لماذا تتبنى إدارات الضرائب التحول الرقمي؟ «2 من 2»
وبشأن مستقبل آني وأكثر سهولة في استخدام التقنية الرقمية فإنه وفي ظل وجود هذه التغييرات الجارية حاليا، من المرجح أن تبدو الضرائب مختلفة كثيرا في المستقبل. وبدلا من تخزين كميات هائلة من بيانات دافعي الضرائب، سيتاح للإدارات إمكانية الوصول إلى الدفاتر المشفرة الموزعة التي تمكنها من رصد المعلومات عن الضرائب بسلاسة وبصورة آنية. ولهذا الأمر فائدة إضافية تتمثل في جعل إدارات الضرائب "أقل وضوحا" للجمهور كما سيتزايد دعم قرارات إدارات الضرائب وتعزيزها بواسطة الذكاء الاصطناعي. إلا أنه ستجب مراقبة النظام من كثب لاكتشاف الأخطاء. ويمكن أن تصبح إدارات الضرائب مستودعات لمزيد من البيانات الحكومية. ومن شأن هذا الأمر أن يمنحها دورا مركزيا في صياغة السياسات الاقتصادية، مما يمكن واضعي السياسات من مراجعة المعاملات التي تتم في الاقتصاد وإتاحة إمكانية التنبؤ على نحو أفضل. ومن الممكن أن يصبح النظام الضريبي أكثر سهولة من حيث الاستخدام. وقد تشمل الخدمات الإقرارات الضريبية التي تستوفى مسبقا، وتمكين دافعي الضرائب من الاطلاع على معلومات تقديم الإقرارات الخاصة بهم، ومشاركة البيانات مع البنوك لتسريع الموافقات على الائتمان، إلى جانب استفسارات الباحثين والمجتمعات المحلية عن الملفات الضريبية التي تراعي المحافظة على الخصوصية وستعمل إدارات الضرائب على تبسيط التعامل بين دافعي الضرائب ومسؤولي الضرائب، على سبيل المثال عن طريق ربط أنظمة المحاسبة للشركات بالمنصات التي تتيحها إدارات الضرائب لتقديم الإقرارات الضريبية إلكترونيا وخدمات الدفع الإلكتروني.
وحول إنجاح التغيير فإنه على الرغم من جميع الفوائد التي يحققها هذا التحول، فإنه يواجه تحديات كبيرة، حيث تظهر الأبحاث أن معظم مبادرات التحول الرقمي لا تكلل بالنجاح. فمن بين 1.3 تريليون دولار تم إنفاقها في عام 2018، تم إهدار ما يقدر بنحو 900 مليار دولار. ولتحقيق النتيجة المرجوة، يجب أن يدرج التحول الرقمي في الأنظمة الضريبية تحالفا واسع النطاق من الأطراف المعنية لتنفيذ الإصلاحات القانونية اللازمة وتوفير التمويل المطلوب.
ويجب أن يركز هذا التحول أيضا على تحقيق القيمة عن طريق تبسيط الإجراءات وجذب دافعي الضرائب على نحو دائم إلى استخدام نظام تقديم الإقرارات الضريبية إلكترونيا، ومنظومة الدفع الإلكتروني، والمستندات الإلكترونية. ويمكن تحقيق القيمة من خلال تخفيض تكاليف الامتثال، وزيادة اليقين الضريبي، ورفع مستوى الامتثال. إضافة إلى ذلك، يجب أن يهدف الإصلاح إلى تغيير الثقافة السائدة لتتحول من إدارة العمليات إلى إدارة البيانات، ويتعين على الإدارات أن تركز على الحصول على البيانات الصحيحة. وقد أخبرنا مسؤولو أحد البلدان مرتفعة الدخل أنه توجد أخطاء في 15 في المائة من ملفات دافعي الضرائب، وأن 98 في المائة من الإقرارات الضريبية يمكن استيفاؤها مسبقا ببيانات من البنوك.
أخيرا، يجب على إدارات الضرائب إدخال أنظمة قابلة للتطوير والتشغيل البيني التي يمكن استخدامها على مستوى الإدارات، وفي المقر الرئيس، وعلى المستوى الميداني. وقد تكون هذه العملية مرهقة، إلا أنه بتوفير التمويل والمساعدة الفنية، قدم البنك الدولي بالفعل الدعم للجهود التي يبذلها مسؤولو الإدارات بشأن تفعيل الميكنة والرقمنة في عشرات البلدان ــ ما يعود بالفائدة على الحكومات والمواطنين على حد سواء.