المرأة السعودية بين التحديات والتطورات المتلاحقة

شهدت المملكة العربية السعودية خلال العقود الأخيرة تحولات عميقة وواسعة وإيجابية في مجال تمكين المرأة، أثرت بشكل مباشر في حضورها في سوق العمل والقوى البشرية الوطنية والمواقع القيادة. فمنذ سنوات كان مجرد الحديث عن عمل المرأة في بعض القطاعات يواجه بمعارضة شديدة من خلال طرح آراء صعبة المنال، إلا أن رؤية السعودية 2030 قادت مساراً مختلفاً جعل من مشاركة المرأة أولوية وطنية، وفتحت أمامها أبواباً كانت مغلقة لعقود.

من خلا تجربتي الشخصية شهدت كثير من المعوقات في توظيف المرأة في مواقع مختلفة وهذه التجارب تبرز هذا الواقع المتغير الذي كان صعبا في تطبيقه وتنفيذه في بيئة أعمال نشطة وقطاع حيوي نحتاج فيه حصول المرأة على مواقع الوظائف المطلوبة التي تتلاءم مع قدرتها ومؤهلاتها أو أيضا الانطلاق للعمل في بيئة صناعية تحتاج قدراتها.

ونحن رجال الأعمال ومن باب حرصنا القوي نعمل على أن تكون المرأة في الصفوف الأولى لتكون مشاركتها إيجابية ومساهمتها فعالة، وقد جعلت مبادرتنا في القطاع الخاص المرأة تحتل مواقع مميزة، ونتج عنها دعمنا في وجودها في المواقع المهمة ما جعلها من القوة البشرية الرائدة في نشاطات مختلفة. هذه المواقف لم تكن مجرد أحداث عابرة، بل كانت تعبيراً صريحاً عن مقاومة التغيير. كما حرصنا بكل ما أوتينا من قوة أن نطالب بعمل المرأة في المصانع حتى نجحنا في الوصول إلى المستهدف المطلوب.

وحتى في اللجان التنفيذية طالبنا بتوظيف المرأة، حتى تحتل موقعها القيادي الرشيد ورغم كل هذه التحديات التي عشناها قبل 2015، فإن الأرقام بعدها تبرز قصة نجاح مذهلة. فمن 2016 إلى 2024 ارتفعت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل من 19.4% إلى 35.4%، في قفزة تاريخية خلال فترة وجيزة. وتسعى السعودية إلى الوصول لـ40% بحلول 2030، وهو هدف يبدو اليوم قريب المنال. هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير بيئة عمل داعمة، إضافة إلى برامج التمكين وريادة الأعمال التي فتحت المجال أمام النساء لإطلاق مشاريعهن الخاصة.

ولا يمكن في هذا السياق إغفال الجهود التي بذلتها الحكومة السعودية التي مهدت الطريق، خاصة في برنامج الابتعاث، والقرار التاريخي بضم تعليم البنات لوزارة المعارف. كما لا ننسى جهود وزراء العمل. تلك المواقف صنعت أرضية صلبة لما نعيشه اليوم.

واليوم نرى رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تتحقق بدعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. ما كان حلماً بالأمس أصبح واقعاً ملموساً، ومن واجبنا أن نترجم هذه الإصلاحات إلى ممارسة عملية تضمن المساواة والتقييم الكفائي في التعينات القيادية النسائية، مع إعطاء المرأة الوقت الكافي للنضج الإداري وتولي المناصب القيادية بثقة واقتدار وتدريبها لمواجهة المواقف المختلفة وأهمها قدرتها على إدارة زميلات لها.

إن قصة عمل المرأة السعودية هي قصة وطن بأكمله؛ وطن يواجه التحديات، ويصنع التغيير، ويؤمن أن نصف المجتمع يستحق أن يكون شريكاً كاملاً في مسيرة النهضة، وأسال الله أن يديم على قائد مسيرة التغيير الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء عزة وتمكينا، ويوفقه ويسدد رأيه.

 

كاتب اقتصادي ورجل أعمال

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي