أسرار الدموع

الدموع وما أدراك ما الدموع! فكم تخفي وراءها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الله، إذ لطالما أخفى من يذرف الدموع سببها.
ومن العجب أن هذه الأسباب قد تكون متضادة أحيانا، وذلك لارتباطها الوثيق بمشاعر الإنسان، فقد تذرف الدموع حال الفرح الشديد وبالعكس قد تكون انعكاسا لحزن بالغ، فهي إذا وسيلة تعبير مدهشة.
فقد ترى عند الخوف أو الخشية أو عند الألم الجسدي أو النفسي كما قد تكون كاذبة لا تعبر عن شي بقدر ما تكون وسيلة خداع، وحينها تسمى دموع التماسيح لأن التمساح يذرف الدمع بشكل عفوي. يرى الخبراء أنه سلوك مصاحب لتناوله الطعام، حيث يختلط الهواء الذي يدفع عبر الجيوب الأنفية سوائل الغدد الدمعية، ما يؤدي إلى سيلان الدموع، وعادة ما يكون هذا النوع من الدموع وسيلة للاستجداء أو رغبة في تعاطف الآخرين.
هناك نوع من الدموع تسمى الدموع الانعكاسية وهي التي تذرفها العيون عند تعرضها لمواد مهيجة، ولكن هذه لا شأن لنا بها! إنما ما سنشير إليه هي الدموع الناتجة من مشاعر جياشة قد يكون مثلها حرزا من النار، ففي الحديث: "عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله من ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. الحزن هو الآخر من مسببات انسكاب الدموع. تقول الخنساء في رثاء أخيها صخر:

ما بال عينيك منها دمعها سرب
أراعها حزن أم عادها طرب
أم ذكر صخر بعيد النوم هيجها
فالدمع منها عليه الدهر ينسكب

الفراق هو الآخر الذي يعد من أصعب الأمور على النفس البشرية، إذ لطالما هيج البكاء وكان سببا في أن تذرف الدموع.

لا ترحلن فما أبقيت من جلدي
ما أستطيع به توديع مرتحل
ولا من الندم ما ألقى الخيال به
ولا من الدمع ما أبكي على الطلل

وتجسد نورة الحوشان ذلك بقولها:

يا عين هلي صافي الدمع هليه
وآليا قضى صافيه هاتي سريبه
اللي يبينا عيت النفس تبغيه
واللي نبي عيا البخت لا يجيبه

تشير الدراسات إلى أن كبت الدموع قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض، ولذا لصحتك أطلق العنان لعينيك تذرف الدمع كيفما شاءت!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي