قرارات الإغلاق والأوضاع الاقتصادية «2 من 2»

زاد دعم البنك الدولي لعمليات الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكثر من الضعف؛ ما سمح بزيادة عدد المستفيدين من مليونين إلى 16 مليون مستفيد. ويدل حجم هذه الزيادة على أن نظم الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت مستجيبة وقابلة للتوسع. وتجاوزت الاستجابة الطارئة حدود نظم الحماية الاجتماعية المطبقة في دول المنطقة، حيث اضطرت لاستخدام التكنولوجيا في المدفوعات، والتوسع في استخدام السجلات الاجتماعية، والتوسع في نطاق التغطية الاجتماعية وتقديم المنافع، إضافة إلى عديد من الإجراءات الأخرى.
وسيكون للجهود المبذولة حاليا للتطعيم ضد فيروس كورونا دورها الحاسم في قيادة عملية التعافي في دول المنطقة، ومع ذلك ستكون الحماية الاجتماعية بالقدر نفسه من الأهمية في الأشهر والأعوام المقبلة. حتى مع ترسخ التعافي ستواجه الحكومات قيودا صارمة على الميزانيات، الأمر الذي سيؤدي إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن الإنفاق العام وخيارات السياسات الاقتصادية والاجتماعية. أما بالنسبة للأسر الفقيرة والأولى بالرعاية والمجتمعات المحلية والشركات الصغيرة، فإن العودة إلى الوضع الطبيعي الجديد ستعتمد على خيارات السياسات التي تلبي احتياجاتها.
وبالتالي، فإن إعادة التفكير في الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصبح أكثر أهمية للمضي قدما. وسيكون من الأهمية بمكان مساعدة الدول على تقوية وتعزيز الإصلاحات على مستوى السياسات والتدابير المبتكرة التي توفر تغطية كافية للحماية الاجتماعية بالنسبة للعاملين في القطاع غير الرسمي وإصلاح الدعم الذي يفيد الأغنياء أكثر من الفقراء لصنع حيز مالي لشبكات الأمان الاجتماعي المستهدفة وتعزيز نظم تطبيقها والاستثمار في المؤسسات التي يمكن أن تدافع عن أجندة الحماية الاجتماعية للمساعدة على توجيه السياسات والتنفيذ.
لقد أوجدت جائحة كورونا أزمة هائلة لكنها أتاحت الفرصة أيضا أمام دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبناء أنظمة حماية اجتماعية أكثر تكيفا ومرونة وشمولا. وهناك عديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من استجابة الحماية الاجتماعية لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للجائحة العالمية. ولا تزال تدابير الاحتواء قائمة إلى حد كبير في عديد من دول المنطقة بسبب الموجتين الثانية والثالثة من الجائحة، ولا تزال الاستجابة الطارئة للإغاثة غاية في الأهمية. وبالنسبة لمعظم الدول على الصعيد العالمي، فقد بلغ متوسط التحويلات النقدية لتجاوز فترة الطوارئ ما بين ثلاثة وأربعة أشهر.
وفي الوقت الذي تضع فيه الدول استراتيجيات للتعافي والخروج من الأزمة، ستكتسب برامج الحماية الاجتماعية أهمية أكثر بالنسبة للفئات الأشد فقرا والأكثر احتياجا، ومساعدة الأشخاص على انتشال أنفسهم من براثن الفقر الذي انزلقوا فيه.
وستحتاج التدابير المبتكرة في مجال الحماية الاجتماعية إلى بناء أوجه التآزر مع الاستثمارات الأخرى في التعليم والصحة، وفرص العمل، حتى تكون لها تأثيرات أكثر ديمومة وأهمية. وسيكون الابتكار المستمر في تدابير الحماية الاجتماعية والدروس المستفادة وتبادل الخبرات في تصميم وتنفيذ هذه التدابير أمرا حيويا في تشكيل الوضع الطبيعي الجديد في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الأعوام المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي