات، أما التباعد فقد كان آخر همومنا. كان جدولنا مزدحما بالنزهات والزيارات العائلية و"الكشتات"، وطبعا كانت الأحضان والمصافحات هي سيدة الموقف في كل اللقاءات. لم يمر أسبوع فقط على وجودنا حتى أصبت وزوجي وابنتي بكورونا ولأول مرة منذ ظهور هذه الجائحة أرى كلمة "مصاب" في تطبيق توكلنا الخاص بنا. ومن وحي هذه التجربة سأذكر لكم شيئا من الدروس:
- مهما كنت شخصا مجاملا فإياك أن تكون صحتك هي إحدى أدوات مجاملاتك، فهي الشيء الوحيد الذي لن يشعر بفقدانه سواك فلا تجامل أحدا في ظل هذه الجائحة، واجعل تعبيرك عن مشاعرك شفويا وابتعد تماما عن الأحضان والمصافحة والقرب الجسدي.
- لا تكن أنانيا ولو دون قصد، فمتعتك العابرة في إشباع رغبتك بالنزهات والزيارات لن تتسبب لك بالأذى وحسب، بل ستتعداه إلى الإضرار بأحبتك كوالديك وأبنائك وكل من حولك، وسيكون الأذى مضاعفا لو أن واحدا منهم يعاني مرضا مزمنا كالضغط والسكر والربو والقلب وغيرها.
- لا تضخم الخوف في داخلك حين تصاب بكورونا ولا تجعل وقعه على نفسك أشد من كورونا نفسها لأنك حينها ستكون فريسة سهلة للأفكار المغلوطة وبيئة خصبة لاستقبال الشائعات، وستهرع للبحث عن تجارب الآخرين وهذه كارثة في حد ذاتها لأنك ستتخبط وستخاف وستتدمر نفسيتك، فحاول أن تكون هادئا واحمد ربك على أقداره واحرص على معرفة المعلومات من مصدرها المختص في وزارة الصحة.
- بعد إصابتك بكورونا ستحتاج إلى رفع مناعتك النفسية والعضوية، وكلاهما في غاية الأهمية لاجتياز الأمر بإذن الله تعالى، الدعاء والقرآن والصلاة ستخفف عنك كثيرا وكذلك القراءة والتحدث مع أهل الاختصاص وعدم الاستسلام للأوهام، وعليك الحرص على رفع مناعتك من خلال تناول الفاكهة والخضار والفيتامينات وتهوية المنزل والمشي ولو عشر دقائق.
- التزامك بالعزل المنزلي هي أمانة سيسألك الله عنها، وتحايل البعض للخروج من المنزل ليس شجاعة بل جريمة.

وخزة:
فلنكن متفائلين بأن كورونا ستنتهي كما انتهى الجدري والطاعون والسل وغيرها!